الوقت- بعد وصوله إلى البيت الأبيض، وإصداره مجموعة من القرارات المثيرة للجدل، كان لابد من شُكر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لكشفه الوجه الحقيقي للولايات المتحدة الأمريكية، هذه الدولة التي تجمع مواطنيها تحت مسمى "الأمة الأمريكية" لأنه ليس هناك مايسمى" القومية الأمريكية" وهذا ما بدا جلياً في القرار الذي اتخذه سكان ولاية كاليفورنيا بالإنفصال عن أمتهم أمريكا.
رغبة سكان ولاية كاليفورنيا بالإنفصال لاتنحصر فقط بوصول ترامب إلى الحكم، بل تتعدى ذلك لأسباب إقتصادية وسياسية سنقوم بذكرها خلال هذا التقرير.
لايمكن لأحد أن يتجاهل الغضب العارم الذي مازال يسيطر على سكان ولاية كاليفورنيا جراء فوز ترامب بالإنتخابات الأخيرة ووصوله إلى الحكم. ويجب أن نذّكر أن كاليفورنيا تمتلك 55 صوتاً من المجمع الإنتخابي أي أكثر من 10% من إجمالي أصوات الولايات الأميركية مجتمعةً، وخلال الانتخابات الرئاسية في نوفمبر تشرين الثاني عام 2016، كانت هذه الأصوات جميعها لصالح هيلاري كلينتون والحزب الديمقراطي.
هذا الأمر عقد المشكلة أكثر وأكثر بين الحكومة الأمريكية وولاية كاليفورنيا التي زاد إصرارها على الإنفصال عن أمريكا بعد فوز ترامب، وبدأت الولاية أولى خطواتها العملية بالإنفصال من خلال جمعها للتواقيع بهدف المطالبة بإستفتاء حول الإنفصال، بعد أن أعلن سكرتير الولاية أليكس باديلا، أنه تسلم اقتراحاً من جماعة "حملة نعم لاستقلال كاليفورنيا"، يقضي بدعوة الناخبين إلى التصويت على إلغاء جزء من دستور الولاية يُلغي تبعية كاليفورنيا للولايات المتحدة، وفعلاً نالت هذه الحملة تصديق "باديلا" للبدء بجمع ستمئة ألف توقيع تقريباً وهي كافية لطرح اقتراح الانفصال للتصويت العام "الإستفتاء".
وهنا لابد من الإعتراف بأن الإنتخابات الرئاسية الأخيرة وانتخاب ترامب كرئيس للجمهورية أثار الكثير من الجدل في الداخل الأمريكي، وكشف عن السخط الداخلي العميق لسكان ولاية كاليفورنيا الذين شككوا بنتائج الانتخابات.
اليوم، موضوع "كاليكسيت" أو استقلال كاليفورنيا عن الولايات المتحدة الأمريكية والذي يعتبر بشكل أو بأخر محاكاة لـ"بركسيت"، يتم طرحه بشكل جدي في الأوساط الإجتماعية والسياسية في هذه الولاية، التي تمتلك فرصة كبيرة للإنفصال عن أمريكا وتصبح دولة مستقلة بحد ذاتها.
ولابد من الإشارة إلى أن تعداد سكان ولاية كاليفورنيا يزيد عن 40 مليون نسمة واحتلت الولاية المرتبة التاسعة إقتصادياً على مستوى العالم في العام 2012، وفي حال إنفصالها عن أمريكا ستحتل المرتبة السادسة بالإقتصاد العالمي. كما أن الناتج المحلي الإجمالي للولاية وصل إلى 1،958،904تريليون دولار.
هذا الرقم يعادل ميزانية إيطاليا، وبالتالي فإن هذه الشروط وغيرها شجعت سكان الولاية على التصويت بالإنفصال عن الولايات المتحدة الأمريكية.
حتى الآن، يعتبر إنفصال كاليفورنيا عن الولايات المتحدة الأمريكية خط أحمر بالنسبة للحزب الديمقراطي والجمهوري، فزعماء الحزب الديمقراطي لايرغبون بإنفصال الولاية لأنها من الولايات المحسوبة تاريخياً للديموقراطيين وفازت فيها كلينتون على ترامب، أما رؤساء الحزب الجمهوري لايريدون إنفصال الولاية لمصالحهم الشخصية حيث تتمتع الولاية بمكانة إقتصادية مهمة على المستوى العالمي، ولكن سعي كلا الحزبين لممانعة إنفصال كاليفورنيا من الولايات المتحدة الأمريكة ممكن ألا يجدي نفعاً بالأيام القادمة.
وخاصة أن جميع المصادر الإخبارية تؤكد أن أكثرية سكان ولاية كاليفورنيا يؤيدون الإنفصال عن الولايات المتحدة الأمريكية، وفي عام 2019 سيتم إجراء استفتاء يقررالناخبون ما إذا كانوا يؤيدون الانفصال عن أمريكا أم لا.
والجدير بالذكر أن وصول ترامب إلى البيت الأبيض والقرارات الأخيرة التي اتخذها، أعطت حافزاً أكبر لسكان كاليفورنيا بإتخاذ قرار الإنفصال. التحذيرات الأخيرة التي صرح بها ترامب حول الوضع الحالي في كاليفورنيا تشير إلى حساسية الوضع هناك والخوف من أن يحدث الإنفصال بشكل جدي في الأيام القادمة.
وفي حديث خاص كا قد أجراه الرئيس الأمريكي مع "شبكة فوكس نيوز" في وقت سابق وصف رغبة سكان كاليفورنيا بالإنفصال عن أمريكا "بأنه أمر مثير للسخرية" وقال للمذيع الذي أجرى معه المقابلة "بيل اوريلي": "كما تعلم فإنني أعارض بشدة مدن الملاذ "في إشارة إلى كاليفورنيا". فهي تولد الجريمة، وهناك الكثير من المشاكل. علينا أن نمنع التمويل، فنحن نقدم مبالغ هائلة من المال إلى كاليفورنيا التي أصبحت في نواحٍ كثيرة خارج نطاق السيطرة".
من جهته صرح زعيم حركة "معاً لإستقلال كاليفورنيا" لويس مارينيللي بأن القسم الأكبر من سكان الولاية يرغبون بالانفصال عن الولايات المتحدة، ويعولون على مساعدة روسيا في هذا الأمر.
وأضاف مارينيللي إن أكثر ما يغضب السكان في علاقات الولاية مع الحكومة الفدرالية هو سياسة واشنطن الضريبية.
وأكد مارينيللي أن ولاية كاليفورنيا تسدد سنويا ضرائب بحجم 16 مليار دولار أكثر مما تحصل من المركز الفدرالي لتمويل الخدمات الطبية والتعليم وتطوير البنى التحتية. ونتيجة لهذا يتكون وضع تدفع فيه ولاية كاليفورنيا النسبة الأعلى من الضرائب وتحصل على أسوأ المؤشرات في التعليم.