الوقت- مع اقتراب الذكرى المئوية الاولى لمجازر الابادة الجماعية والتي تحييها العاصمة الارمنية بريفان يوم غد الجمعة، یزداد يوماً بعد يوم اعتراف حكومات العالم بالجريمة البشعة التي اقترفها العثمانيون ضد الأرمن في عام 1915 والتی أودت بحياة 1.5 مليون أرمنى، ما یعادل ثلثي الأمة الأرمينية آنذاك. فبعد اعتراف الاتحاد الاوروبي بعمليات ابادة الارمن واشتراطه على انقرة الاعتراف بالجريمة كشرط مسبق لدخول الاتحاد الاوروبي، بدأت العواصم الاوروبية واحدة تلو الاخرى بتسمية الجرائم العثمانية بعمليات الابادة الجماعية، بينما بقي البيت الابيض يتهرب من التعبير.
حیث أدان البرلمان النمساوي بجميع أحزابه أمس تلك الجرائم معترفا بأنها “إبادة جماعية وجريمة بحق الشعب الأرمني”.وقال بيان صادر عن جميع أحزاب البرلمان النمساوي وعددها ستة “إن ما قامت به قوات السلطنة العثمانية آنذاك إنما هو إبادة جماعية وجريمة بحق الشعب الأرمني والتي أدت الى مقتل نحو مليون ونصف مليون أرمني على يد القوات العثمانية في فترة وقوع الحرب العالمية الأولى”.
بدورها قالت رئيسة البرلمان النمساوي دوريس بوريس أن الوقت حان “للاعتراف بإبادة السلطنة العثمانية للشعب الأرمني”. وأشارت بوریس إلى أن انعقاد جلسة البرلمان النمساوي اليوم سیبدأ بالوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح ضحايا المجازر العثمانية بحق الأرمن سنة 1915 .وكان رؤساء كتل الأحزاب النمساوية الحاكمة والأحزاب المعارضة في البرلمان وجهوا انتقادات قوية للحكومة النمساوية الاتحادية والرئاسة والخارجية بسبب موقفهم غير الواضح من مجازر العثمانيين ضد الأرمن موضحين ان المستشارية والخارجية تتحاشيان إصدار أي بيان أو الإعلان عن موقف من شأنه أن يؤدي إلى توتر العلاقات التركية النمساوية رغم إقرار الحكومة النمساوية بجرائم القوات العثمانية الشنيعة دون الاعتراف أو الإفصاح علناً بأنها إبادة جماعية.
مجلس النواب الالماني على طریق الاعتراف بالابادة الارمنیة
وفي موضوع متصل أعلن مجلس النواب الألماني أول أمس ایضاً مناقشة مشروع قرار يندد بالمجازر التي ارتكبتها السلطنة العثمانية بحق الأرمن قبل مئة عام مبينا أن مشروع القرار يؤكد أن “ما تعرض له الأرمن مثال صارخ يندرج في إطار تاريخ الجرائم الجماعية والتصفيات العرقية وعمليات طرد السكان والإبادات التي حصلت في القرن العشرين” في حين طالب خبراء دوليون خلال مؤتمر علمي في موسكو أول أمس بضرورة اعتراف تركيا بجرائم الإبادة التي ارتكبت بحق الأرمن والتي تصنف بالقانون الدولي في حقل الجرائم التي لا تسقط بالتقادم مشددين على وجوب قيام أنقرة بتعويض الخسائر البشرية والمادية الناجمة عن هذه الجرائم.
وفي السياق ذاته انتقدت عدة وسائل اعلامية اوروبية بشدة موقف النظام التركي المتعنت والمتعصب إزاء رفضه المستمر إنكار حقيقة المجازر والمذابح العثمانية ضد الشعب الأرمني عام 1915 مشيرة إلى أن هذا النظام برئاسة رجب طيب اردوغان يتهرب من مسؤولياته الأخلاقية والسياسية عبر اتهامه المجتمع الدولي بأنه يحيك له مؤامرة دولية .وسبق تلك الاعترافات والمناقشات الاوروبیة حول تعبير الابادة الجماعية، اعتراف من رأس الفاتیکان بتلك الجرائم حیث اعتبر البابا فرنسيس في مطلع الاسبوع الحالي الحادث بأنه “أول إبادة جماعية في القرن العشرين”.
البیت الابیض یتهرب من استخدام مصطلح الإبادة الجماعية
اما في واشنطن فقد تهربت الإدارة الأمريكية مجددا من وصف المجازر الارمنیة إبان الحرب العالمية الأولى “بالإبادة ”.وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن البيت الأبيض طالب أمس بما سماه “اعترافا كاملا وصريحا وعادلا بالمجازر التي ارتكبت بحق الأرمن” ولكن دون استخدام مصطلح "الإبادة الجماعية" لوصف هذه المجازر التي راح ضحيتها نحو مليون ونصف مليون أرمني.
وقالت الرئاسة الأمریكية في بيان إن “دنيس ماكدونو كبير موظفي البيت الأبيض وبن رودس مستشار السياسة الخارجية للرئيس باراك أوباما التقيا وفدا من الأرمن الأمریكيين وتباحثا معه في الذكرى المئوية الأولى للمجازر موضحة أن المسؤولين الأمریكيين أكدا على أهمية هذه المناسبة لتكريم 1.5 مليون أرمني قضوا خلال تلك الفترة المروعة”.
وكان الرئيس الأمریكي باراك أوباما وعد خلال حملته الانتخابية الأولى للسباق الرئاسي في عام 2008 بأنه سيعترف بالابادة الجماعية بحق الأرمن من قبل السلطنة العثمانية إلا أنه لم يف بوعده ولم يأت على لسانه كرئيس هذا اللفظ طوال سنوات حكمه ولا سيما في البيانات التي تصدر سنويا في ذكرى المجازر التي يحييها الأرمن عبر العالم في الـ 24 من نيسان .ويصر البيت الأبيض على عدم استخدام وصف الإبادة على الرغم من أن الكونغرس الأمریكي اعترف بـ"الإبادة الأرمنية" منذ وقت طويل وذلك بموجب قرارين أصدرهما مجلس النواب في عامي 1975 و1984
وتحيي أرمينيا هذا العام الذكرى المئوية الأولى للإبادة الأرمنية ضمن سلسلة احتفالات تحت شعار “أنا أتذكر وأنا أطالب” معتمدة رمز زهرة الانموروك البنفسجية التي تعيش كل أيام السنة وتزهر تحت الثلج لاستذكار المأساة الكبيرة.