الوقت - يرى الكثير من المحللين أن ثنائي تيريزا ماي وترامب يشبه الى حد كبير ثنائي مارغريت ثاتشر ورونالد ريغان في عقد الثمانينات. كما يتشابه استفتاء بريكست مع انتخاب ترامب باعتبارهما ظاهرتين سياسيتين انتصرت فيهما النزعة الشعوبية؛ فهل يمكن اعتبار أن البلدين سيكونان حليفين قويين لأحدهما الآخر؟
نشرت صحيفة "كريسشان ساينس مونيتور" الامريكية مقارنة لافتة للنظر بين الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان والرئيس الحالي دونالد ترامب. ففي عام 1980مـ واجه ريغان صعوبة حتى في الترشح لرئاسة الجمهورية عن الحزب الجمهوري، إلا أنه أصبح رئيسا للولايات المتحدة لدورتين؛ وفي عام 2017 ربما سيحيي الملياردير الأمريكي، ومقدم البرامج، دونالد ترامب ذكريات عقد الثمانينات، حيث أن اوجه التشابه بينه وبين ريغان كثيرة.
وفي حوار مع قناة فوكس نيوز قال ترامب حول اوجه الشبه هذه: هو {ريغان} كان ديمقراطيا وليبراليا، ولكنه كان ينتهج سياسة المحافظة الى حد كبير، فأصبح رئيسا كبيرا وزعيما أكبر، وقد كان له قلب عظيم، وأنا أيضا قلبي عظيم".
شبيهة تاتشر في داوننغ ستريت
وتجري الامور بصورة مشابهة، على الجانب الآخر من المحيط الاطلسي، في أرض أسلاف الأمريكان، في الأرض التي يعتبر سكانها أنهم هم من انشأ فكرة المحافظة السياسية. حيث انتصرت تيريزا ماي في الصراع الانتخابي لشغل منصب رئاسة الوزراء، لتصف وسائل الاعلام الحدث بدخول شبيهة تاتشر الى المنزل رقم عشرة في شارع داوننغ بلندن؛ ووصفت وسائل الاعلام تيريزا ماي بـ "المرأة الحديدية الثانية" في بريطانيا، وهو اللقب الذي نالته سابقا مارغريت تاتشر، ومن المقرر أن تقود ماي البلاد خلال مرحلة تاريخية صعبة.
تاتشر وريغان وتعزيز التفوق الغربي
قبل 30 عاما قاد ريغان وتاتشر ثورة مهمة في الفكر الاقتصادي والسياسة الخارجية، وهو الامر الذي أعاد تعريف مفهوم السياسة الانجلوسكسونية المحافظة.
لقد دخل ريغان وتاتشر السباق الانتخابي في آن واحد تقريبا، وحملا شعار تجديد البنية الاقتصادية، وبعد انتصارهما في الانتخابات أضافوا الكثير من الحرية لاقتصاد أمريكا وبريطانيا، على الترتيب، وحدا من دور الحكومة في إدارة هذه الملفات، كما وسعا علاقات السوق الحرة لتدخل مجالات جديدة، وبصورة عامة روج الثنائي للسياسة التي عرفت بعد مدة قصيرة بالليبرالية الجديدة.
التاريخ لن يعيد نفسه
وفي هذا الصدد تقول تيريزا ماي: "أنا سعيدة جدا بلقاء ترامب، هذه علامة تشير الى تعزيز العلاقات القوية بين البلدين. إن لبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية علاقات تاريخية طويلة قائمة على التحالف والصداقة، ونريد أن نقوم بما يضمن استمرار أخذ المصالح الوطنية بين الجانبين بنظر الاعتبار في المستقبل".
ولكن التوجهات الاقتصادية للحزب الحاكم في بريطانيا تؤمن بعولمة الاقتصاد ومعاهدات التجارة الدولية، ومن الممكن ان تتعارض الى حد كبير مع توجهات الحكومة الامريكية الجديدة، ويتعامل هؤلاء مع الموقف بحذر شديد. فمن الآن فصاعدا ستكون الأولوية في أمريكا، لأمريكا. وعلى الرغم من أن ترامب قد دعم بريكست، ولكن يبدو أن البلدين لن يتمكنا من المحافظة على العلاقات التجارية القوية الثنائية كما كانت عليه من قبل.
بعد انفصالها عن الاتحاد الأوروبي وتراجع نفوذها فيه اثر استفتاء بريكست، تحتاج بريطانيا الى حليف قوي مثل الولايات المتحدة، ولكن بالنظر الى الموقع الجغرافي لبريطانيا في أوروبا، فإن من غير المنطقي أن تبتعد بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي معتمدة على العلاقات التجارية الثنائية مع أمريكا التي يحكمها ترامب صاحب النظرة السلبية تجاه اوروبا.
ومن ناحية أخرى عبر ترامب مرارا عن سخطه من اداء حلف شمال الأطلسي، الناتو، حيث قال: "لقد قلت مسبقا إن حلف الناتو يواجه الكثير من المشاكل، فهي منظمة قد عفا عليها الزمن؛ وثانيا إن الحلفاء الاوروبيين لا يستثمرون الاموال في هذه المنظمة كما يجدر بهم".
من الناحية الأخرى تعد بريطانيا من أهم دول حلف الناتو. وبخروجها من الاتحاد الاوروبي، سيكون الناتو هو التحالف العسكري الوحيد الذي تستطيع لندن أن تعتمد عليه. وأعلنت تيريزا ماي أنها أقنعت ترامب في هذا الصدد، وقد تعهد الرئيس الامريكي بدعم الناتو، إلا أنها لم تُفصح عن تفاصيل هذا التغيير او أسبابه. كما أن امريكا بحاجة إلى أصدقاء مقربين منها في أوروبا، وقد ادارت بريطانيا الموقف لتكون ممثلة لاوروبا في العلاقات مع الحكومة الأمريكية الجديدة.