الوقت- يعتبر الإنفاق السعودي العسكري في صفقات السلاح هو الأعلى عالمياً، حيث شهدت السعودية في السنوات الأخيرة طفرة عسكرية غير مسبوقة طالت كافةً القطاعات العسكرية. السعودية التي إحتلت المرتبة الأولى عالمياً في إستيراد السلاح عام 2014 من خلال صفقات السلاح التي كانت توصف لفترة من الزمن بصفقات السلاح "الغبية" كونها تعمل على تكديس للسلاح دون استخدامه في أي حرب مباشرة، وضعت اليوم أمام إختبار حقيقي في الحرب التي تشنّها على اليمن تحت مسمى "عاصفة الحزم ".
السعودية التي بنت سياستها سابقاً حتى الأمس القريب على دعم المجموعات المسلّحة في دول الجوار لتحقيق الأهداف العسكرية والسياسية دون اللجوء إلى قواتها المسلحة، أدخلها القرار الأخير الذي إتخذه وزير الدفاع السعودي الشاب محمد بن سلمان-عديم الخبرة- في مرحلة جديدة عنوانها المواجهة المباشرة، ما يطرح العديد من التساؤلات عن القدرات الحقيقية للجيش السعودي، فهل ستنجح القوات السعودية في إختبارها الحالي بردم الهوّة بين سلاحها المتطور من ناحية، وغياب التجربة والخبرة العسكرية من ناحية آخرى؟ وماهي أهم نقاط القوة والضعف للجيش السعودي في عدوانه العسكري على اليمن؟
أصبحت السعودية في العام الماضي أكبر مستورد للأسلحة في العالم وثالث أكبر دولة في العالم من حيث الإنفاق العسكري حسب بيانات مركز ستوكهولم لأبحاث السلام، حيث أظهرت بيانات المركز أن الانفاق العسكري السعودي زاد بنسبة 17 في المئة في 2014 إلى 80.8 مليار دولار. وجاءت السعودية خلف كل من امريكا التي بلغ إنفاقها العسكري في 2014 ما قيمته 581مليار دولار، ثم الصين 129,4 مليار دولار، متقدّمةً على روسيا 70مليار دولار .
تشكيلات الجيش السعودي
تنقسم القوات المسلّحة السعودية إلى خمسة أفرع رئيسية وهي القوات البرية الملكية السعودية، القوات الجوية الملكية السعودية، القوات البحرية الملكية السعودية، قوات الدفاع الجوي الملكي السعودي، قوة الصواريخ الاستراتيجية الملكية السعودية، إضافةً إلى الحرس الوطني الذي يعتبر قطاع أخر مستقل ومنفصل عن القوات المسلحة بوزارة الدفاع. ويبلغ تعداد الجيش السعودي 233 ألفا وخمسمائة جندي، منهم 75 ألفا بالقوات البرية و13 ألفا وخمسمائة بالقوات البحرية، وعشرون ألفا بسلاح الجو. ويقدر تعداد قوات الاحتياط العاملة بنحو 25 ألف شخص .
تتمثل القدرات الأساسية للجيش السعودي بحسب آخر تحديث، فيما يلي: قدرات الجيش السعودي البشرية، تتمثل في "13.967.609 نسمة" قادر على الخدمة في الجيش السعودي، ويُطلب سنويًا للتجنيد حوالي "506 ألف مجند"، والأساسيون الذين يشغلون المناصب العسكرية يُقدرون بـ"233.500 ضابط ومجند"، والاحتياطيون في الخدمة "25 ألفًا ".
وتتمثل قوة الجيش السعودي الأرضية بإجمالي دبابات "1210 دبابة" متعددة الأنواع، و"5472 عربة قتال مُدرعة فئة AFVs" ، و"524 عربة ذاتية الدفع فئة SPGs" ، و"432 مدفعية"، و"322 نظام صواريخ متعدد الإطلاق فئة MLRSs".
ووفق تقرير التوازن العسكري للعام 2015 الصادر عن المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، فإن قرابة 16 ألف فرد مكلفون بأنظمة الدفاع الجوي، و2500 فرد مكلفون بالصواريخ الإستراتيجية .
أما عن عدد القوات الجوية السعودية، يبلغ "946 قطعة جوية" إجمالًا، و"155 طائرة مُقاتلة، و236 طائرة هجومية، و187 طائرة مُخصصة للنقل، و168 طائرة مُخصصة للتدريبات، و182 طائرة هليكوبتر، و12 طائرة هليكوبتر مقاتلة" تفصيلًا .
وتتكون القوات البحرية السعودية من 55 قطعة شملت "7 فرقاطات، و4 من سفن الكورفيتس، و39 قطعة مُخصصة للدفاع الساحلي، و3 قطع من نوع Mine Warfare المسؤولة عن الألغام البحرية"، ولا يمتلك الجيش السعودي أية غواصات ولا حاملات طائرات ولا مدمرات بحرية .
قوّة في ضعف
تكشف القدرات العسكرية السعودية عن تفوق عسكري شبه تام لاسيّما في سلاح الجو على الجيش اليمني واللجان الشعبية، لكن حسم المعركة وحسب تقديرات الخبراء ووقائع الأسابيع الثلاثة تشير إلى أنه لا مناص للسعودية؛ أذا أرادت أن تحقق أي إنتصار عسكري، من اللجوء إلى الحرب البرية، التي ستكون مكلّفة جداً خاصةً بعد الرفض الباكستاني الأخير .
التدخل البري للسعودية يعيد إلى الأذهان التجربة الناصرية في اليمن، والتي أدت إلى مقتل ألاف الجنود المصريين حينها. عدم خبرة الجيش السعودي الذي لم يخض أي مواجهة حقيقية منذ تأسيس المملكة الحالية من ناحية، والطبيعة الجغرافية الصعبة للأراضي اليمنية من ناحية آخرى، إضافةً إلى الخبرة العسكرية لأنصار الله التي تكدّست منذ العام 2004 إلى يومنا الحالي، فضلاً عن "قبلية" المجتمع اليمني الذي يزعجه وجود قوة أجنبية، مؤشرات كلها تدل على أن قرار الحرب من وزير عديم الخبرة- كحال جيشه- يرسخ أسس الهزيمة للرياض عبر "فيتنام يمني" سيمرغ أنف السعودية في التراب .
لا شك في أن أي قرار بهجوم بري رغم امتلاك الجيش السعودي لأسلحة متطورة سيؤدي الى وقوع خسائر بشرية كبيرة ليس بسبب الطبيعة الجبلية والتضاريس الوعرة التي يمتاز بها الشمال اليمني فقط، وانما لطبيعة الجيش السعودي الذي يشكل المرتزقة جزءاً منه، ولتوفر الامكانات الدفاعية القادرة على شل الهجوم وارباكه وايقاع اكبر الخسائر عبرنصب الكمائن والمناورة على الارض التي يعرف اليمنيون جيدا طبيعتها. السعودية لم تنجح في الحرب السادسة عام 2009 رغم وقوف الجيش اليمني لى جانبها في كسر شوكة "أنصار الله" الذين سيطروا آنذاك على 45 موقعا عسكرياً سعودياً ولم ينسحبوا منها الا بعد جلسات المفاوضات التي انهت تلك الحرب ، فكيف الحال اذا ما كان الجيش إلى جانب أنصار الله .
اليمن على موعد مع التاريخ الذي سيسجل ضربة قوية للسعودية في المنطقة، حال العدوان السعودي على اليمن، لا يختلف عن نظيره الإسرائيلي في العام 2006 على لبنان، وفي حال توقّف العدوان الذي رفعت السعودية سقفه عالياً تماماً كما فعل رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي إيهود أولمرت في حربه على حزب الله، أم أن سلطات الرياض قرّرت الدخول في حرب برية لن تكون نتائجها بعيدةً عن مقبرة "الميركافا" في وادي الحجير اللبناني، نحن بانتظار إنتصار تاريخي يسدّد ضربة جديدة لقوانين الحرب العامة التي تؤكد على تفوق التقنية العسكرية التي تمتلكها الجيوش الكبرى في حرب لا متكافئة ضد جماعة محدودة الامكانات وفقيرة القدرات قياسا بخصومها لكن ذوقدرات وخبرات عالية في المعركة الميدانية علي الأرض. الشعب اليمني قاب قوسين او أدنى من "أذار يمني" على غرار "تموز اللبناني ".