الوقت- بعد حوالي اسبوع من الان يدخل الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب الى البيت الابيض ويبدأ مهامه رسميا، بعد ان كان أثار الجدل حول مواقفه بتصريحاته المتناقضة حيال مختلف القضايا خلال حملته الانتخابية وحتى بعد فوزه في الانتخابات، فهو تارة كان يهاجم الاتفاق النووي مع ايران وتارة أخرى الصين ومن ثم المسلمين ويكشف عن نيته نقل السفارة الاسرائيلية الى القدس وحلب السعودية (البقرة الحلوب) ومن ثم ذبحها وما شابه من مواقف، لكن ما هي حقيقة اهتمامات ترامب وما هي القضية او القضايا التي سيضعها على رأس سلم اولوياته؟ وهل ان الأفعال القادمة ستكون متناقضة مع الأقوال السابقة؟
لقد قال ترامب مرارا وتكرارا خلال حملته الانتخابية وبعدها انه سيخصص معظم وقته لحل القضايا الداخلية الامريكية على غرار كبار مسؤولي الحزب الجمهوري الذين باتوا يركزون اهتمامهم على الداخل اكثر من الخارج، والان يعتقد الخبراء والمحللون ان المشاكل الداخلية الامريكية باتت متفاقمة الى درجة ستأخذ معظم وقت الإدارة الامريكية القادمة، فحل مشكلة وجود 12 الى 13 مليون عاطل عن العمل سيكون صعبا للغاية ويتطلب الكثير من الوقت، ورغم ان تركة اوباما الاقتصادية ليست كبيرة لكن ينبغي حل مشكلة العاطلين عن العمل في كل الأحوال، كما ان تغيير الطاقم الوزاري والسفراء في الخارج يتطلب وقتا ايضا لذلك هناك من يقول من الخبراء ان ترتيب الاوضاع الداخلية هي المشكلة الاولى التي يواجهها ترامب لأنه وعد الشباب الامريكي مرارا وتكرارا بتحسين الاوضاع الإقتصادية وحل مشكلة البطالة.
أما على الصعيد الخارجي والساحة الدولية فيؤكد هؤلاء الخبراء ان قضايا الشرق الاوسط لاتحظى بأهمية كبيرة لدى ترامب كما لم يوليها اوباما ايضا اهتماما كبيرا حيث اثبت اوباما بانه ليس مستعدا للتضحية بالغالي والنفيس في سبيل تحقيق الأهداف الامريكية في سوريا وان التدخلات الدبلوماسية الامريكية التي حدثت في سوريا لم تكن الا بضغط من السعودية، ان ترامب قد اعلن ايضا انه سوف لن يتبع سياسات "مكلفة" في الشرق الاوسط ويمكن ان يؤدي التقارب بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى حل القضية السورية بشكل ما رغم تعاظم الدور التركي مؤخرا في الأزمة السورية.
لكن القضية الدولية الأهم بالنسبة للإدارة الأمريكية القادمة هي السياسات الأمريكية في شرق آسيا و المشاكل مع كوريا الشمالية والصين، وقد قال جون كيري في احد تصريحاته مؤخرا ان هناك 5 أخطار كبرى تهدد أمريكا وهي روسيا والصين وكوريا الشمالية وايران وتنظيم داعش، واذا انتقلت نظرية كيري الى الإدارة الامريكية الجديدة فمن المحتمل ان تصبح الصين وكوريا الشمالة اولوية ترامب.
وفيما يتعلق بعلاقات أمريكا مع الاتحاد الأوروبي نجد بأن واشنطن خسرت مندوبتها في أوروبا أي بريطانيا بعد خروج هذا البلد من الاتحاد الاوروبي ولذلك يمكن القول ان اوروبا ابتعدت قليلا من أمريكا بعد مجيء ترامب، وقد رأينا كيف تكلم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عن سعي الاوروبيين الى بناء جيش مستقل للاتحاد الاوروبي وهذا الكلام يدل ان الأوروبيين لم يعودوا يريدون الاعتماد على حلف الناتو كما في السابق.
ان هناك من يقول بأن ترامب يرغب في ان يتولى مجلس الامن القومي الامريكي الذي سيرأسه مايكل فلين القضايا الهامة في السياسية الخارجية وان يقتصر دور وزارة الخارجية الامريكية على القضايا الاقتصادية والتجارية، لكن هذا الأمر يتعارض مع الاعراف الدبلوماسية ولذلك ينبغي عدم التعويل كثيرا على سياسات وتصريحات ترامب بل يجب الانتظار لكي يتسلم هذا الرئيس الجديد منصبه ويبدأ عمله لكي تتضح الصورة في واشنطن.
ان ترامب يفتقد الى عقيدة ورأي ثابت وقد اطلق مواقف متناقضة حيال القضايا المختلفة ولذلك لايمكن التكهن بأدائه وسياساته بشكل نهائي لكن من المعلوم ان امريكا ستدخل حقبة جديدة من الحياة السياسية في عهد ترامب.