الوقت - تحدثت تقارير عديدة خلال الأيام الماضية عن عمليات لنقل عناصر من الإرهابيين والتكفيريين من سوريا والعراق إلى اليمن.
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن يتعلق بالأسباب التي دعت الدول الداعمة للإرهاب وفي مقدمتها السعودية إلى اتخاذ هذا الإجراء على الرغم من المخاطر التي ستنعكس على أمنها واستقرارها على المديين القريب والبعيد جراء ذلك.
قبل الإجابة عن هذا التساؤل لابد من الإشارة إلى أن الجماعات الإرهابية والتكفيرية قد منيت بهزائم منكرة على يد القوات السورية والعراقية في الآونة الأخيرة والتي تمثلت بشكل واضح في عمليات تحرير مدينتي حلب والموصل من أيدي هذه الجماعات.
ويعتقد المراقبون بأن هذه الهزائم تعد من الأسباب الرئيسية التي دعت إلى نقل الإرهابيين والتكفيريين إلى مناطق ودول أخرى في المنطقة لاسيّما إلى اليمن وليبيا، بالإضافة إلى أسباب أخرى سنأتي عليها بعد قليل. ونركز الحديث في هذا المقال على تبعات نقل هؤلاء الإرهابيين إلى اليمن.
- تعتقد الجهات التي دعمت الإرهابيين والتكفيريين بأن وجود هؤلاء في العراق وسوريا لم يعد ممكناً كما كان في السابق بسبب تلاحم الشعبين العراقي والسوري لمساندة القوات الحكومية في طرد الزمر الإرهابية بدعم من إيران وروسيا ومحور المقاومة في المنطقة.
- تعتقد الأطراف الداعمة للإرهاب بأن اليمن يعيش وضعاً قلقاً بسبب العدوان السعودي على أراضيه من جهة، وعدم استقراره أمنياً بسبب الخلافات بين مكوناته السياسية من جهة أخرى. وهذا الوضع من شأنه أن يتيح الفرصة للإرهابيين لتنفيذ أجندات الأطراف الداعمة لهم سواء في اليمن أو في عموم المنطقة.
- على الرغم من إدراك السعودية بأن الجماعات الإرهابية من الممكن أن تهدد أمنها واستقرارها، إلاّ أنها مع ذلك ترجح المغامرة في هذا المجال من خلال دعم الإرهابيين في اليمن لإضعاف حركة أنصار الله التي تتصدى للعدوان السعودي المتواصل على البلاد منذ نحو عامين.
- تعتقد تركيا التي دعمت الإرهابيين لسنين طويلة ضد نظام حكم الرئيس السوري بشار الأسد، ودعمت كذلك تنظيم "داعش" لاحتلال مناطق كبيرة من العراق بأن استمرار وجود هؤلاء الإرهابيين قرب حدودها من شأنه أن يزعزع الأمن والاستقرار في أراضيها وهو ما حصل فعلاً ولمرات عديدة جراء عمليات إرهابية في أسطنبول ومدن تركية أخرى والتي أودت بحياة الكثير من المدنيين والعسكريين.
- تعتقد العديد من الدول الغربية وفي مقدمتها أمريكا بأن نقل الإرهابيين إلى اليمن من شأنه أن يحقق عدّة أهداف:
أولاً: تخفيف الضغط عن السعودية المتورطة في العدوان على اليمن.
ثانياً: زعزعة الاستقرار في عموم منطقة الجزيرة العربية بهدف إرغام دول مجلس التعاون على شراء مزيد من الأسلحة من الدول الغربية.
ثالثاً: زعزعة الاستقرار في المياه الإقليمية المحيطة باليمن لاسيّما في منطقة باب المندب بهدف عرقلة حركة السفن التجارية والناقلة للنفط لتحقيق أهداف اقتصادية وسياسية.
- إرغام السعودية ودول أخرى في مجلس التعاون على طلب المساعدة من الكيان الإسرائيلي، والذي من شأنه بالتالي أن يؤدي إلى تطبيع وتقوية العلاقات بين الجانبين في مختلف المجالات.
- على الرغم من وجود خلافات بين أقطاب العائلة الحاكمة في السعودية لاسيّما بين ولي العهد "محمد بن نايف" وولي ولي العهد وزير الدفاع "محمد بن سلمان" بشأن التهديدات التي سيسببها نقل الإرهابيين إلى اليمن، إلاّ أن بن سلمان يبدو مصرّاً على تنفيذ هذه الخطوة لاعتقاده بأنها ستحرج حركة أنصار الله خصوصاً في ظل الارتباك الأمني الناجم في الأساس عن وجود جماعات إرهابية وتكفيرية مدعومة من قبل الرياض كتنظيم "القاعدة" وتحديداً في المناطق الجنوبية من اليمن والتي ارتكبت حتى الآن جرائم شنيعة أودت بحياة الكثير من الأشخاص طيلة السنوات الماضية.
- من المؤكد أن نقل الإرهابيين إلى اليمن سيهدد أمن الدول المحيطة والقريبة منه لاسيّما سلطنة عمان وهذا الأمر من شأنه أن يدفع الأخيرة إلى الاصطفاف إلى جانب السعودية ودول مجلس التعاون الأخرى، وهذا ما تسعى إليه الرياض باعتبار أن مسقط ترفض الاصطفافات التي تهيئ الأرضية للاستقطابات الإقليمية على حساب الدول الأخرى في المنطقة.
- لاشكّ أن إطلاق يد الإرهابيين لتنفيذ عمليات إجرامية في اليمن سيساهم في تقوية شوكة الإرهاب في عموم المنطقة والعالم الإسلامي برمته وهو ما تسعى لتحقيقه أطراف عديدة في مقدمتها الكيان الإسرائيلي وحلفائه الغربيين وعلى رأسهم أمريكا.
وهنا لابد من الإشارة إلى أنه وعلى الرغم من وجود خلافات بين المكونات السياسية اليمنية بشأن كيفية إدارة البلاد، إلاّ أنه يمكن القول بأن معظم هذه المكونات ترفض وجود الإرهابيين والتكفيريين في البلد لعلمها بأن ذلك يهدد وحدة وأمن واستقرار البلاد خصوصاً في حال اندلاع معارك طائفية يتم تغذيتها من الخارج لاسيّما من قبل السعودية التي تحاول إخضاع اليمن لسيطرتها حتى وإن كان ذلك على حساب دماء وحرية وكرامة أبناء هذا البلد.