الوقت- بثت وسائل الاعلام الإسرائيلية والأذربيجانية طوال الشهور الماضية الكثير من الأخبار حول زيارة لبنيامين نتنياهو الى باكو، وقد اعلن نتنياهو بنفسه عزمه على اجراء هذه الزيارة ومن ثم ضاعف الإعلام الاسرائيلي والأذربيجاني خلال الاسبوعين الأخيرين من حجم تقاريرهما ودعاياتهما حول هذه الزيارة ما يدل بأن تل ابيب وعلى عكس سياستها للتوغل الخفي في القوقاز تتعمد هذه المرة إثارة ضجة اعلامية حول زيارة نتنياهو.
وبغض النظر عن الأبعاد الدعائية والسياسية لزيارة نتنياهو الى باكو فإن هذه الزيارة ستكون لها نتائج عملية هامة في المجالات الثقافية والسياسية والإستراتيجية والعسكرية والأمنية والإقتصادية والطاقة والقضايا الإقليمية والعالمية.
فمن الناحية الثقافية تريد تل أبيب الايحاء بأن أذربيجان التي تعتبر دولة شيعية مسلمة توفر أفضل الظروف لليهود وهذا يدل على امكانية التعايش بين المسلمين والصهاينة، ان الكيان الاسرائيلي وحماته يريدون جعل أذربيجان مظهرا لما يسمونه "التعددية الثقافية" في عام 2016 الذي سموه بعام التعددية الثقافية الذي يتوقع ان يتم فيه الدعاية لليهود والصهاينة والإحتفاء بهم تحت ذريعة الثقافة وهذه خطة اقترحتها المؤسسات الصهيونية على أذربيجان لكي يأتي نتنياهو ويقطف ثمار ذلك.
اما الأهداف السياسية والإستراتيجية للزيارة فتتمثل في كسر الحصار الذي تفرضه دول الجوار على الكيان الصهيوني ومد جسور العلاقات بين تل أبيب والدول البعيدة المحيطة بدول الطوق، وقد أولت تل أبيب أهمية كبيرة لأذربيجان في هذا المضمار بعد إنهيار الاتحاد السوفيتي وافتتحت سفارة في باكو في عام 1992 لكن عمل هذه السفارة واجه صعوبات كبيرة نظرا لرفض الشعب الأذربيجاني للإسرائيليين، وحتى نتنياهو الذي زار في عام 1997 باكو كرئيس وزراء الكيان الاسرائيلي قد زارها في الخفاء وفي الليل وفي ظروف غير طبيعية والتقى علييف ليلا وغادر أذربيجان على وجه السرعة لكن الان يريد نتنياهو زيارة باكو علنا ووسط ضجة اعلامية لقطف ثمار سياسة مد جسور العلاقات مع الدول المحيطة بدول الطوق وخاصة قرب الحدود الايرانية.
وفيما يتعلق بالأهداف العسكرية والأمنية لهذه الزيارة يجب القول ان الكيان الاسرائيلي يريد تنصيب نفسه كثاني لاعب عسكري في القوقاز بعد روسيا، وقد حاول هذا الكيان خلال العقدين والنصف الماضيين التغلغل في الساحة الأمنية لمنطقة القوقاز الجنوبية وان قسما مهما من هذه الخطة نفذ في أذربيجان والان نجد بأن وزارة الدفاع ووزارة الصناعات الدفاعية وجهاز أمن الدولة وجهاز المخابرات الخارجية في أذربيجان كلها تعتبر شريكة للأجهزة العسكرية والأمنية الإسرائيلية وعلى سبيل المثال تخطى حجم صفقات الاسلحة بين الجانبين الـ 6 مليارات دولار منذ عام 2007 وحتى الآن.
اما الهدف الاقتصادي لهذه الزيارة هو ضمان مكانة الكيان الإسرائيلي كالمورّد الوحيد للنفط الأذربيجاني والدخول على خط نقل الغاز الأذربيجاني الى أوروبا.
وفيما يخص الأهداف الإقليمية والعالمية يجب القول ان أذربيجان تتبع سياسة الاقتراب من ايران ولو شكليا ومن جهة اخرى تريد ان تكون أقرب شريكة للكيان الإسرائيلي وهذا ما تستغله تل أبيب لتنفيذ مخططات أمنية تستهدف ايران فعلى سبيل المثال كانت أذربيجان ممرا لعبور الإرهابيين الذين اغتالوا العلماء النوويين الايرانيين كما عبرت الطائرة الاسرائيلية من دون طيار التي أسقطت قرب الموقع النووي الايراني في نطنز الأجواء الأذربيجانية قبل الدخول الى سماء ايران، وهناك ايضا جماعات انفصالية معادية لايران وموجودة في أذربيجان وتدعمها تل أبيب.
ان أذربيجان اختارت سياسة اللعب على الحبلين تجاه ايران حينما حسنت علاقاتها مع تل ابيب ووطدتها باستمرار بموازاة ما تقوله عن سعيها لتحسين علاقاتها مع ايران وهنا ينبغي على الايرانيين اتباع الحيطة والحذر في التعامل مع أذربيجان التي تتأثر بالإملاءات الامريكية والإسرائيلية باستمرار.