الوقت- بعد أن خرجت تصريحات دونالد ترامب في حملته الإنتخابية لتصنع مادةً جديدة في الإعلام الغربي عنوانها التحول تجاه الأزمة السورية، يبدو أن رياح التغيير البنيوي في المواقف، وصلت الى فرنسا. حيث خرجت تصريحات المرشحيين اليمينيين للإنتخابات الرئاسية، لتُبرز تحولاً تجاه قضايا تتعلق بالسياسة الخارجية لفرنسا لا سيما العلاقة مع النظام السوري والحرب على الإرهاب. وهو ما يجب الوقوف عنده، كنموذجٍ للتطور الحاصل في سياسات الغرب تجاه المنطقة والعالم. فماذا في تصريحات المرشحين والتحول الحاصل؟ وكيف يمكن قراءة دلالات ذلك؟
المرشحون للإنتخابات التمهيدية: مواقف تدلُّ على التحول في سياسة فرنسا والغرب
شكَّل ملف الأزمة السورية والسياسة الخارجية لفرنسا، محور نقاش المرشحين للإنتخابات الفرنسية. وهنا نُشير لبعض ما خرج من تصريحات بعض المرشحين، حول ملفات تتعلق بسوريا وسياسة فرنسا الخارجية. وذلك لتأكيد التطور الحاصل، والتحوُّل البنيوي في خطاب الغرب تجاه الأزمة السورية، والذي بات محط تنافسٍ للوصول للسلطة. في هذا المجال نقول التالي:
أولاً: جان فريديريك بواسون
هو المرشح الذي أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الغربية نتيجةً لمواقفه. فقد وصف قبل أشهر المرشحة لرئاسة أمريكا هيلاري كلينتون، بأنها مدعومة من اللوبي الصهيوني علناً. كما خصَّص سوريا بزيارة والتقى فيها الرئيس السوري بشار الأسد. كان من أهم تصريحاته:
- حذر من خطر الإخوان المسلمين على فرنسا.
- دعا إلى إعادة فتح السفارة الفرنسية في دمشق مُعتبراً أن الرئيس الأسد هو الرئيس الشرعي وما زال في الحكم.
ثانياً: جان فرانسوا كوبيه
هو الوزير الأسبق في عهد الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي ومُرشح اليمين المعتدل. أشار الى التالي:
- الأولوية لا تتعلق بمصير الأسد، بل بالسياسة الخارجية التي سينتهجها الغرب.
- إنه لمن المهم انتظار نهج الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب على الصعيد الدولي، لأن أمريكا تسببت بكارثتين أخلتا بالأمن والسلم في العالم وهما بحسب رأيه اجتياح العراق والحرب علي ليبيا.
ثالثاً: فرانسوا فيون
- يوجد خلافات ثابتة مع أمريكا في العديد من الملفات والتي تعود إلى ما قبل انتخاب ترامب، وتحديداً الحرب على العراق.
- هناك ضرورة لإعادة فتح السفارة الفرنسية في دمشق.
- يجب أن يبقى الرئيس بشار الأسد في الحكم، في ظل وجود دعم كبير له من قِبَل من الشعب السوري ومن المسيحيين وباقي الأقليات.
- إن الأولوية يجب أن تكون لمحاربة التنظيمات المتطرفة التي تدعمها السعودية.
- إن السياسة الفرنسية بشأن سوريا فشلت، ويجب تغييرها وإجراء حوار مع كلٍ من روسيا وإيران، من أجل بناء تحالف عالمي لمكافحة الإرهاب.
دلالات وتحليل
شكَّل حديث الغرب في انتخاباته حول الأزمة السورية، وخروج المرشحين عن خطاب الرؤساء الحاليين، محطَّ نقاش وتحليل خبراء السياسة الدولية. وهنا نُشير للتالي:
أولاً: لا شك أن التغيُّر الحاصل يؤكد على وجود أمرين:
- قراءة جديدة تراها النُخب الغربية وتحديداً الفرنسية كنموذج لذلك، حيث يبدو واضحاً حصول تحوُّلٍ بنيوي في السياسة الدولية، تجاه قضايا المنطقة. فهي المرة الأولى التي يخرج فيها مرشحون للحديث بشكل علني عن إختلاف مع أمريكا في وجهات النظر، ويعترفون بضرورة التعاون مع النظام الشرعي الحالي في سوريا لخوض حربٍ ضد الإرهاب.
- يوجد تحوُّل غربي على الصعيد الشعبي، بات يُدرك الحقائق السياسية، نتيجة وصول التهديد الإرهابي الأمني له، والذي جعله يُطالب المسؤوليين بوقف التدخلات في المنطقة، الأمر الذي دفع مرشحي الرئاسة الفرنسية، للإعتراف بضرورة ترك شؤون الأزمة السورية لدول الشرق الأوسط والمطلوب فقط المساعدة الجدية فيما يخص ملف الحرب على الإرهاب.
ثانياً: ضعف الغرب أمام حقائق وتطورات الساحة السورية
أفرزت الساحة السورية، تطورات جديدة، تتعلق بالمعادلات الإقليمية والدولية، خصوصاً لصالح الطرفين الروسي والإيراني. كل ذلك بات واضحاً أنه دخل حسابات الدول ومرشحيها الرئاسيين. وهنا فإن التشدُّد الغربي تجاه روسيا، قد يكون أول ضحايا هذا التحوُّل. خصوصاً بعد استيضاح نهج الرئيس الأمريكي الجديد.
ثالثاً: وضوح النفاق الغربي في مواجهة الإرهاب
إن دخول ملف محاربة الإرهاب بازار سياسة المرشحين، يعني وجود سخطٍ شعبي غربي تجاه سياسات المسؤوليين الحاليين فيما يخص ذلك. وهو ما قد يدل على حجم النفاق الغربي في الحرب على الإرهاب. في وقت بات ذلك من أولويات العهود الجديدة، نتيجة للمخاطر التي باتت تعيش الدول الغربية في ظلها وتحديداً فرنسا.
إذن يبدو واضحاً أن الدول الغربية تعيش مخاض تحولٍ في السياسة الخارجية لها. تحولٌ سيعترف بالحد الأدنى بدور النظام السوري على الساحة السورية والإقليمية، وضرورة الحرب على الإرهاب بجدية. وهو ما سينعكس حتماً على مسألة الرضوخ الغربي المباشر لدور كلٍ من روسيا وإيران. فهل بات دعم النظام السوري في حربه ضد الإرهاب، مفتاح وصول مرشحي الغرب للسلطة؟!