الوقت – بدأت السلطات التركية يوم الجمعة موجة جديدة من الاعتقالات في صفوف المعارضين، ويقال ان المعتقلين هم اعضاء في المنظمة الشبابية والمدنية لحزب العمال الكردستاني المحظور "ب ك ك" وقد اتهموا بالسعي لاحداث الفوضى وجذب العناصر لحزب العمال الكردستاني.
وقد اعلنت الشرطة التركية ان لديها قائمة فيها 70 إسما وان العمل سيستمر حتى اعتقال جميع هؤلاء، وكانت الشرطة التركية اعتقلت 140 شخصا من الأكراد ايضا خلال الشهر الماضي.
ويأتي هذا في أعقاب 3 أشهر من التوتر بين السلطات التركية وأكراد تركيا، وقد اعتقلت قوات الأمن ايضا قياديين اثنين في حزب الشعوب الديمقراطي فيغن يوكسكداغ وصلاح الدين دميرطاش اللذين يعتربان من داعمي الأكراد في البرلمان.
وفيما يتعلق بحملة الاعتقالات هذه يعتقد الخبراء والمحللون ان القاء القبض على هؤلاء الاشخاص واتهامهم بالسعي لتنفيذ تفجيرات يأتي في وقت يؤكد فيه الاشخاص المستهدفون ان من ينفذ التفجيرات هي السلطات التركية نفسها لأنها تتخذها ذريعة لقمع المعارضين، فربما يعتقد اردوغان وحزبه ان الوقت مناسب لقمع باقي الاطراف المعارضة مع قمع تيار غولن الذي يجري على قدم وساق.
ان اردوغان يستغل الان كل ذريعة موجودة لاستهداف الأكراد في المنطقة سواء في سوريا والعراق أو في داخل تركيا في وقت يشكل الأكراد 25 مليون نسمة كما يشكلون 15 بالمئة من عدد سكان تركيا.
من جهة اخرى يعتبر حزب الشعوب الديمقراطي ثاني اكبر احزاب المعارضة لحكم اردوغان في تركيا ويمتلك 59 مقعدا في البرلمان والان يستغل اردوغان الفرصة السانحة بعد فشل الانقلاب العسكري لقمع هذا الحزب وكذلك تغيير الدستور وتغيير نظام الحكم الى نظام رئاسي.
ان العدد الكبير للمعتقلين يدل بأن اردوغان يريد تلقين معارضيه درسا وإجبارهم على مسايرة سياسات حزب العدالة والتنمية الحاكم وإفهامهم بأن معارضة سياسات هذا الحزب تكلفهم غاليا.
ان فرض الأجواء الأمنية على البلاد يهدف الى إفهام اي حزب معارض بأن أية معارضة لسياسات الحزب الحاكم سيعتبر نشاطا غير قانوني يستحق العقاب، وهكذا يريد اردوغان وحزبه القيام بخطوة وقائية لكن هذا الأمر سيضع تركيا أمام أزمات أمنية جدية على المدى الطويل خاصة مع التورط التركي في سوريا والعراق فالحزب الحاكم في تركيا الذي كان يريد تصفير المشاكل مع دول الجوار وفشل في ذلك بات الان يصنع لنفسه أعداء في الداخل أيضا.
ان ما يجري الان في تركيا دفع بعض الخبراء والمحللين الى القول ان تركيا لم تتعرض لانقلاب عسكري تم افشاله بل تتعرض الى انقلاب ناجح بدأ منذ ذلك الإنقلاب العسكري.
ان تركيا باتت الان تحتل المرتبة 151 في حرية الصحافة من بين 180 بلدا بعد ان كانت مرتبتها 98 في عام 2005 وهناك الان 107 صحفيا تركيا في السجون وتم اغلاق 155 وسيلة اعلامية الكثير منها ليست لها علاقة بتيار غولن.
لقد تم طرد 100 الف موظف حكومي من وظائفهم منذ الانقلاب العسكري واستبدالوا بأشخاص موالين لحزب العدالة والتنمية كما بات لايحق للأساتذة الجامعيين انتخاب عمداء الجامعات واصبحت الحكومة هي من تختارهم كما إستولت الحكومة على الكثير من الشركات الخاصة بتهمة ارتباطها مع تيار غولن.
اما القضاء التركي بات الان يعتبر اي انتقاد للحكومة أو لرئيس الجمهورية سعيا لقلب الحكومة وأصبح هذا عصا فوق رأس المعارضين من اصحاب وسائل الاعلام، وما يزيد الطين بلة ان هذه الاجراءات تزداد تشددا في كل يوم وان حملة الاعتقالات الاخيرة تدل بأن القمع قد دخل مرحلة جديدة.
ان المسار الذي تسلكه تركيا اليوم يزيد من وهن علاقة هذا البلد بالديمقراطية يوما بعد يوم وان هذا المسار يهدف الى ايجاد نظم وهيكلية جديدة وليس كنظام للإستجابة للحاجات والمتطلبات الأمنية.
ويعتقد المحللون ان تركيا تسير الان نحو حكم نموذجي بالنسبة لأردوغان يرتكز على 3 أسس هي "مجتمع مطيع وصحافة طيّعة وسلطة واحدة" والسؤال المطروح الان "ماهي خطوة اردوغان التالية؟" فهل يريد هذا الأخير بناء نظام رئاسي مهما كان الثمن؟ ان هذا الاحتمال وارد، والجميع يعلم ان الرئيس التركي بات يضع الان عينه على الإستفتاء الذي سيجري بهذا الشأن.