الوقت- لايزال السلاح المنتشر في الأراضي الليبية والسورية يهدد أمنَ واستقرار شعوب المنطقة كلها من الدول العربية والدول المجاورة، فالسلاح هنا لايقتصر على الإرث الثقيل الذي تركه القذافي في ليبيا وبعض الأسلحة الفردية في سوريا فحسب بل يتعداه ليشمل تجارة تعد من أربح وأنشط التجارات في العالم كله.
هذه التجارة التي يشرف عليها ويرعاها مؤسسات دولية رائدة في هذا الموضوع ويذهب الأمر أبعد من ذلك حيث يشمل دولاً مشهورة برعايتها للارهاب ودعم النزاعات الدموية التي تخدم مصالحها.
وعندما يتم الحديث عن تجارة الأسلحة في أي مكان في العالم لابد أن يكون لامريكا ومؤسساتها المتخصصة في هذا المجال نصيب الأسد في هذه التجارة، ولكن الجديد هذه المرة الدورالتركي العلني في ايصال هذه الأسلحة للحركات المتطرفة سواء في سوريا او ليبيا وصولاُ الى قيام السلطات التركية وبمساعدة شبكات المافيا النشطة في البلاد بفتح خط اختص بها والقيام بمنافسة حليفتها واشنطن.
امريكا تزود المقاتلين في سوريا بالسلاح عبر البوابة التركية:
دأبت أمريكا ومنذ بداية الحرب على سوريا على ارسال الأسلحة للمقاتلين تحت ذرائع عديدة من مستودعات لها موجودة في الاراضي التركية. حيث ارسلت شحنات كبيرة من السلاح لكل من “الجبهة الاسلامية” والى حركة “حزم” "التي تلاشت مؤخراً"ً و كلا التنظيمين كان يتواجد في الشمال السوري، وتحديدا في مدينتي أعزاز ومارع بعد وذوبان الجماعات الباقية لتنظيم الاخوان تحت عباءة المجموعتين من اجل الحصول على السلاح.ولكن الأمر لم ينتهي هنا فوصلت هذه الأسلحة بطريقة أو بأخرى الى تنظيمات تصفها واشنطن بالارهابية مثل جبهة النصرة وغيرها.
ففي نيسان من العام الماضي قامت امريكا وتركيا بتسليم عدة شحنات من الاسلحة المتنوعة لفصائل ارهابية تقاتل على الأرض السورية منها مناظير ليليلة ورشاشات وذخائر متنوعة وسترات واقية للرصاص بالاضافة الى القناصات الحراراية التي انتشرت منذ بداية الأزمة وصولاً الى عدة صواريخ من طراز " بي.جي.إم-71 تاو" المضاد للدبابات لحركة حزم الارهابية سرعان ما وجد السلاح الامريكي طريقه الى باقي الجماعات الارهابية التي استخدمتها في مناطق إدلب وحلب واللاذقية شمال سوريا.
تجارة الأسلحة سوق رائج في ليبيا
تشير التقارير المؤكدة أنه وخلال فترة حكم جماعة الإخوان المسلمين لليبيا، في 2012 و2013، فتحت مسارات لدخول السلاح من موانئ مصراتة وطرابلس وبنغازي ودرنة. هذا من طريق البحر، بينما أدخلت أسلحة ضخمة من طريق الصحراء الجنوبية عبر دارفور، حيث تحولت دارفور الواقعة في شمال غربي السودان، وتحاذي الحدود الليبية من الجنوب الغربي، الى وكر يعضد المتطرفين في داخل ليبيا، سواء من خلال نقل الأسلحة أو المقاتلين. ومصدرهذه الأسلحة كان عدة شركات دولية تنشط في تجارة الأسلحة وصولاً الى حكومات في دول كتركيا وقطر وامريكا.
وتشير التقارير أيضاً أن عدد قطع السلاح المنتشرة في ليبيا حاليا ما بين 22 إلى 28 مليون، بزيادة 20 مليون قطعة سلاح عما تركه معمر القذافي قبل ثلاث سنوات .وتؤكد بعض المعلومات أيضاً حصول التنظيمات المسلحة بما فيها الإرهابية على 35 صاروخا من طراز« جراد »، و120 صاروخا مضادا للطائرات، و329 صاروخا « جي 5 أم »، و54 صاروخ أرض عابر للمدن، و24 صاروخا « أم 9 ″ إلى جانب 262 رأسا مدمرا لصاروخ جراد، و3 رؤوس صواريخ، و144 منصة للصواريخ المضادة للطائرات وجهاز إطلاق صواريخ، و7 أجهزة لتحديد الأهداف، ومدافع هاون، و3 مدافع عيار نصف بوصة، و3 قذائف هاون عيار 32 مم، و127 عبوة دافعة لقذيفة أر بي جي، و232 شريطا لطلقات متعددة، و33 بندقية « أف أم » بلجيكية، و327 بندقية آلية، و432 مخزن بنادق آلية، ومليونين طلقة عيار «9 مم »، و72 خزنة سلاح.
وفي هذ السياق تشير بعض الجمعيات الحقوقية أن هناك حوالي 1000 تاجر سلاح ينتشرون في الأراضي الليبية، وتعتبر مدينة بنغازي هي نقطة لتمرير وتهريب السلاح لتنظيم « داعش» الارهابي.
ويقول تقرير جزائري غير حكومي أعده الدكتور أحمد ميزاب، الخبير الأمني ورئيس اللجنة الجزائرية الأفريقية للسلم جرى الكشف عنه أخيرا أنه (عن طريق ليبيا) تم تهريب 7983 قطعة سلاح إلى الأراضي المصرية.
وذكر الخبير الأمني أن عدد العناصر الإرهابية التابعة لتنظيم داعش الارهابي وفرعه الليبي حسب التقرير يقدر بين 4500 إلى 5 آلاف مقاتل بينهم 1000 من الليبيين والباقي أجانب وعرب، مضيفا أن المقاتلين يتدفقون يوميا من 10 دول عربية وإفريقية.
الى ذلك تقول المصادرالأمنية اللليبية إن مليارات الدولارات التي كانت تستخدم في تجارة المخدرات في شمال أفريقيا تحولت إلى الاتجار في الأسلحة وتهريبها عبر الحدود. وبناءا ً عليه فمن السهل الان أن تجد في شوارع طرابلس وبنغازي سماسرة بإعلانات عن طلبيات جديدة من الأسلحة. وفي هذا السياق يقول أحد التجار ممن كان يعرف عنه في الماضي الاتجار في المخدرات والسجائر المهربة إن آخر طلبية وصلته تخص شراء 7 مدرعات وأسلحة متوسطة من عيار 14.5 مم و23 مم و32 مم.
وفي موضوع متصل يقول تجار أسلحة في ليبيا أيضاً أن معظم الأسلحة التي تنتشر في البلاد اضافة الى أسلحة الجيش الليبي أبان حكم القذافي انتشار السلاح الامريكي والتركي في سوق تجارة السلاح الرائجة في البلاد فمثلاً تسطيع أن تقتني مسدساً تركياً من نوع «ماكاروف» سريع الطلقات بثمن يتراوح سعر المسدس الواحد بين 500 و1000 دولار ويبلغ ثمن علبة الذخيرة 9 مم نحو 50 دولارا.
أما فيما يخص السلاح الامريكي فحدث وبلا حرج حيث تنتشر تلك الأسلحة بكل سهولة ومن دون رادع. ويجند لترويج هذا الأسلحة شبكة واسعة من العملاء والتجار تنتشر في عدة مدن خاصة تلك التي يسيطر عليها الارهابيون، ولديهم القدرة على جلب الأسلحة عبر سفن وقوافل مهربة، أو الشراء مما يجري سلبه من قوات الجيش أو حتى قوات المتطرفين أثناء عمليات الكر والفر بين المتقاتلين.
وفي هذا الصدد يقول الروقي احد تجار الأسلحة الليبيين أنه بالامكان أن يشتري أي شخص من بنغازي السلاح الأميركي من نوع «إم 4» بنحو ألفي دولار. وتنتشر في بنغازي الصدريات الأميركية الخاصة بالقتال، ويقبل عليها المتطرفون بشدة.ويضيف الروقي أن الصدرية العسكرية الأميركية هي الأغلى، ويصل سعر الواحدة إلى نحو 150 دولارا ويقول إنه أبرم صفقة مع وسطاء لمقاتلين يعتقد أنهم من درنة وسرت (منتمين لتنظيم داعش) قبل أسبوعين. وهناك نوع من الصدريات المزودة بقميص واق من الرصاص وهذه يزيد سعرها ويصل إلى نحو 300 دولار.