الوقت- قال موقع وورلد سوشاليست الامريكي على لسان الكاتب جوزيف كيشور ان الانتخابات الامريكية التي تدعي الديمقراطية هي عبارة عن قذيفة فارغة وجوفاء وأن هذه الانتخابات تعيش الان حالة من الفوضى.
وقال الموقع انه وفي أعقاب المناظرة الرئاسية النهائية بين المرشحين ترامب وكلينتون يوم الأربعاء المنصرم، وقد غدت وسائل الإعلام الأمريكية في ضجة واسعة على التصريحات التي أدلى بها المرشح الجمهوري دونالد ترامب والتي قال فيها بأنه قد لا يعترف بنتيجة الانتخابات في 8 نوفمبر.
وردا على سؤال المشرف على النقاش
كريس والاس من شبكة فوكس نيوز عما اذا كان ترامب "يقبل نتيجة هذه الانتخابات"، أجاب ترامب أنه "سننظر في الأمر في ذلك الوقت،" حيث شهد يوم الخميس حملة واسعة من الاحتجاجات على تصريحات ترامب إلى حد ما، حين قال إن "قبول نتيجة الانتخابات امر ينبغي ان يكون واضح للجميع" وذلك بحجة أن كلينتون "هي الشخص الأكثر فسادا وانها غير شريفة وغير مؤهلة للحصول على هكذا مكتب"، واضاف ان بلاده سوف ستحتفظ بحق "خوض ملف طعن قانوني في حالة وجود نتيجة مشكوك فيها ".
وتعليقات ترامب في النقاش تتماشى مع تصريحات سابقة له بان أن الانتخابات يتم تزويرها من قبل وسائل الإعلام لصالح كلينتون، وتأكيداته تاتي ضمن إيحاءات عنصرية واضحة ومشخصة حول حق الملايين من الأميركيين بالتصويت، وخاصة في المراكز الحضرية، والذين يصوتون بشكل غير قانوني.
ومن وسائل الإعلام التي تسيطر عليها المؤسسة السياسية الامريكية، كان هناك استجابة واضحة لادانة ترامب حيث أعلنت واشنطن بوست انه يجب "احترام إرادة الناخبين" وأضافت نيويورك تايمز أن ترامب قد تحول من " إهانة ذكاء الناخب الأمريكي لإهانة الديمقراطية الأمريكية نفسها ".
وفي هذا السياق نفسه أصدر السيناتور الجمهوري والمرشح الرئاسي السابق جون ماكين بيانا اعلن فيه عن ان التنازل للمنتصر في الانتخابات هو "عملة يدل على احترام إرادة الشعب الأمريكي، الاحترام الذي هو المسؤولية الأولى لدى كل زعيم الأمريكي."
هذه البيانات من افتتاحيات صحف عالمية وكبار السياسيين تنضح بالنفاق، كما أنها تعبر عن العصبية التي تمتد إلى ما هو أبعد من تعليقات السيد ترامب، فالممثلين السياسيين للطبقة الحاكمة يسارعون إلى الدفاع عن النظام السياسي الذي ينظر اليه بشكل متزايد على أنه غير شرعي من قبل قطاعات واسعة من السكان الامريكيين.
وجميع هذه التصريحات من وجهة نظر تاريخية، يجب أولا أن تشير إلى أنه وحتى منتصف القرن 20 فان كل الانتخابات التي شهدتها الولايات المتحدة كانت نوعاً ما "ثابتة" بقدر ان أجزاء كبيرة من السكان قد منعوا من التصويت، فقد أعطيت النساء فقط حق التصويت في عام 1920، ناهيك عن الحرمان المنهجي للأمريكيين من أصل أفريقي والتي كانت جميعها نتيجة ثانوية للصراعات الاجتماعية الهائلة التي تعيشها امريكا.
اي انه على مدى العقود الأربعة الماضية، كانت أشكال الديمقراطية للحكم تحت وطأة الهجوم المنظم الذي تقوم بها امريكا، وذلك تماشيا مع النمو الشديد لعدم المساواة الاجتماعية التي تشهده الولايات المتحدة، حيث جاءت نقطة التحول مع حملة لعزل بيل كلينتون بسبب فضيحة جنسية في عامي 1998 و 1999، تليها سرقة الانتخابات في عام 2000.
وفي ولاية فلوريدا - التي خسر عدد من ابنائها التصويت الشعبي، فكل الاصوات التي تم فرزها إلى حد ما، في واحدة من القرارات التي على اثرها بلغت هذه المهزلة الديمقراطية ذروتها- أكدت المحكمة العليا أن الشعب الأمريكي ليس لديه الحق الدستوري في التصويت لرئيس الولايات المتحدة، اي انه قد تم تنفيذ تزوير الانتخابات لعام 2000، وليس في الغرفة الخلفية لمبنى محكمة مقاطعة، ولكن من قبل أعلى محكمة في البلاد.
وفي أوائل ديسمبر كانون الاول عام 2000، وفي وقت مبكر من هذا القرار أشار رئيس هيئة التحرير في مجلة ""WSWS ديفيد نورثي أن هذا القرار من شأنه أن يكشف عن مدى استعداد الطبقة الحاكمة الأمريكية للذهاب في كسر للقواعد البرجوازية الديمقراطية والدستورية التقليدية."
وقد أثبتت الطبقة الحاكمة ازدرائها حول الديمقراطية من خلال تصرفاتها خلال العقد ونصف العقد الماضيين، ناهيك عن هجمات 11 سبتمبر، والتي جاءت في عام 2001، في عهد بوش وأوباما بعد ذلك، من خلال مجموعة من الإجراءات المعادية للديمقراطية تبررها اقوالهم الكاذبة تحت مسمى "الحرب على الإرهاب" فقانون باتريوت والذي اذن للمراقبة الجماعية، والاعتقال إلى أجل غير مسمى دون محاكمة ناهيك عن التعذيب و التسليم الاستثنائي واغتيال بطائرات بدون طيار، بما في ذلك المواطنين الأمريكيين، وإنشاء وزارة الأمن الداخلي وقيادة المنطقة الشمالية، ولاية قضائية عسكرية للإشراف على الاستخدام المحلي المتزايد للقوات الامريكية وإلى هذه القائمة يجب أن يضاف الشرطة الامريكية العنصرية التي تقتل أكثر من 1000 مواطن امريكي في كل عام.
أما بالنسبة للعملية الانتخابية، وتقويض قرارات المحكمة العليا فان قانون حقوق التصويت الذي يعاقب عليه قوانين الدولة يتطلب بطاقة الهوية وغيرها من القيود التي تهدف إلى حرمان الناخبين الفقراء والمسنين والأقليات الامريكية، حيث منع نحو 6 ملايين مواطن (واحد من كل 40 ناخب مؤهل لممارسه حقه الديمقراطي) عن التصويت بسبب قناعات لدى الحكومة الامريكية بارتكابهم جناية سابقة.
اي ان كل شيء يتم لمنع مرشحي الحزب الثالث المستقل من وجود أسمائهم التي تظهر على ورقة الاقتراع، وفي الوقت نفسه، فإن وسائل الإعلام تعمل لضمان أن "النقاش" الرسمي سيظل محصور بأمان ضمن الإطار الضيق لدى الطبقة الحاكمة.
"الديمقراطية الأمريكية" هي قذيفة جوفاء وفارغة، يشرف عليها الحزبان الذين يتم التحكم بهما من قبل الطغمة المالية والعسكرية وتشهد امريكا الان اضمحلال مطول للديمقراطية الأمريكية في انتخابات عام 2016 اكثر من اي وقت مضى.
فان ترامب نفسه هو نتاج نظام اجتماعي وسياسي مريض، ناهيك عن كلينتون، التي طالتها فضيحة رسائل البريد الإلكتروني المسربة والتي كان من المفترض ان تعرضها لمسائلة قانونية اي ان واقع "الديمقراطية" الأمريكية ربما يمكن تلخيصه في أنه، قبل ثلاثة أسابيع اي في 8 نوفمبر، بدأ الجيش الأمريكي بتصعيد عسكري كبير في منطقة الشرق الأوسط، وهناك نقاش واسع حول عواقب هذا التصعيد على الانتخابات التي من المفترض أن تكون الوسيلة الرئيسية للسكان التي يمكن أن تؤثر على السياسة التي يتبعها القادى الامريكيين.
وفي الختام فان أزمة الديمقراطية هي نتاج للتعفن الرأسمالية الأمريكية، التي تشرف عليها الطبقة الحاكمة المصممة على المضي قدما في سياسة الحرب في الخارج والتقشف في الداخل وهي السياسة التي تتطلب هجمات أكبر من أي وقت مضى على أشكال الديمقراطية للحكم، وأيا كان ما سيحدث في 8 تشرين الثاني، فإنه لن يتم حل أي شيء، بل انه سيتم فقط تمهيد الطريق للأزمة السياسية المستمرة التي لا يمكن حلها إلا من خلال التدخل المستقل للطبقة العاملة على أساس برنامج اشتراكي ثوري.