الوقت – في محاولة منها لحماية الجنود البريطانيين الذين يرتكبون جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الخارج أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، الثلاثاء، أنها ستتخذ إجراءات لحماية الجنود البريطانيين من القانون الإنساني الأوروبي، وتجنب ملاحقتهم قضائيا بسبب العمليات الخارجية التي يشاركون فيها.
وسعيا منها لإستمالة المواطنين البريطانيين وكسب تأييدهم لخطوتها هذه قالت ماي ان الملاحقات القضائية للجنود البريطانيين أدت إلى 1500 تحقيق جنائي وكلفت دافعي الضرائب أكثر من 100 مليون إسترليني، حسب تعبيرها.
وإدعت تيريزا ماي "ان الجنود البريطانيين يذهبون إلى المعارك من أجل الدفاع عنا.. ونحن في جانبكم وخلفكم فيما تفعلونه".
وقالت ماي، في بيان مشترك سيصدر في وقت لاحق مع وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون، وتم توزيعه على الصحفيين، "سيتم حماية القوات البريطانية من الادعاءات الكيدية التي لاحقت الجنود في الصراعات السابقة"، مشيرة إلى أنه "في الصراعات المستقبلية ستختار بريطانيا الانسحاب من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وحماية قواتنا على الجبهة من الادعاءات القانونية الزائفة".
إن وصف شكاوى المدنيين الأفغان والعراقيين الذين وقعوا ضحية تجاوزات وإجرام الجنود البريطانيين بالإدعاءات الكيدية والإدعاءات القانونية الزائفة من قبل رئيسة الوزراء البريطانية يدل على تأييد ماي لكل هذه الجرائم التي يندى له جبين البشرية ويثبت ان البريطانيين لا يستبدلون رؤساء حكوماتهم المجرمين الا بمن هو أشد إجراما.
ومن جانبه، أعلن وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون أن المشروع الذى أعلن عنه خلال مؤتمر الحزب المحافظ المنعقد في بيرمنغهام بوسط إنكلترا يهدف إلى منع رفع شكاوى ضد القوات المسلحة البريطانية بناء على "اتهامات زائفة"، وادعى فالون إنه "تم استغلال نظامنا القضائي لتوجيه اتهامات زائفة إلى جنودنا بصورة عامة".
وإستخدم فالون تعابير تيريزا ماي نفسها وحاول التحدث ايضا عن الضرائب وما شابه ذلك قائلا "ان هذا تسبب بمعاناة كبرى لأشخاص جازفوا بحياتهم لحمايتنا، وكلف دافعي الضرائب الملايين، وهناك خطر جدي بأن يمنع قواتنا المسلحة من إنجاز عملها".
وكانت لندن قد أنشأت هيئة أطلقت عليها اسم "فريق الادعاءات التاريخية في العراق" وهي مكلفة بالتحقيق في الاتهامات التي يوجهها مدنيون عراقيون إلى جنود بريطانيين بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان خلال الفترة ما بين اجتياح العراق عام ٢٠٠٣ ورحيل القوات القتالية من هذا البلد عام ٢٠٠٩.
ويحقق فريق الادعاءات التاريخية في حرب العراق في ما يقرب من 1500 ادعاء بسوء المعاملة والقتل غير القانوني للعراقيين.
وربما يمكن القول ان أهم ما قالته تيريزا ماي في مؤتمر حزب المحافظين البريطاني في هذا المجال هو قولها "الى جانب أعلى ميزانية عسكرية في اوروبا والتي هي لنا فإن ما نقوم به اليوم هو بمثابة استمرارنا في اداء دورنا على الساحة العالمية أي الحفاظ على المصالح البريطانية في انحاء العالم".
إن هذه التصريحات تظهر بصراحة استمرار النهج الإستعماري الخبيث في أداء وكلام القادة البريطانيين وهي تأتي بعد ان أغلقت السلطات البريطانية في شهر أغسطس مكتباً حقوقيا خاصا باسم "المحامين عن المصالح العامة" والذي كان يتابع عدة شكاوى ضد القوات المسلحة البريطانية رغم الشعارات الطنانة والزائفة حول حرية التعبير والديمقراطية في بريطانيا، وبعد ذلك اعلنت الحكومة البريطانية عن وضع عقوبات جديدة ضد المؤسسات الحقوقية التي تستخدم أساليب "كيدية" وتعرض ملفات تتعلق بالقوات المسلحة أمام الرأي العام.
وكان حزب المحافظين البريطاني قد أعلن في حملته الدعائية خلال الإنتخابات العامة في العام الماضي انه يتعهد بمنع ملاحقة القوات المسلحة التي ترفع بحقها الشكاوى الحقوقية والشكاوى الإنسانية في خارج الحدود والتي تسلب منها القدرة على اداء مهامها!
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ماذا يفعل الجنود البريطانيون بعيدا عن الحدود البريطانية بآلاف الكيلومترات وما هو الواجب الوطني والقومي الذي يؤدونه وما هو الخطر الذي كان يهدد أرواح المواطنين البريطانيين في أفغانستان والعراق حتى يحتاج الأمر الى "تضحيات" الجنود البريطانيين كما يحلوا للقادة البريطانيين وصفه.
ويكشف فالون في تصريحاته عن النوايا الحقيقية من وراء هذا المشروع البريطاني الجديد حينما يقول "ان هذا سيساعدنا على حماية جنودنا أمام الدعاوى الكيدية وتطمينهم بأنهم يستطيعون إتخاذ القرارات الصعبة في ميدان القتال بكل ثقة بالنفس، ان هذا سيجعلنا قادرين على صرف الميزانية الدفاعية التي تكبر الآن على المعدات وليس على المحامين".