الوقت- الطائفة الإسماعيلية هي إحدى الفرق الشيعية، ويعتقد البعض بأنها تشكل ثاني أكبر هذه الفرق بعد الطائفة الإثني عشرية (الإمامية). وتشترك الإسماعيلية مع الإثني عشرية في مفهوم الإمامة، إلاّ أن الخلاف وقع بينهما بعد وفاة سادس أئمة أهل البيت الإمام جعفر الصادق "عليه السلام". إذ زعم الفريق الأول بأن الإمامة في ولده الأكبر إسماعيل، في حين تعتقد الشيعة الإثني عشرية بأن الإمام هو أخوه "موسى الكاظم" عليه السلام لثبوت وفاة إسماعيل في حياة أبيه وشهادة الناس بذلك.
ويتركز الكثير من الإسماعيليين اليوم بشكل أساسي في منطقتي نجران بالسعودية وحراز في اليمن، كما لهم وجود في شبه القارة الهندية وباكستان وأفغانستان وسوريا وبعض الدول الأفريقية.
نبذة تاريخية عن الإسماعيليين
كان أول إنتشار واسع للإسماعيلية في اليمن، عندما إستطاع الداعية الإسماعيلي الحسين بن حوشب الملقب بالمنصور أن ينجح في دعوته في هذا البلد، وأن يتغلغل في القبائل اليمنية ويفتح بها القلاع والحصون، ويسيطر على رقعة واسعة من الأرض ليقيم أول دولة إسماعيلية سبقت الدولة الفاطمية الكبرى بنحو ثلاثين سنة. ولم يقف إبن حوشب عند هذا الحد؛ بل شمل نشاطه مناطق أخرى في شبه الجزيرة العربية والسند والهند والمغرب ومصر وغيرها من المناطق.
ويواجه أتباع الطائفة الإسماعيلية في منطقة نجران تهديدات متزايدة نتيجة للتمييز الرسمي السعودي بحقهم. وتزايدت التوترات بين السلطات المحلية في نجران وهذه الطائفة في العقود الأخيرة لتبلغ ذروتها أثناء المواجهات التي إندلعت بين متظاهرين من الإسماعيلية ووحدات من الجيش والشرطة السعودية في أبريل/نيسان عام 2000.
وشمل التمييز السعودي بحق الإسماعيليين الإقصاء من الوظائف الحكومية ومنع الممارسات الدينية وإنتهاك العدالة الإجتماعية. كما قامت سلطات الرياض في مراحل زمنية متعددة بسجن وتعذيب وإصدار أحكام تعسفية بحق المئات من أتباع الإسماعيلية، وعمدت كذلك إلى نقل المئات منهم إلى خارج نجران التي تعد موطن الإسماعيليين منذ بدايات الإسلام أيْ قبل أكثر من ألف عام.
وفي ستينيات القرن الماضي إعتقلت السلطات السعودية التي تدين بالفكر الوهابي المتطرف عدداً من زعماء الطائفة الإسماعيلية في الطائف ومكة لمدد تتراوح بين خمسة وعشرة أعوام لمنعهم من المطالبة باستقلال مساجدهم وممارسة طقوسهم الدينية بحرية. ويشعر الإسماعيليون في الوقت الحاضر بالتمييز السعودي أكثر من أي وقت.
ويمكن القول بأن الإسماعيليين تعرضوا لإضطهاد شديد على يد سلطات آل سعود والحكومات الموالية لها التي تعاقبت على حكم اليمن كما تعرض غيرهم من الفرق الشيعية لهذا الإضطهاد، خاصة الطائفة الزيدية التي إنبثق عنها الحوثيون الذين إتخذوا من صعدة شمال اليمن مركزاً لهم وتشكلت من بينهم حركة أنصار الله عام 1992 بقيادة حسين بدر الدين الحوثي، والتي يتزعمها حالياً أخوه عبد الملك بن بدر الدين الحوثي.
موقف الإسماعيليين من الأحداث في اليمن
إثر نجاح الثورة الشعبية في اليمن وتسلم حركة أنصار الله مقاليد الأمور بعد سلسلة من الإحتجاجات والتظاهرات التي أجبرت الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي على تقديم إستقالته في كانون الثاني 2015 والهروب إلى السعودية في آذار من نفس العام، وجد الإسماعيليون الفرصة المناسبة للتخلص من الإضطهاد الديني الذي تعرضوا له طيلة العقود الماضية على يد الحكومات التي تعاقبت على اليمن والتي كانت تتلقى الدعم من السعودية لتحقيق مآرب طائفية وسياسية على حساب الشعب اليمني وسيادة بلاده ووحدة أراضيه.
وبعد شن السعودية لعدوانها الظالم على اليمن بالتحالف مع أمريكا والعديد من الدول الغربية والإقليمية قبل أكثر من عام ونصف العام وجد أتباع الطائفة الإسماعيلية أنفسهم أمام إختبار جديد يستهدف وجودهم كباقي الطوائف الدينية وفي مقدمتها الطائفة الزيدية التي تنتمي لها حركة أنصار الله، وأصبح من الأهمية بمكان إتخاذ موقف حازم من قبل جميع اليمنيين على إختلاف إنتماءاتهم المذهبية والقبلية تجاه هذا العدوان.
الإسماعيليون والمقاومة الإسلامية في اليمن
يعتقد الكثير من المراقبين بأن قادة الطائفة الإسماعيلية باتوا اليوم أمام خيار إستراتيجي واحد لا ثاني له، وهو ضرورة الإصطفاف إلى جانب حركة أنصار الله والجيش اليمني واللجان الشعبية الثورية والقبائل والطوائف التي تدعمهم في التصدي للعدوان السعودي الذي تسبب بقتل وجرح الآلاف من الأبرياء وتدمير البنى التحتية لليمن، والمساهمة كذلك في إعادة بناء البلد، خصوصاً بعد توفر الأرضية المناسبة لذلك إثر تشكيل المجلس السياسي الأعلى لقيادة البلاد بالتنسيق بين حركة أنصار الله وحزب المؤتمر الشعبي العام برئاسة الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح. ومما يعزز هذا الإعتقاد هو الأواصر الإجتماعية والتاريخية العميقة التي تجمع بين الإسماعليين وباقي الطوائف في اليمن، والمعاناة المشتركة والطويلة التي قاسوها على يد آل سعود والحكومات اليمنية الموالية لهم طيلة عقود من الزمن.