الوقت- منذ أيام، أعلن مسؤولون أميركيون أن امريكا تعدّ خططاً لإعادة تزويد الأردن بذخائر خلال الأسابيع المقبلة ربما تضم أسلحة موجّهة بدقة. وأوضح المسؤولون الأميركيون، أن تخطيطاً يجري للمساعدة في سد النقص في مخزونات الأردن من العتاد الحربي.
وكان الملك الأردني عبدالله الثاني قد التقى نواباً أميركيين في واشنطن الأسبوع الماضي في سعي منه للحصول على ذخائر دقيقة إلى جانب قطع غيار طائرات ومعدات رؤية ليلية إضافية.
ويأتي هذا في الوقت الذي يعزز فيه الأردن دوره في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الارهابي، وتتحدث أوساط مراقبة عن سيناريو وشيك للمشاركة في "حرب برية" ضد هذا التنظيم، وعن اجراءات جديدة بدأت تتخذها الحكومة الأردنية في هذا المجال.
إلا أن هذا التصعيد الاردني ضد التنظيم الارهابي -كما يصفه مراقبون- غير واضحة المعالم والأهداف، وهو بالطبع لم يأت نتيجة قرار استراتيجي بمحاربة الارهاب، فالمعلوم أن الأردن يقدّم الدعم لجبهة النصرة المدرجة عالمياً على لائحة الارهاب، والتي لا تختلف عن داعش الارهابي في مبادئها وتوجهاتها وممارساتها الارهابية، وهناك أخبار مؤكدة بأن المعركة التي تخوضها جبهة النصرة في ريف درعا والقنيطرة في سوريا، تدار من غرفة عمليات "الموك" في الأردن تحت اشراف استخبارات أردنية وأجنبية.
يمكننا القول بأن حرب الأردن الجديدة مع داعش الارهابي إنما جاءت استجابة للمتغيرات الطارئة على وضع المنطقة والأردن بشكل خاص، خاصة بعد الجريمة التي ارتكبها هذا التنظيم الارهابي باعدام الطيار الاردني معاذ الكساسبة بطريقة مروعة، والضغط الشعبي على الدولة الأردنية للأخذ بالثأر.
الأمر الذي تعلم أمريكا كيف تستغلّه وتستخدمه لتحقيق مآربها في المنطقة، فالأردن الذي حاول طوال الفترة الماضية تجنب التصادم المباشر مع الجماعات الارهابية، وجد نفسه أخيراً أمام خيار لابد منه بإعلان الحرب على تنظيم داعش الارهابي، وهنا تأتي المساعي الأمريكية لتسليح الأردن، في محاولة لاخضاع الأردن واملاء شروط عليه في طريقة التعاطي مع الجماعات الارهابية، بما يضمن المصالح الأمريكية.
إذا فالسلاح الأمريكي الذي سيحصل عليه الأردن هو لأهداف محددة الغرض، ولا يهدف لشن حرب شاملة على الارهاب للقضاء عليه نهائياً، إذ كيف يمكن أن نفسر بأن امريكا تمنع السلاح عن الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي في حربهم ضد داعش الارهابي في العراق، وفي الوقت نفسه تعد الخطط لتزويد الأردن بالسلاح لمحاربة نفس التنظيم الارهابي.
فمن المعلوم في المعادلات العسكرية بأن من يمسك الأرض هو من يفرض شروطه في المعركة. والأمر الذي تخشاه امريكا هو أن تنجح القوى الحليفة لايران بالسيطرة على الأرض، وهو ما تبشر به الوقائع الميدانية، لذلك من الممكن أن تدفع امريكا الأردن للمشاركة في الحرب البرية ضد داعش الارهابي، بهدف فرض معادلات جديدة على الأرض.
ويبدو أن الأردن قد بدأ يجني ثمار سياساته غير الحازمة تجاه الارهاب في المنطقة، فمسايرة الأردن لأمريكا في سياساتها قد أدى إلى تنامي وامتداد رقعة التيار التكفيري في المنطقة، الأمر الذي اضطره لنشر الآلاف من قواته على الحدود مع العراق للحيلولة دون تسلل عناصر داعش الارهابي وضبط تدفق الاسلحة. وهاهو اليوم يتحمل عبء ضرب التنظيم الارهابي نيابة عن التحالف الدولي، وربما سيخوض بالنيابة عنه أيضاً حرباً برية في سوريا، وسيدخل مرحلة شديدة التعقيد، من غير المعلوم إن كان قادراً على مواجهتها.
ينبغي على الأردن في هذه المرحلة أن يكون شديد الحذر من النوايا الأمريكية، والتي تريد أن تورط الأردن في تدخل بري في سوريا، فالحرب العراقية ضد داعش الارهابي لن تكون طويلة الأمد في ظل التقدم الذي يحرزه الجيش العراقي و قوات الحشد الشعبي هناك، فيما يبدو أن ساحة الصراع النهائية ضد داعش الارهابي ستكون سوريا، الساحة المقعدة من الأساس.
فما يحتاجه الأردن في ظل هذه الظروف هو التعاون مع النظام السوري ضد العدو المشترك، أي الارهاب، وتسوية أجواء عدم الثقة السائدة لدى النظام السوري تجاه الأردن، وضبط الحدود أمام تدفق الرجال والعتاد للمجموعات المسلحة على الحدود بين الطرفين، وعدم الانجرار وراء امريكا في سياساتها الهوجاء التي لم تجلب على المنطقة إلا الحروب والدمار.