الوقت- لا يمكن للقارئ الساعي الى فهم دقائق الاحداث وروابطها الخفية, أن يفتح ملف الارهاب في سيناء دون أن يتوقف عند مشروع اسرائيلي يقوده اليمين المتطرف بموافقة نتانياهو, يدعو الى استبعاد مليون وسبع مئة الف فلسطيني من سكان مناطق ما يسمى 1948.
فهذا المشروع والسعي الاسرائيلي الجاد في تنفيذه في ظل تزايد المخاوف من الفلسطينيين المقيمين ضمن اراضي ال 1948 والضفة الغربية, يوضح خفايا ما يجري في سيناء من تحضيرات تصب بالنهاية في استبعاد الفلسطينيين الى سيناء تحت عنوان منع تحويل المنطقة الى بؤرة تكفيرية, تمهيدا لتكون هي المرحلة الاولى من مشروع اقامة الوطن الفلسطيني البديل.
فوجود أنصاربيت المقدس على الحدود المصرية الفلسطينية, يؤسس للتواصل بين هذه المجموعة والفلسطينيين في غزة وهذا ما يسمح بالترويج الى وجود ارتباط وثيق بين المقاومة الفلسطينية وجارها داعش الارهابي, في محاولة لاظهار عمليات المقاومة الفلسطينية بصورة الارهاب المماثل لنشاط هذا التنظيم الارهابي واسقاط الشرعية المكتسبة من قبل المقاومة انطلاقا من مبدأ الدفاع عن النفس.
ولهذا نتائج خطيرة جدا تضع حماس امام توجهين, أما مواجهة القوى التكفيرية للحيلولة دون تمدد هذا الفكر الى المجتمع الغزاوي وهذا ما يدخل حماس في صراع مع تيارات التكفير خصوصا بعد اعادة التموضع الذي توجهت حماس لتنفيذه عبر اعادة فتح قنوات الاتصال مع تيار المقاومة, وهذا يؤسس لصراع بين حماس والقوى التكفيرية وما يتبعه من ترويج لقتال حماس من قبل هذه المجموعات السريعة الانفعال.
وفي حال وقوف حماس دون اي فعل, سيتغلغل التكفير الى غزة وما يتبعه ذلك من حرف للصراع مع الكيان الا سرائيلي نحو وجهات بديلة تبدع المجموعات التكفيرية في انتقائها خدمة للكيان, ويغرق قطاع غزة في صراع ليس في مكانه ولا زمانه.
كل هذا يجري والتكفير المنفذ والخادم الامين لمشروع طفل الغرب المدلل الكيان الاسرائيلي, فتراه اليوم يسدد بوصلة استهدافه الى سيناء, في لعبة اسرائيلية متعددة الاهداف والمقاصد نذكرها:
1. ابتزاز نظام الرئيس السيسي لدفعه للعب دور مطلوب منه, وهو ضرب حماس والتضييق عليها وايقاف ورود السلاح الى غزة, عبر تشديد الحصار والرقابة واقفال كل الانفاق تحت حجة مكافحة الارهاب الذي يستفيد من الانفاق.
2. تأمين أرضية وبيئة فوضى تسمح للكيان الاسرائيلي باحكام سيطرته على سيناء عبر التدخل المباشر او الاستعانة بقوة دولية تحتل سيناء تحت حجة طرد الارهاب وحماية قناة السويس, الامر الذي ترفضه مصر.
3. تحويل غزة الى منطقة متفلتة امنيا, تمهيدا لجعلها منطقة ايواء لمليون وسبع مئة الف فلسطيني كما صرح نتانياهو عن نيته استبعادهم من اراضي ال1948, كمرحلة اولى من مشروع الوطن الفلسطيني البديل في تلك المنطقة.
4. ايجاد قوة تكفيرية بجوار غزة التي تنتمي مقاومتها الى تيار ديني, في محاولة لحرف واعادة تشكيل البنية الايديولوجية للمقاومة ومقاتليها, وفق منطق وفكر التكفير وما يؤسس ذلك لحرف مسار المقاومة في غزة من تيار مقاوم الى تيار تكفيري على شاكلة داعش الارهابي, واغراق غزة في اقتتال داخلي بين حماس وتيارات المقاومة من جهة وتيارات التكفير المتغلغلة في سيناء والتي لا بد من ان تتسلل وتدخل المجتمع الغزاوي من جهة اخرى بفعل الجيرة والعلاقات.
5. انهاك الجيش المصري لاضعافه وتشتيت جهوده وقدراته عبر اغراقه في مواجهات مع التيارات التكفيرية في سيناء.
6. شق الشارع المصري بشكل عمودي يحول دون استمرار التعاطف الشعبي المصري مع حماس والقضية الفلسطينية وخلق عداء بين غزة والشعب المصري عبر التسويق بأن الجماعات التكفيرية تقاتل بعناصر من غزة وسلاح فلسطيني وتتعرض للجيش الذي يعني الكثير من الرمزية عند الشعب المصري, وما يتبع ذلك من مضايقات وتشديد للحصار القائم على غزة.
وسط هذا المخطط الخطير بأهدافه المتعددة, ووسط تشخيص لدور اسرائيلي بامتياز تلعبه المجموعات التكفيرية بادارة الاستخبارات الاسرائيلية, ووسط وضوح التآمر على تيار المقاومة في غزة, لماذا يسعى نظام مصر للتسويق لمساواة بين الاخوان المسلمين وداعش الارهابي, عبر الايحاء بان من يقف وراء انصار بيت المقدس النسخة المصرية لتنظيم داعش الارهابي هم حماس وتيار الاخوان المسلمين, وما يرافق ذلك من اجراءات متشددة جدا وقاسية تقوم بها الحكومة المصرية تجاه حماس والاخوان المسلمين في مصر, وسط تجاهل للدور الاسرائيلي الفاعل بقوة على الساحة وخط الأزمة في سيناء, ولصالح من يقود البلاد الى صراع خطير جدا يكشف المجتمع المصري على مصراعيه ويؤسس لعداوات ومواجهات تصب حتما لصالح الكيان الاسرائيلي ؟؟!!
ثلاث عوامل اساسية تدفع حكومة الرئيس السيسي لمثل هذه الاجراءات في مؤامرة مشتركة يقودها النظام والقوى التكفيرية ومن ورائهما الكيان الاسرائيلي, تستهدف الشعب المصري والجيش والمقاومة في غزة, هذه العوامل:
1. تأثيرالكيان الاسرائيلي على حكومة السيسي والعلاقات الامنية المشتركة بين القاهرة وتل أبيب, ووقوع حكومة السيسي تحت تأثير هذه الضغوط والتماهي معها.
2. تولي حكومة السيسي مواجهة مشروع الاخوان المسلمين السياسي المدعوم من بعض الدول العربية وتركيا وهذا يعد من اولى اولوياتها.
3. الاستفادة من التحالف القائم لمواجهة داعش الارهابي, لقمع حركة الاخوان المسلمين المعارضة والايحاء بان تيار الاخوان هو رديف ومماثل لداعش الارهابي وهو الذي يقف وراء الارهاب في البلاد.
ان الربط بين هذه الاحداث ووجهة الاستفادة منها من قبل تل ابيب والقاهرة لا يمكن الجزم بأنه منسق بشكل مباشر بينهما, ويمكن أن يكون مجرد تلاق عشوائي غير منسق, ولكن في المقابل فإن امكانية ان تلعب الاستخبارات الاسرائيلية والمصرية دورا في ادارة هجمات وسلوك ونشاط الحركات التكفيرية قائمة بقوة ايضا, فتاريخ العلاقات الاستخباراتية بين الجهازين قديم وعريق.
أما ما يحتاج الى تأمل, هو أن هذه الحركة التكفيرية وما تبعها من حملات على سيناء تصب حتما في مصلحة الكيان الاسرائيلي وتعتبر فرصة مهمة لها, ولكنها تحمل في طياتها خطرا كبيرا على النظام المصري واستقرار البلاد وقد تدخل الشعب المصري في نفق مظلم وخطير جدا عبر صراع داخلي غير محسوب النتائج.
فمن يوقف المسار المخيف الذي تنتهجه الحكومة المصرية ومن يوقف مكر الكيان الاسرائيلي العابث في امن البلاد العربية ويضع حدا لعملائه التكفيريين, ومن ينجي الجيش المصري من مؤامرة تضعه بين فك التكفير وتؤسس لعداء بينه وبين المقاومة الفلسطينية الجارة ..؟؟؟!!
هي فتنة كبرى تعصف بالبلدان العربية, تفتت قوتها وتحول حدودها الى بقع مغلقة تسود في داخل كل منها الصراعات المذهبية التي يتقن الاعلام والسلوك التكفيري الدعائي والاجرامي تأجيجها واستثارتها, وما مسلسل الاعدامات الفائقة الابداع في الانتاج والدقة التي تظهر عظيم بطولات التمثيل وقتل الاسرى واساليب القتل التي تحرض الوجدان وتستفزه, الا دفعا وتحفيزا وتوجيها نحو اقتتال طائفي اعمى, يحرق الدول العربية المجاورة للكيان الاسرائيلي, الذي ينعم بأمان يكاد يكون كلياً لولا وجود حركات مقاومة اصيلة تعرف من اين تهب رياح الفتن, وتتقن اقفال ابوابها ولو بدماء شبابها المقاوم.
هو مشروع الشرق اوسط الجديد, مشروع اتى ليستنقذ الكيان الاسرائيلي من مشكلته الاستراتيجية التي تهدد وجوده, مشروع يضع المقاومات الحقيقية في مواجهة مقاومة مزيفة لا تنتمي الى المحيط ولا الى ثقافة الشعوب العربية بصلة, انما هي وكيل لعدو اصيل اسرائيلي, وجد مصلحة بظهور تيار اسلامي مصطنع ظهر على لسان كونداليزا رايس وجيمس وولسي وكانت تجلياته اليوم !!
فبين حكومات عربية ليست اصيلة, وحركات تكفيرية عميلة وعدو اسرائيلي ماكر, تستعر المواجهة في تقابل مشروعين بلغت نسبة الاشتباك بينهما حدها الاقصى واضطر فيها المشروع الاسراامريكية استخدام سلاحه الاخير , الحرب الايديولوجية وسلاح التكفير!!!