الوقت- من رأى الجماهير الايرانية محتشدة في الساحات والشوارع في كل المدن والمناطق في البلاد في الذكرى السنوية السادسة والثلاثين لانتصار الثورة الاسلامية ربما يعرف سبب ذلك لقربه وتتبعه للاحداث في المنطقة وربما لايعلمه بسبب ابتعاده عن طبيعة الاجواء السائدة في ايران والمنطقة ، لكن هناك شيء واحد يغبط كل هؤلاء النظام الاسلامي في ايران به ألا وهو الدعم الشعبي الهائل لهذا النظام ، فما اسباب هذا الدعم وما هي التحديات امام هذا الشعب وكيف يجتازها ؟
ان سر هذا الالتفاف الشعبي المنقطع النظير هو في اسلامية النظام الحاكم في ايران وهذا ما أسس له مفجر الثورة الاسلامية في ايران الامام الخميني الراحل (ره) ، فالشعوب المسلمة في هذه المنطقة كلها تواقة الى أنظمة تتخذ من الاسلام الحقيقي مصدرا للحكم وتقيم العدالة الاسلامية والانسانية وتمهد الطريق لنهضة وتطور الشعوب كما هو حاصل في ايران الاسلام اليوم .
ان اي مسلم في عالمنا اليوم هو متعطش لتعاليم دينه الحنيف وكذلك لتطبيق هذه التعاليم في المجتمع ما يرفع الشعوب من الحضيض الى قمة العز والفخر مهما تكن التضحيات جسيمة في سبيل تحقيق ذلك والجميع يتذكر هنا ان الشعب الايراني الذي يقعد اليوم القوى العالمية الكبرى على طاولة المفاوضات النووية ويتفاوض معهم بندية قد تعرض لضغوط كثيرة وحرب مدمرة اشعلها طواغيت العالم الذين دعموا نظام صدام وحرضوه على ايران لكن هذا الشعب لم يتراجع رغم كل المؤامرات والضغوط وبقي يقاوم ويبدع ويتطور وقد فرض نفسه "الرقم الاول" في منطقة الشرق الاوسط بشهادة العدو قبل الصديق ، والفضل ما شهدت به الأعداء .
ونحن لسنا في صدد رفع الشعارات فقط والجميع يعلم بأن الذكرى السنوية لانتصار الثورة الاسلامية في هذا العام قد مرت والشعب الايراني يعاني من ضغوط اقتصادية عليه بسبب العقوبات الغربية لكن السؤال التي يتبادر الى الذهن هو سبب عدم فقدان الشعب الايراني أمله في المستقبل والتعاطي بايجابية مع كل حدث ، وللاجابة نقول بأن المتابع لمجريات الاحداث في داخل ايران يعلم بأن هذا الشعب لديه الثقة بحكمة وحنكة ودراية من يحكمه ، ولذلك لم يفقد الشعب أمله في تحسين الاوضاع في يوم من الايام منذ انتصار الثورة وهذا بالاضافة الى موضوع مشاركة الشعب الايراني في الحكم والحكومة والنظام .
ولعل اهم حدث فيما يتعلق بايران في هذه الايام هو موضوع المفاوضات النووية مع الدول الست حيث يمكن القول بان الجانب الايراني استطاع اسقاط كل الذرائع التي كانت بيد الغرب لاتهام ايران بعدم سلمية برامجها وانشطتها النووية وبات الجانب الغربي لايستطيع بعد الآن التذرع بشيء لاتهام ايران بعد اتفاق جنيف والتزام ايران ببنود ذلك الاتفاق وبهذا ستصبح يد ايران من الآن وصاعدا مطلقة وستصبح يد الغربيين مقيدة ومغلولة على عكس ما ادعاه بعض المسؤولين الامريكيين .
ان أكبر دعم وسند للمفاوضين النووين الايرانيين هو هذا الالتفاف الشعبي حول النظام الاسلامي في ايران وقد كان قائد الثورة الاسلامية آية الله العظمى السيد علي الخامنئي صائبا عندما قال للأمريكيين بأنهم سيرون في مسيرات ذكرى انتصار الثورة بأن يد الشعب الايراني ليست مقيدة كما يظنون .
ان شعبا تكون يده مقيدة لا تفاوضه الجهات الغربية وفي مقدمتهم امريكا لعشرة سنوات متتالية فقط من أجل الخوف من تطور هذا الشعب كما ان العقوبات التي تتغنى بها الدول الغربية وامريكا قد تسببت بفقد الغربيين لثقة الشعب الايراني بدلا من الهدف المرسوم لهذه العقوبات والذي كان ابعاد الشعب الايراني عن حكامه ، والآن يدرك الشعب الايراني ان الجهة التي تعرقل التوصل لاتفاق نووي هي الدول الغربية وامريكا وذلك بتأثير من الكيان الصهيوني .
ولم يقتصر تطور الشعب الايراني على الجانب النووي فقط رغم كل العداء الغربي له بل ان هذا الشعب استطاع تسجيل انجازات قل نظيرها في المنطقة وفي الكثير من دول العالم فالشعب الايراني بات يرسل الاقمار الاصطناعية الى الفضاء ويستخدم تقنية النانو في الطب وغيره وقد تطور عسكريا وبشكل كبير حيث بات الجميع يحسب ألف حساب لهذا الشعب .
ورغم كل ما ذكرناه من مفاوضات وامكانية حل للخلافات على صعيد البرنامج النووي الايراني وكذلك امكانية تغيير التكتيكات السياسية خلال أية عملية سياسية يدخل فيها الدبلوماسيون الايرانيون الآن أو مستقبلا نرى بأن شعارات الشعب الايراني لم تتغير وقد رفعت شعارات الموت لامريكا والموت لاسرائيل الى جانب الشعارات الاخرى في مسيرات ذكرى انتصار الثورة الاسلامية ما يدل بأن الايرانيين لم يضيعوا البوصلة .