الوقت - خرج ياسر الحبيب، ليدعو الناس من أجل التبرع لفيلم قيد الإنشاء، يحمل عنوان "يوم العذاب". محاولاً حشد محبي أهل البيت (ع)، عبر الترويج لأن الفيلم يستعرض حياة السيدة الزهراء(ع) بعد وفاة الرسول (ص). وهو الأمر الذي أفتى وبشكلٍ قاطع، مراجع الشيعة بضرورة التنبه له، بل أجمع العلماء لا سيما مراجع الحوزة الدينية في قم المقدسة، أن أي مساعدة أو إبداء أي اهتمام أو مشاهدة للفيلم هو أمرٌ حرام ومخالف للشرع. وهو الأمر الذي سنقوم بتبيانه خلال المقال، مع ذكر فتاوى المراجع العظام، الى جانب ما يجب الإلتفات له، لا سيما من خلال معرفة جوهر وركن مذهب التشيُّع.
ما يجب معرفته حول مذهب التشيُّع
إن الركن الأساسي في مذهب التشيع هم مراجع التقليد. والذين يُعتبر رأيهم المرجع في التعاطي مع الأمور كافة. وقد أفتوا جميعاً بحرمة انتاج، ومشاهدة، ومساعدة فيلم "يوم العذاب"، لأن الغاية من وراءه هي إهانة مقدسات المسلمين، حيث أن المسلمين الشيعة يعتبرون مقدسات المسلمين السنة، مقدساتهم أيضاً. وبالتالي نقول إن حرمة مشاهدة ومساعدة فيلم "يوم العذاب" هي رأي وإفتاء مراجع التقليد، وهو ما يجب اعتماده. كما أنه الرأي الذي يُعبِّر عن المسلمين عموماً والشيعة خصوصاً.
رأي المراجع حول الفيلم بحسب فتواهم
إعتبر أربعة من المراجع الدينية في الحوزة العلمية في مدينة قم المقدسة، أن تقديم أي شكل من أشكال الدعم والمساعدة لإعداد فيلم "يوم العذاب" المثير للخلاف، ونشره وتوزيعه، عمل حرام شرعاً. وبحسب نص الإستفتاء من المراجع الأربعة وهم آية الله ناصر مكارم شيرازي وآية الله حسين نوري همداني وآية الله جعفر سبحاني وآية الله لطف الله صافي كلبايكاني، فإنه يشير إلى حملة نظمتها إحدى القنوات التلفزيونية العربية ومقرها في لندن منذ بضعة أشهر من أجل جمع مساعدات مالية بملايين الجنيهات الإسترلينية لإنتاج فيلم سينمائي طويل تحت عنوان "يوم العذاب"، والذي قال "ياسر الحبيب" مدير شبكة "فدك" ان الهدف منه هو تسليط الأضواء على حياة بضعة الرسول السيدة فاطمة الزهراء (ع)، لا سيما بعد وفاة النبي (ص) والإساءة التي تعرضت إليها خلال تلك الحقبة.
وجاء في نص الإستفتاء أيضا إنه نظراً إلى سجل هذه القناة التلفزيونية الحافل بالإساءة لمقدسات أهل السنة وإثارتها للخلافات المذهبية والطائفية وما تبذله من جهود للترويج للفيلم والحملة التي تم تنظيمها لجمع المساعدات المالية من أجل إنتاجه، يُرجى الإعلان عن الحكم الشرعي في هذا الخصوص.
وهنا نذكر فتاوى المراجع كما صدرت:
آية الله مكارم شيرازي
أكد المرجع الديني آية الله ناصر مكارم شيرازي في معرض إجابته على هذا الإستفتاء، قائلاً: "مما لا شك فيه أن أولئك الذين يساهمون في إعداد ونشر هذا الفيلم أو مشاهدته يرتكبون كبائر الذنوب خاصة في الظرف الحالي الذي يصب فيه أي خلاف بين المسلمين، في صالح الأعداء ويعتبر نصراً لهم. وتابع أن القيام بمثل هذه الأمور يحمل في طياته مسؤولية شرعية جسيمة وهناك إحتمال قوي بأن يكون للأعداء يد في ذلك وانهم خططوا لإثارة مثل هذه المواضيع، مؤكداً على أن كل من يساهم في ذلك يعتبر شريكا في الدماء التي قد تراق بسببه. وأضاف لابد ان تقولوا للجميع أن من يبحث عن مثل هذه البرامج المثيرة للخلافات، ليس منا. فمثل هؤلاء يستغلون وللأسف محبة وإخلاص جمع من محبي أهل البيت (ع) وخاصة العشاق منهم للسيدة فاطمة الزهراء (ع). مؤكداً على أن الرسائل التي ينطوي عليها هذا الفيلم لاعلاقة لها بالإسلام وشيعة أهل البيت (ع)."
آية الله نوري همداني
قال آية الله حسين نوري همداني رداً على هذا الإستفتاء: "نحن ضد هذه الأنشطة ولا نعتبرها ابداً لصالح الإسلام ونرى في أي مساعدة أو إبداء اي اهتمام أو مشاهدة للفيلم، حراما وخلافا للشرع."
آية الله جعفر سبحاني
وأكد آية الله جعفر سبحاني: "في الظروف التي تعيشها البلدان الإسلامية في الوقت الحاضر والفتنة الكبرى التي اثارها الأجانب والتي أدت الى تقاتل المسلمين وتشريد الملايين من العراقيين والسوريين من منازلهم وأوطانهم ليلجأوا إلى الغرب، فإن إنتاج هكذا فيلم لايحقق إلا مطالب الأعداء، وهو بعيد كل البعد عن العقل والتقوى وعلى هذا فإن انتاجه حرام وأي مساعدة مالية له، تعاون على الإثم."
آية الله صافي كلبايكاني
جاء في رد آية الله لطف الله صافي كلبايكاني: "لقد قلنا مراراً وتكراراً إن الشيعة ومحبي أهل البيت (ع) يجب أن يكونوا دائماً حذرين وأن يحرصوا على نشر المعارف القرآنية والعترة النبوية وأن يتجنبوا القيام بأي عمل قد يؤدي الى الإساءة للإسلام والمذهب ويسبب في قتل أو جرح الشيعة المضطهدين على يد أعداء الإسلام أو ينتهي بتشريد البعض من أوطانهم." وأكد المرجع الديني أيضا أنه يتحتم على المؤمنين بذل الدقة اللازمة وتجنب أي نشاط قد تكون له نتائج سلبية كإنتاج فيلم أو ما شابه ذلك.
ما يجب قوله
إن ما يجري من محاولةٍ لبث الفرقة بين المسلمين، لا سيما من قبل ياسر الحبيب وقناته فدك، والتي تبث من لندن، يمكن أن يدل على ما يلي:
- أثبت ياسر الحبيب مرةً أخرى أنه لا يُعبِّر عن الإسلام والمسلمين، وهو ما يجب الإقتناع به. بل إن خطأه المُتعمَّد هذا، والذي يصب في مصلحة أعداء الإسلام بوضوح، يجب أن يجعل العالم بأسره يعي أكثر، حقيقة المشروع الفتنوي الغربي، والذي يُعتبر ياسر الحبيب أحد أداته.
- وهنا ومنعاً لحصول أي لغط، أشرنا أعلاه الى أن رأي المراجع العظام هو الرأي المُعتمد لدى المسلمين الشيعة ومحبي أهل البيت (ع). وبالتالي فعلى الجميع أن يُدرك ويؤمن ويعرف، أن الشيعة بطبيعة عقيدتهم، هم مُلزمون بما يُقرره المراجع العظام، مُقتنعين بحكمة توجيهاتهم ومعرفتهم بمصلحة المسلمين. الأمر الذي يعني أن ما خرج به ياسر الحبيب، يُعبِّر عنه فقط، والجهة الإستخباراتية التي تقف خلفه، ولا يرتبط بالإسلام أو المسلمين.
- وهنا فإنه ليس من الضروري إثبات مساعي الغرب وبالتحديد بريطانيا وأمريكا، للعمل على بث الفتنة بين المسلمين، إذ أن ذلك معروف لدى المسلمين. في حين يعتبر فيه المسلمون الشيعة أن مقدسات إخوانهم السنة، هي مقدساتهم. وهو الأمر الذي يبدو واضحاً من خلال أداء القيادات الشيعية في العالم. كما أنه من المطلوب أن يتعاطى الجميع مع المسألة بحكمة، ومنع هدف الأعداء المتربصين بالإسلام.
لن تنجح مساعي الغرب لا سيما بريطانيا في بث الفتنة بين المسلمين. بل إن ياسر الحبيب أو أي أداة أخرى، لن تلق أي ترحيبٍ من المسلمين كافة، لا سيما الشيعة. فمحبوا أهل البيت(ع)، يمتلكون مرجعيةً تدرك حجم التحديات. وهو ما يعني بالنتيجة، أن هذا المشروع الفتنوي لن ينجح. فيما يمكن القول، بأن مشروع ياسر الحبيب الفتنوي، لا يُعبِّر عن الإسلام أو المسلمين.