الوقت- لم يكن وقع الانفجارت و الهجمات الارهابية الأخيرة في المنطقة ليكون اعتيادياً، و خصوصاً الأهداف و الأشكال الجديدة التي ظهرت فيها هذه الأعمال الارهابية، و التي كانت أسوء أشكالها محاولة استهداف حرم نبي المسلمين محمد (ص) في المدينة المنورة في السعودية بالتزامن مع اعمال ارهابية اخرى في أماكن مختلفة داخل و خارج السعودية، فما دلالات هذا الاستهداف؟ و ما الرسالة التي يسعى داعش لإيصالها من وراءه؟
أما في الدلالات:
- تزامنت تفجير الحرم النبوي الشريف في جدة مع تفجير آخر طال إحدى المساجد الشيعية في منطقة القطيف، و الانطباع المباشر الذي يمكن استشفافه من تزامن هاتين الخطوتين هو أن الارهابين لا يميّزون بين طوائف الدين الاسلامي الواحد، فهم لا يعترفون بأي من المسلمين بسائر طوائفهم و التكفير سيد الموقف عندهم، فإما معهم أو أنت كافر.
- مجرد معرفة بأن الاستهداف طال حرم أشرف خلق الله "محمد" نبي المسلمين و حامل رسالتهم يمكننا أن ندرك بأن المُستُهدِف هو شخص أو جماعة لا تمت للاسلام بصلة، فمن يريد تفجير حرم نبي المسلمين طبعاً هو ليس بمسلم، و ذلك بديهي إن كان في تصرفات الجماعت الارهابية و اعمالها من قبل في مناطق أخرى في العالم، إلا أن اقدامها الأخير جاء ليقطع الشك باليقين بأن داعش لا دين له و الاسلام براء منه.
- يمكن أيضاً الخلوص الى نتيجة أخرى مفادها ان محاولة بعض الغرب تصوير الاسلام بأنه على شاكلة هذه الجماعات الارهابية، و بان ما يقومون به هو من ديننا الاسلامي قد سقط الى غير رجعة، فقد اصرّ بعض الغرب على الباس داعش لبوس الاسلام و تسميتهم بالخلافة او الدولة الاسلامية و لا يزال، و لكن حدث الأمس باستهداف حرم النبي (ص) جاء صريحاً واضحاً بأن هؤلاء لا يعترفون باسلام محمد و لا بنبي المسلمين أصلاً و هم بعيدون كل البعد عن الاسلام و أخلاقه و محاولات الغرب أضحت سراباً.
- من الأمور الأخرى المستخلصة من هذا التفجير ذو الخصوصية من حيث الموقع، اضافة لتفجير الكرادة في العراق الذي لم نشهد سابقة في وحشيته و طريقته و عدد ضحاياه، فضلاً عن استهداف منطقة "مسيحية" في لبنان بثمان انتحاريين دفعة واحدة، يدل على ان داعش يعيش حالة من الجنون و عدم الانضباط، و انه على الأغلب بات خارجاً عن سيطرة مشغليه و المستثمرين فيه، فنوعية الأهداف و الطريقة التي حدثت بها تدل على مرحلة جديدة من الحرب مع الارهاب، و اذا ما اردنا ارجاع اسباب هكذا اندفاعة غريبة لتنظيم داعش من المرجح أن تكون الضربات المتوالية التي يتلقاها في مختلف جبهاته هي السبب و خصوصاً الضربة القاسمة التي تلقاها في الفلوجة مؤخراً، لذا بات التنظيم خارجاً عن السيطرة و يعيش حالة هرٍ حُصر في زاوية.
- أما في النفع الذي يعود به علينا هذا الجنون الداعشي مؤخراً رغم دمويته، هو وضوح الرؤية لمن لم يستوعب منذ اللحظة الأولى بأنه على المسلمين أن يكون يداً واحدة في مواجهة هذا النوع من الارهاب، و بان هذا الارهاب لن يفرّق بينهم إن كانوا سنة او شيعة أو من أي الديانات الأخرى و أفعال التنظيم منذ بدياته الأولى خير دليل و محفز على ضرورة وحدة الصف الاسلامي و العربي في وجه هذا التنظيم الذي يدّعي الاسلام و هو براء منه..