الوقت- بدأ عام 2024 بعملية طوفان الأقصى والجرائم الهمجية التي يرتكبها الكيان الصهيوني في غزة ضد النساء والأطفال وحصار هذه المنطقة التي مزقتها الحرب، ما دفع القوات المسلحة في اليمن إلى الانتفاض دعما لغزة، وحمل مراحل مختلفة من عملياتهم ضد الكيان الصهيوني، وحاربوا العدو الصهيوني وجرائمه على 5 مراحل على مدار عام ونصف، وقاموا بسد البحر الأحمر أمام سفن الكيان الصهيوني ووسعوا عملياتهم وهجماتهم إلى الأراضي المحتلة، وفي الوقت نفسه، وبزيادة قوتهم العسكرية، استعد اليمنيون لمواجهة ضغوط العدو وتهديداته، ولم يتخلوا عن أي جهد لدعم غزة على كل المستويات العسكرية والوطنية والسياسية والاجتماعية والأمنية.
التمسك بأسس وقيم الأمة الإسلامية
كان الدعم التاريخي الذي قدمته اليمن حكومة وشعبا لغزة خلال عام 2024 فريدا من نوعه، وهذه الدولة، مع تمسكها بشرعية القضية الفلسطينية وظلم شعبها، رأت أنه من الضروري نصرة الأمة الإسلامية، ولم يقبل اليمنيون أي مبرر لصمتهم وخجلهم أمام هذه الهجمات، وهم يواجهون الكارثة الإنسانية التي تعرضوا لها جراء هجوم التحالف السعودي الإماراتي والتي وصفتها الأمم المتحدة بأسوأ كارثة إنسانية في العالم ولقد استمر شعب اليمن في دعم المقاومة الفلسطينية.
المراحل الخمس لجبهة دعم غزة
وفي عملية دعم غزة، حدد اليمنيون حجم وطبيعة هذا الدعم بناء على معلوماتهم الميدانية ونفذوا 5 مراحل من عملياته بشكل متدرج لمواكبة الاتجاه المتزايد للجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، بالتزامن مع بدء العمليات البرية للكيان الصهيوني في غزة أواخر عام 2023، بدأت العملية الصاروخية الأولى للقوات اليمنية ضد ميناء إيلات، ومع استمرار هذه الاعتداءات، بدأت المرحلة الثانية من الدعم اليمني القائم على منع حركة السفن التابعة للكيان الصهيوني في البحر الأحمر وباب المندب.
وبعد تشكيل التحالف الأمريكي البريطاني لغزو اليمن، بدأت المرحلة الثالثة من الدعم اليمني لغزة، وبعد فترة وجيزة بدأت المرحلة الرابعة، والتي تشكلت رداً على العملية الوحشية للكيان الصهيوني في رفح.
وفي المرحلة الخامسة، أطلق اليمنيون طائرات يافا المسيرة إلى عمق تل أبيب ثم أرسلوا صواريخها التي تفوق سرعتها سرعة الصوت إلى الأراضي المحتلة، والتي مرت عبر منظومات الدفاع الجوي لهذا الكيان، وبلغت مرحلة مهمة في دور الجبهة اليمنية لدعم غزة وفلسطين وتشكلت هذه المراحل في عام 2024، وربما في العام القادم سنشهد المرحلة السادسة من عمليات القوات المسلحة اليمنية وتوسيع دور ونطاق هذه الهجمات لضرب أهداف أكثر حساسية في الأراضي المحتلة أو ربما أهدافًا مؤثرة لتنفيذ تكتيكات جديدة ضد البحرية الأمريكية والسفن في المنطقة.
مهاجمة سفن تحالف الشر
كان الهدف من العمليات البحرية للقوات المسلحة اليمنية هو منع الكيان الصهيوني من الشحن في البحر الأحمر وباب المندب، وبعد غزو اليمن من قبل الولايات المتحدة وإنجلترا، دخلت أيضًا السفن التابعة لهذه الدول في قائمة الحظر اليمنية، وخلال هذه الفترة تعرضت أكثر من 215 سفينة لهجوم من قبل اليمنيين، أهمها السفينة الإنجليزية مارلين لواندا التي تم استهدافها واشتعلت فيها النيران يوم الـ 26 من يناير/كانون الثاني في خليج عدن، كما غرقت السفينة الإنجليزية روبيمار بعد استهدافها في الـ 19 من فبراير الماضي، كما أصيبت السفينة البريطانية آيسلاندر بصواريخ بحرية في خليج عدن واشتعلت فيها النيران.
ونجحت البحرية اليمنية في فرض حصار على الكيان الصهيوني والسفن التابعة له، وكانت نسبة النجاح تقارب 100%، كما باءت جهود الولايات المتحدة وإنجلترا لرفع هذا الحصار بالفشل خلال العام الماضي، وكان من أهم مكونات هذا الفشل إغلاق ميناء إيلات وتوقفه عن العمل، ونقل موظفي هذه الموانئ إلى ميناءي حيفا وأسدود.
وفي هذا الصدد، غيرت السفن الإنجليزية والأمريكية أيضًا مسارها، وبهذه الطريقة فرضت تكاليف شحن باهظة على هذه الدول، وتأخر موعد وصول بضائعها كثيرًا، وتسبب ذلك في ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية أو المواد الخام المرسلة من شرق آسيا إلى أمريكا وإنجلترا، وقد قدمت التقارير الاقتصادية إحصائيات مفصلة في هذا الصدد.
الهجوم في عمق الأراضي المحتلة
وأعقبت العملية اليمنية ضد الكيان الصهيوني العام الماضي أكثر من 1150 هجوما بالصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار، ما ترك سجلا كبيرا من الهجمات ضد أهداف صهيونية، وتوسعت العمليات اليمنية ضد "إسرائيل" عام 2024 وتم الكشف عن أسلحة جديدة وصواريخ حديثة وتكتيكات فريدة في هذا المجال، وأثبتت القوات المسلحة اليمنية خبرتها العالية في عمليات التصدي للعدوان السعودي الإماراتي في هذا المجال أيضاً وعززت قدراتها الصاروخية حتى أدخلت طيوراً مثل طائرة يافا من دون طيار والصاروخ الفلسطيني 2 الذي تفوق سرعته سرعة الصوت في معادلة الصراعات.
لقد عطل صاروخ فلسطين 2 الذي تفوق سرعته سرعة الصوت جميع أنظمة الدفاع للكيان الصهيوني، ومنذ الـ 15 من سبتمبر عندما بدأ إطلاق النار ضد الأهداف الحساسة والحيوية للكيان الصهيوني، واستهدفت قوات أنصار الله اليمنية أهدافًا مختلفة مثل قاعدة نافاتيم ومطار بن غوريون، ومقر وزارة الحرب في الكيان الصهيوني وفي هذه الأثناء، يحاول الكيان الصهيوني الهروب من الاعتراف بهزيمته في هذا المجال بالخطابة واللعب بالكلمات.
وبعد فشل أنظمة الدفاع الجوي التابعة للكيان الصهيوني في الهجمات الصاروخية الأخيرة، استخدم الصهاينة كيان ثاد الأمريكي وزعموا أنهم اعترضوا الصاروخين الأخيرين، لكنهم لم يقدموا أي مستندات بهذا الخصوص، وذلك على الرغم من أن استخدام كيان ثاد في حد ذاته يظهر فشل أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية في اعتراض هذا الصاروخ.
فشل التحالف الأمريكي البريطاني في منع العمليات اليمنية
استخدم التحالف الأمريكي والبريطاني كل الوسائل لمنع الدعم اليمني لغزة، ولكن على الرغم من أكثر من 800 غارة جوية على صنعاء والحديدة وحجة وذمار وتعز والبيضاء وصعدة وعمران، إلا أنهم لم يتمكنوا من وقف الهجمات والعمليات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية، ولكنها زادت أيضًا وتسببت في استهداف السفن الأمريكية والبريطانية، ورفض عدد كبير من الدول الأوروبية والعربية المشاركة في هذا التحالف لهذا السبب، كما فضلت حكومات مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر البقاء على الحياد، ونتيجة للصراعات في البحر الأحمر، فرت أيضًا الأساطيل البحرية لهولندا وألمانيا وفرنسا وبلجيكا من هذه المنطقة وحاولت تقديم مبررات لتصرفاتها.
الهجوم على حاملات الطائرات الأمريكية
وفي عام 2024، نفذت القوات المسلحة اليمنية بأبعادها المختلفة، بما في ذلك القوات الصاروخية والبحرية والمسيرة، عمليات مختلفة ضد السفن الأمريكية والبريطانية والصهيونية، وفي هذا الصدد، دخلت حاملات الطائرات الأمريكية أيضًا على ضفة الأهداف اليمنية، وفي هذا الصدد، دخلت سفينة حربية أيزنهاور في صراع مع القوات اليمنية 4 مرات، واضطرت إلى الفرار من المنطقة، وبعد مرور بعض الوقت، أقرت التقارير الواردة بأن هذه السفينة بحاجة إلى إصلاحات كبيرة قدرت تكلفتها بأكثر من مليار دولار.
وكانت حاملة الطائرات أبراهام لينكولن هي الهدف الثاني لهذه الهجمات، التي دخلت في صراع مع القوات المسلحة اليمنية وأصيبت بعدة صواريخ كروز وطائرات من دون طيار وأجبرت على الفرار من المنطقة، وأعلن الأمريكيون حينها استهداف اثنتين من مدمراتهم بهجمات يمنية، لكنهم حاولوا عدم الإعلان رسميا عن الهجوم على حاملة الطائرات أبراهام لنكولن، ولهذا السبب تم نشر العديد من الأبحاث العسكرية والدفاعية المتعلقة بانتهاء عصر حاملات الطائرات.
حرب المعلومات اليمنية
حرب اليمن لنصرة أهل غزة كان لها أبعاد عديدة، من أهمها التي أصبحت تحديا لأمريكا والكيان الصهيوني، الحرب الأمنية والمعلوماتية، وقد اعترف المسؤولون الأمريكيون والصهاينة مراراً وتكراراً بعدم قدرتهم على جمع المعلومات الاستخبارية من اليمنيين، وكان هذا العجز السبب الرئيسي لفشلهم خلال العام الماضي في كبح تمركزات القوات اليمنية.
وفي مارس/آذار الماضي، نقلت صحيفة فايننشال تايمز الإنجليزية عن مسؤولين أمريكيين، وكتبت أن البلاد تتصرف بشكل أعمى تماما بعد أحداث 2015 في اليمن، وحاول الأمريكيون وقف الهجمات ضد السفن الصهيونية في البحر الأحمر، لكن لم تكن لديهم معلومات كافية عن أسطول الأسلحة التابع للقوات المسلحة اليمنية.
وحاولت واشنطن عبر بعض أدواتها إنشاء فرق تجسس في اليمن لجمع المعلومات عن تحركات القوات المسلحة اليمنية، فأنشؤوا ما يسمى فريق الـ 400 التابع لعمار عفاش، إلا أن قوات الأمن اليمنية دمرت هذه الجهود في مايو الماضي.
وأعلن تدمير فريق التجسس هذا، وكان فشل الاستخبارات الأمريكية في اختراق مصادر المخابرات اليمنية، بينما تمكنت القوات المسلحة اليمنية من التعرف على السفن التابعة للعدو الصهيوني رغم أنها كانت تحمل أعلام دول أخرى أو حاولت إظهار ملكيتها بشكل مختلف، وجعلتها هدفا لهجماتها.
وكان من أبعاد الاستخبارات المسبقة لليمنيين دخول الحرب مع حاملة الطائرات الأمريكية أبراهام لينكولن التي كانت هدفا لهجوم من قبل القوات اليمنية بعد محاولتها الاستعداد لهجوم واسع النطاق على اليمن واضطرت إلى الفرار من المنطقة، كما أن الهجوم على مقر وزارة الحرب في الكيان الصهيوني بصاروخ فلسطين 2 الباليستي في الـ 19 من كانون الأول/ديسمبر كان أيضاً أحد أبعاد التفوق الاستخباراتي اليمني على العدو الصهيوني، وكانت الاشتباكات التي وقعت في الـ 22 من ديسمبر/كانون الأول مع حاملة الطائرات الأمريكية ترومان، بعدا آخر لانتصار الاستخبارات اليمنية في الحرب الإقليمية، والتي تسببت في إسقاط مقاتلة أمريكية من طراز إف-18، وإفشال خطط غزو واسع النطاق لليمن.
صراع اليمن مع السعودية والإمارات
خلال العام الماضي، حاولت واشنطن مرارا وتكرارا إجبار التحالف الذي غزا اليمن، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، على القتال مرة أخرى مع اليمنيين، حتى يتمكن من إبقاء القوات المسلحة اليمنية بعيدا عن جبهة دعم غزة؛ لكن هذه الدول تجنبت العودة إلى هذا الصراع، لأنها تدرك تماما مخاطر التوتر المتزايد، وخاصة بعد زيادة القدرات التسليحية لدى اليمنيين، وتخشى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من أن يرغب اليمنيون في استخدام التكنولوجيا العسكرية المتقدمة التي استخدموها في جبهة دعم غزة لقصف المنشآت الاقتصادية والنفطية في هذين البلدين.
التطورات في عام 2025
تشير المعلومات المذكورة إلى أن العام المقبل يحمل مفاجآت جديدة للقوات المسلحة اليمنية، وستتوسع عملياتها بأبعاد كمية ونوعية ضد الكيان الصهيوني، وقد تبدأ هذا العام المرحلة السادسة من العملية بمؤشرات ومقاربة جديدة وأسلحة أكثر حداثة، وسيتوسع بنك أهدافها في عمق الأراضي المحتلة أو ضد أهداف أمريكية وبريطانية في المنطقة والمياه المفتوحة.
وفي الوقت نفسه، يحاول الكيان الصهيوني أيضًا إنشاء تحالفات جديدة لمحاربة اليمنيين، ويصر في هذا الصدد على ضم السعوديين إلى هذا التحالف، وحسب تقرير العهد فإن النقطة الأكيدة هي أن اليمنيين سيستمرون في دعم جبهة المقاومة في فلسطين انطلاقاً من منطلقاتهم الإنسانية والأخلاقية والدينية، كما أعلنوا، واستعداداتهم بكل أبعادها لمواجهة المخططات العدوانية الأمريكية، حيث سيحافظون على الصهيونية وبهذه الطريقة سيستفيدون من تفاعل شعب وقادة اليمن والقوات المسلحة لهذا البلد.
إن التظاهرات التي شارك فيها ملايين اليمنيين، والتي خرجت في كل أيام الجمعة من العام الماضي دعماً لعملية دعم غزة، هي دليل على تضامن الرأي العام اليمني مع مواقف قيادات هذا البلد وقواته المسلحة، وأصبحت بمثابة وقفة احتجاجية، وتحدٍ للخطاب الأمريكي الصهيوني وحساباتهم المتعبة لوقف الحرب والأمة اليمنية تعيش حالة من الفوضى.