الوقت- يقول محللون أن الأمور سارت في السعودية بعكس ما خطط له ولي عهد ابوظبي محمد بن زايد وأجهزة استخباراته من ورائه، فشكل تعيين محمد بن نايف وليا لولي العهد، ضربة بالعمق للقيادة الإماراتية، التي راهنت ودعمت ولعبت دورا أساسيا في محاولة دعم الأمير متعب بن عبدالله لتولي هذا المنصب، كمحطة عبور لتوليه بعد ذلك سدة الحكم في السعودية.
وانعكس ذلك صراحة في رسالة التعزية التي بعث بها محمد بن زايد، في وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والتي جاءت بعد نحو خمس ساعات من إعلان تعيين الأمير محمد بن نايف وليا لولي العهد، بحسب ما بثته وكالة الأنباء الرسمية "وام"، حيث خلت الرسالة من أي إشارة له بالتهنئة أو حتى بذكر اسمه، واكتفى بالقول "إن الأمل والثقة الكاملة راسخة في القيادة السعودية الجديدة متمثلة في الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الامير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود".
وبحسب مراقبين فإن خيارات محمد بن زايد، محدودة في ظل أن خصمه ليس بالشخص السهل، كون أن الأمير محمد بن نايف المعروف بدهائه، على رأس ثالث أهم منصب في السعودية، كما أنه نائب ثان لرئيس مجلس الوزراء، بالإضافة إلى منصبه وزيرا للداخلية.
وأكد محللون أن محمد بن زايد سيحاول اللعب سريعا، على وتر الخلافات العائلية في الأسرة الحاكمة والمتمثل في دفع الأمراء للتشكيك بمبايعة "هيئة البيعة" للأمير محمد بن نايف، وفي حال فشل هذا الخيار، فسيدفع (بن زايد) سريعا من خلال نفوذه داخليا وخارجيا لتولي ولي العهد الأمير مقرن لسدة الحكم في المملكة، والتعويل عليه بإجراء تغييرات جوهرية في ولاية العهد.
وركزت صحيفة هارتس الإسرائيلية في تحليل لمحلل شؤونها العربية على ما قالت إنه العلاقة بين ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد ومن وصفتهم بـ"العصبة المتآمرة" ممن عزلهم الملك السعودي الجديد سلمان بن عبد العزيز، الذي قالت إن "ما فعله أثبت كذب ما قيل من تقارير طبية عن أنه مصاب بمرض الزهايمر، وألمحت إلى أنها تقارير ربما سربها هؤلاء الرافضون لتولي "سلمان" الملك بعد الملك الراحل عبد الله".
وقال الكاتب "تسفي برئيل" محلل الشؤون العربية بالصحيفة، في تقرير بعنوان: "ملك المملكة العربية السعودية الجديد في عجلة من أمره لتدشين الخلافة التالية "قبل سنوات طويلة، قرر محمد بن زايد تشكيل "ائتلاف سعودي- إماراتي" من أبناء جيل الشباب، لفرض الخطوات السياسية في المنطقة"، ولكن الآن جاء الملك سلمان ليطيح بلوبي "بن زايد" في السعودية أو ما أسمتها الصحيفة العبرية "العصبة المتآمرة. "
"برئيل" كتب يقول: "تبنى بن زايد، أحد أغنى الرجال في دول الخليج، الأمراء بندر ومتعب ورئيس الديوان الملكي التويجري، الذي عمل أيضًا كحاجب، يقرر من يحظى بلقاء الملك ومن يتم رفضه، وأنفق (بن زايد) عليهم أموالاً ضخمة".
وأضاف: "كانت هذه عصبة متحدة وذات عزيمة ماضية، ولكنها تلقت صفعة عندما قرر الملك عبد الله الإطاحة ببندر من رئاسة المخابرات على خلفية فشله في إدارة الأزمة بسوريا، والآن، تم استبعاد الأمير متعب وكذلك منسق الإمارات التويجري من مناصبهم".
وقال إن هذه العصبة "المتآمرة" ضمت أيضًا الابن متعب، ورئيس الديوان الملكي خالد التويجري، وبندر بن سلطان، الذي كان على مدى عشرات السنين سفيرًا للسعودية في واشنطن وحلقة الوصل الأكثر أهمية بين المملكة والإدارة الأمريكية، وكذلك محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد حاكم دولة الإمارات المتحدة.
وقال إنه "على الرغم من أن متعب مستمر في تولي منصب الوزير المسؤول عن الحرس الوطني، فلم يعد لمحمد بن زايد سوى أصحاب نفوذ هزيل في المملكة السعودية"، مشيرًا لأن "العلاقة بين هذه العصبة السعودية وبن زايد لا تتجلى فقط في السعي للحفاظ على الحكم في يدي أبناء عبد الله الراحل، بل أيضًا في الرغبة بتقليص قوة الجماعة الوهابية المتشددة في المملكة".
ويُذكر ضمن الخلافات السياسية بين الملك الجديد وخصومه، على سبيل المثال، أن الملك سلمان عارض "المقاطعة التي تم فرضها على قطر"، ورأى أنه يمكن إخضاعها لرغبة المملكة بطرق ناعمة، كذلك فهو لا يعارض التعاون بين السعودية وإيران، على النقيض من موقف عبد الله.
ويقول "تسفي برئيل" إن هناك كواليس كثيرة للحرب الخفية داخل العائلة الحاكمة في السعودية بين الملك سلمان ووزير الداخلية محمد بن نايف وباقي "الفرع السديري" من جهة وبين ما وصفها بـ"العصبة المتآمرة" التي يحركها من الإمارات محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي".
برئيل قال ايضا : "كخطوة أولى، وحتى قبل أن يناقش مسائل مصيرية مثل أزمة النفط والحرب في سوريا أو النزاع مع إيران، نشر الملك أوامر إعفاءات وتعيينات جديدة لعشرات المسؤولين الكبار بالمملكة، وبشكل لا يبعث على الدهشة، فإن معظم من تم إعفاؤهم من المقربين للمك عبد الله".
وأضاف: "على سبيل المثال، أعفى نجلي عبد الله - مشعل، الذي كان أميرًا للمنطقة المقدسة مكة، وتركي الذي كان أميرا لمنطقة الرياض العاصمة - وخالد بن بندر الذي شغل منصب رئاسة الاستخبارات، وبندر بن سلطان رئيس الاستخبارات السابق والذي تولى بعد ذلك منصب الأمين العام لمجلس الأمن الوطني".
وقال: "لم تأت تلك التغييرات من فراغ، حيث يدور الحديث عن خطة منظمة، كانت في انتظار وفاة الملك كي تتحقق، ومن خلفها هدف مزدوج: أولا، تنقية الأجواء من رجال الملك عبد الله، وعلى رأسهم نجلاه متعب الذي طمح في الوصول إلى رأس هرم الحكم من خلال تنصيبه وليا للعهد في المستقبل ، وثانيا إغلاق الحسابات مع عدد من خصوم سلمان، الذين تواطئوا لإبعاد الفرع السديري -أبناء الأميرة حصة السديري- التي كانت واحدة من زوجات للملك المؤسس عبد العزيز عن الحكم.
الكاتب الإسرائيلي تحدث أيضا عن "التخوف من حدوث تحول في سياسات السعودية حيال إيران وربما أيضا فيما يتعلق بالتعامل مع الإخوان المسلمين يقلق مصر هي الأخرى، والتي تلقت دعما غير محدود من عبد الله، الذي أعلن الجماعة في السعودية تنظيما إرهابيا".
وقال: "وفقا لعدة مصادر، فقد عارض حاكم دولة الإمارات اتفاق المصالحة مع قطر، وزعم أن قطر لم تقدم أي تنازلات من جانبها مقابل الاتفاق، وفي رده على الاتفاق سعى حاكم الإمارات لدفع علاقات بلاده بإيران، وكذلك دعم على ما يبدو المتمردين الحوثيين باليمن، على النقيض من موقف الملك عبد الله".
هذا ويظهر في التحليل الذي قدمه الكاتب الاسرائيلي مدى تخوف كيان الاحتلال من طرح الامير السعودي الجديد أو المسؤولين الاماراتيين فكرة دفع العلاقات مع ايران نحو الامام ايضا .
رصد