الوقت- كشفت مصادر استخباراتية أمريكية، السبب الحقيقي لزيارة محمد بن سلمان الآخيرة لواشنطن، وما أسمته تدهورا حادا في صحة ولي العهد السعودي محمد بن نايف مرجحة أن الكفة باتت تميل إلى ولي ولي العهد محمد بن سلمان.
ونشرت شبكة "NBC" التلفزيونية الأمريكية (السبت 18 يونيو/حزيران 2016) تقريراً أكد في إطاره بروس ريدل، الضابط السابق في المخابرات الأمريكية والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط، وعضو الفريق الانتقالي في إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، تحدثت فيه عن مخاوف الولايات المتحدة من انهيار السعودية في حال فشل الأمير السعودي الشاب محمد بن سلمان، وسط تقارير عن تدهور صحة الملك سلمان ونائبه الأمير محمد بن نائف.
وأشارت المحطة الأمريكية الى أن زيارة الأمير بن سلمان الرسمية لأمريكا – كانت زيارة ملكية – وما ينقصها سوى الإعلان عن ذلك رسمياً، حيث التقى الرئيس باراك أوباما، ووزير خارجيته جون كيري، ووزير الدفاع اشتون كارتر، والجنرال بريمان، رئيس المخابرات المركزية، وناقش بن سلمان قضايا عدة من بينها الحرب في اليمن وسوريا.
زيارة رسمية بنكهة ملكية
وأكد بروس ريدل، أن القيادة الأمريكية هي التي وجهت الدعوة إلى محمد بن سلمان، للقيام بزيارة رسمية إلى الولايات المتحدة، من أجل التعرف على شخصيته، التي من المرجح أن تعتلي عرش ملك المملكة العربية السعودية في القريب، بحسب ما يقدره المسؤولون الأمريكيون.
وكشف التقرير، لأول مرة، عن معاناة الأمير بن نايف من عواقب جروح خطيرة أصيب بها جراء استهدافه بعملية تفجير انتحاري نفذه أحد عناصر تنظيم "القاعدة" في العام 2009، وأورد التقرير، أن ثلاثة من كبار الموظفين في المخابرات الأمريكية أجروا تقييماً لوضع بن نايف الصحي، أحدهم تنبأ بأنه بوضع صحي هش، فيما اقتصر تقرير الثاني على القول إن صحته ليست جيدة جداً. بينما قال الاستخباراتي الثالث، إن ولي العهد السعودي يعيش حالياً على المسكنات القوية.
وأشار ديرل إلى أن صحة الملك سلمان بن عبد العزيز البالغ 80 عاما من عمره ليست على أحسن مايرام، فيما يعاني الأمير محمد بن نايف، ولي العهد المفضل أمريكيا، من مرض جدي، وقد لا يعيش طويلا، الأمر الذي جعله خارج السباق على السلطة، حسب ما أكده التقرير.
وأضاف ضابط الاستخبارات الامريكية التقرير أن هذا الوضع يسمح باعتبار أن جولة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة "هي في جوهرها زيارة دولة تجري بهدوء"، وأكد ريدل للشبكة الأمريكية، أن الإدارة الأمريكية أبدت اهتماماً بالأمير بن سلمان منذ تعيينه في منصب الرجل الثالث في الحكم، لكن الكثير من المسئولين داخل الإدارة والمخابرات قلقون من تهوره.
وأشار التقرير إلى أن نخبة الأمن القومي في الولايات المتحدة تظن أن السعودية تقف الآن أمام مفترق طرق، وأنه إذا لم ينجح الأمير بن سلمان في خططه ومشاريعه وحروبه، سواء الآن، أو بعد أن يصبح ملكا، فإن البديل هو الانهيار، وحدوث حالة من الاضطراب والفوضى تصب في مصلحة الجماعات الجهادية المتطرفة.
وأكد ريدل لكاتبي التقرير أن الإدارة الأمريكية أبدت اهتماما بالأمير بن سلمان منذ تعيينه في منصب الرجل الثالث في الحكم، وأن "الكثير من الناس (داخل الإدارة والمخابرات) قلقون من تهوره" على حد تعبيره.
وأشار كاتب التقرير في هذا السياق إلى الأذهان أن محمد بن سلمان بادر بعدد من التدخلات المكلفة جدا ماليا وعسكريا في شؤون الدول الأخرى، بما في ذلك بالدرجة الأولى إطلاق الحرب في اليمن ضد الحوثيين والموالين للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، الذين تدعمهم إيران، لكن هذه الحرب تكلف السعودية 200 مليون دولار يوميا وأثارت انتقادات شديدة للسعودية من قبل مؤسسات حقوق الإنسان بسبب الهجمات المستمرة التي أدت إلى سقوط كثير من الضحايا بين المدنيين الأبرياء.
وأشار التقرير أيضا إلى أن الأمير محمد بن سلمان "كونه قيصرا اقتصاديا" أيد قرار زيادة إنتاج النفط لإغراق الأسواق العالمية به رغم استمرار انخفاض أسعار النفط عالميا، الأمر الذي عزز عملية انهيارها لاحقا، وتسبب كل ذلك بانخفاض دخل المملكة إلى أقل من النصف، مما أدى بدوره إلى إجراءات تقشف وتخفيض الدعم في الكثير من الخدمات والسلع الرئيسية.
ولفت الضابط الامريكي أيضا إلى أن ولي ولي العهد السعودي دعم أيضا قرار تنفيذ حكم الإعدام بحق الشيخ نمر النمر وعشرات من النشطاء الشيعيين السعوديين في يناير/كانون الثاني من العام الجاري، ما أسفر عن تدهور حاد للعلاقات بين السعودية وإيران أصبح عاملا آخر عزز زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.
و أكد ريدل أن الإدارة الأمريكية، وبغض النظر عن جميع العثرات المحتملة التي قام بها محمد بن سلمان، اعترفت بأن خلافته في نظام الحكم السعودي "قوة قاهرة واقعية جدا" وأنه من الضروري التعرف بشكل أحسن على ولي ولي العهد السعودي، لا سيما أن الأخير لا يتكلم الإنكليزية.
ولهذا السبب نظمت الإدارة الأمريكية سلسلة لقاءات بين محمد بن سلمان وعدد من أصحاب السلطة في الولايات المتحدة، ومن بينهم أولا الرئيس باراك أوباما، وكذلك كل من وزير الخارجية جون كيري ووزير الدفاع أشتون كارتر ومدير الوكالة الاستخباراتية المركزية جون برينان ووزيرة التجارة بيني بريتزكير وعدد من كبار رجال مال وأعمال أمريكيين.
وأشار التقرير في الوقت ذاته إلى أن القادة الأمريكيين كانوا يفضلون إجراء لقاءات مماثلة مع المنافس الأساسي لمحمد بن سلمان في الصراع على السلطة بالسعودية، أي ابن عمه الأمير وولي العهد محمد بن نايف، الذي كان من أقرب حلفاء الولايات المتحدة في السعودية منذ أحداث 11 سبتمبر/أيلول عام 2001، لكن الأخير، برأي روبيرت ويندريم وويليام أم. أركين، لن يصبح على الأرجح أبدا ملكا للسعودية ، بحسب ما اعتبره تقرير الشبكة الأمريكية.