الوقت- سحر، مها، هلا وجواهر، بنات الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز نموذج بارز للتمييز في بلد يحظر على النساء حتى قيادة السيارة بغض النظر عن مكانتهن .
فهؤلاء الاميرات لازلن في الإقامة الجبرية منذ اربعة عشر عاما ويعانين من سوء المعاملة بعد حبسهن في قصر ملكي بمدينة جدة عام 2001 اي عندما كان والدهن وليا للعهد والذي تزوج أمهن (العنود الفايز) مطلع سبعينيات القرن الماضي وهي في سن الخامسة عشرة وطلقها في عام 1985 من بين زوجات أخريات .
وتعاني الأميرات الأربع اللواتي تتراوح أعمارهن بين سبعة وثلاثين واثنين وأربعين عاما من الحرمان من الحرية لأسباب تعسفية، إذ تم وضعهن تحت مراقبة مشددة ودائمة لفريق من الحرس لا يسمح لهن بأي اتصال مع العالم الخارجي ما أدى إلى تدهور حالتهن الصحية .
وتؤكد مصادر من داخل السعودية وخارجها أن ثلاثة إخوة غير أشقاء لهؤلاء البنات، من بينهم الأمير متعب – تم تعيينهم لمراقبتهن والإشراف على معاملتهن التي أدت أيضاً الى حرمانهن من الزواج وإكمال الدراسة والسفر الى الخارج حتى وإن كان لغرض العلاج، ووصل الأمر بهن الى أن يتقاسمن ما يصلهن من طعام مع حيوانات أليفة تعيش معهن في نفس القصر .
وتقول العنود الفايز - والدة الفتيات – المطلقة والمقيمة الآن في لندن، إن بناتها يعشن في ظروف قاسية ويكافحن للبقاء على قيد الحياة. مشيرة الى انها بقيت معهن بعد الطلاق ولكن السلطات عزلوها عنهن بعد فترة لتدميرهن نفسياً، وتم سحب جوازاتهن بإيعاز من والدهن لحرمانهنّ من السفر لرؤيتها .
وتضيف الفائز التي غادرت المملكة عام 2003، ان العلاقة بقيت فاترة بين بناتها وبين أبناء الملك عبد الله من زوجات أخريات. ثم تدهورت المعاملة، حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم. وبتن يعانين من مشاكل خطيرة بسبب الجوع وعدم التعرض لأشعة الشمس .
وفي وقت سابق أطلقت الفائز صرخة استغاثة وناشدت المجتمع الدولي وقادة العالم ومنهم الرئيس الامريكي باراك أوباما للتدخل للإفراج عن بناتها والسماح لهن بالتحرك وتسهيل حصولهن على العلاج الطبي والغذاء الكافي لا سيما وان إحداهن تعاني مرضاً يحتاج إلى علاج خارج البلد لكن توسلاتها ذهبت ادراج الرياح ولم تلق اذانا صاغية .
ولا تعرف الفائز لم طلّقها الملك الراحل عبد الله، لأن هذا السؤال لا يطرح في المملكة وجوابه واضح، خصوصاً إذا عرفنا أن للملك نحو عشرين زوجة، 14 منهنّ مطلّقات، وثلاث متوفيات. وعندما تُسأل هذه الأم عن سبب طلاقها تجيب بإن عبد الله تصرّف معها بهذه الطريقة لأنه ظالم ومفترٍ .
وفي الوقت الحاضر تواصل الفائز الدفاع عن بناتها من مقرّ إقامتها في لندن. وتتواصل مع محامين، وناشطين حقوقيين، وتطلّ بين الحين والآخر عبر وسائل الإعلام للتعبير عن قلقها على مصير بناتها وعدم قدرتها على رؤيتهن ، مؤكدة للعالم " أنهن يمتن ببطء ".
وفی احدى المرات قالت الفائز في حوار صحفي نشرته معظم وسائل الإعلام، أنها وكّلت لوران ديُوما وزير خارجية فرنسا السابق للمطالبة باطلاق سراح بناتها. وأشارت إلى محاولات للتعتيم على القضية إعلاميا، اذ كان للفايز محامي أميركي وآخر بريطاني في بداية مجيئها إلى لندن، ولكن تم شراؤهما والتعتيم على القضية وفق ما ذكرته الاميرة السعودية. واضافت: من وجهة نظري بات المجتمع الدولي تحت سلطة المال، ولا يوجد تفعيل للمعاهدات الحقوقية والانسانية التي وقعت في هذا المجال ولهذا يغض النظر عن هذه الماساة التي لاتختلف كثيراً عن "وأد البنات " الذي كان يحصل في الجاهلية وقبل مجيء الاسلام. ويبدو أن الإعلام هو آخر وسيلة تلجأ إلیها هذه السیدة من أجل مساعدة بناتها الأربع .
وهنا لابد لنا أن نسأل: إذا كانت بنات الملك يتعرضن لهذه المعاملة السيئة في السعودية، فما بالك بما يحدث للفئات الأخرى؟ الجواب واضح طبعاً. فالوضع المأساوي معروف في هذا البلد وملف حقوق الإنسان فيه مهمل من قبل الغرب والمنظمات الانسانية الدولية التي تدعي كذبا الدفاع عن هذه الحقوق، طالما ان المصالح هي التي تتغلب ولغة المال هي التي تتحدث .
والسؤال الآخر المطروح الآن هو: هل سيفرج عن بنات الملك الراحل بعد موته وتسلم اخيه غير الشقيق سلمان بن عبد العزیز مقاليد الحكم في البلد؟ خصوصا انهن اصدرن بياناً مقتضباً انتشر مؤخراً على مواقع الانترنت طالبن فيه باطلاق سراحهن. وقد اكد الآلاف من النشطاء على هذه المواقع ان هؤلاء البنات قد عبّر ن في هذا البيان عن فرحهن بموت والدهن وأعربن عن الأمل بنيل حريتهن والخلاص من هذا السجن الرهيب في القريب العاجل.