الوقت- أكد موقع "جلوبال ريسيرش" الكندي البحثي على شبكة الإنترنت إن الإجراءات التي إتخذتها أمريكا بحجة مكافحة الإرهاب لم تؤدِ سوى إلى زيادة النشاطات الإرهابية في العالم.
واستعرض الموقع تاريخ الجرائم التي تسببت بها الحروب الأمريكية في مختلف أنحاء العالم، مشيراً إلى أن الإدارات المتعاقبة التي توالت على "البيت الأبيض الأمريكي" لم تقدم نماذج إيجابية للأجيال القادمة التي ستتذكر بمرارة هذه الجرائم التي عكست همجية السياسات الأمريكية ضد البشرية.
وقال "بيتر كوجنيك" مؤلف كتاب "تاريخ أمريكا غير المعلن، أزمة مفتعلة" خلال مقابلة مع موقع "جلوبال ريسيرش" إن تاريخ جرائم الحروب الأمريكية يعود إلى ما قبل حرب فيتنام بين عامي 1955 و1975 وقصف مدينتي "هيروشيما و ناكازاكي" اليابانيتين بالقنابل الذرية من قبل الطائرات الحربية الأمريكية في نهاية الحرب العالمية الثانية في آب /أغسطس عام 1945، مشيراً إلى أن القوات المسلحة الأمريكية قد إستخدمت عدداً كبيراً من القنابل في حرب فيتنام وارتكبت جرائم لا تحصى خلال هذه الحرب. بينها رش 19 مليون غالون من المواد السامّة لتدمير مساحات كبيرة من الغابات، ما أدى إلى توقف ست مدن صناعية على الأقل عن العمل في شمال هذا البلد.
وأكد "كوجنيك" إنه سمع خلال جولاته في العالم من أناس كثيرين خارج أمريكا بأن قصف هيروشيما وناكازاكي بالقنابل الذرية من قبل القوات الأمريكية كان عملاً إجرامياً ولم يكن ضرورياً على الإطلاق ولا عادلاً بالمرّة، مشيراً إلى أن هذا القصف قد أدى إلى مقتل وجرح مئات الآلاف من المدنيين اليابانيين الأبرياء ولا زالت أثاره المدمرة باقية حتى الآن. وأضاف كوجنيك إن أمريكا قد هددت أثناء حرب فيتنام ولعدة مرّات بإستخدام الأسلحة النووية في هذا البلد، وكان "هنري كيسنجر" وزير الخارجية الأمريكي الأسبق من بين أولئك الذين كانوا يؤيدون اللجوء لإستخدام هذه الأسلحة المحرمة دولياً ضد الشعب الفيتنامي.
وفي وقت سابق إعترف "روبرت ماكنمارا" وزير الدفاع الأميركي إبان حرب فيتنام بأن هذه الحرب قد أدت إلى مقتل نحو ثلاثة ملايين وثمان مئة ألف شخص وجرح ملايين آخرين، لكن الأميركيين لا يريدون حتى هذه اللحظة أن يقروا أمام العالم بهذه الجريمة.
وفي جانب آخر من مقابلته مع موقع "جلوبال ريسيرش" قال كوجنيك إن ما يسمى "الحرب على الإرهاب" التي شنتها أمريكا وحلفاؤها الغربيين والإقليميين على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية لم تسفر عن شيء سوى زيادة العمليات والنشاطات الإرهابية في جميع أنحاء العالم، معرباً عن إعتقاده بأن الحلول العسكرية نادراً ما تكون مؤثرة وفعّالة في مجال مكافحة الإرهاب.
ويعتقد كوجنيك أيضاً بضرورة اللجوء إلى وسائل عملية أخرى لمواجهة مخاطر الإرهاب بينها إعادة توزيع الثروات الطبيعية بصورة عادلة بين شعوب العالم وبشكل يضمن القضاء أو الحد من الفقر والأمية ويهيء الأرضية للعيش الكريم ويبعد عن البشرية شبح الحروب والجرائم التي تؤدي إلى هلاك أعداد كبيرة من الناس وإلى تدمير ممتلكاتهم وتخريب البنى التحتية لأوطانهم، كما حصل ويحصل الآن في كثير من الدول خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لاسيّما في العراق وسوريا وليبيا واليمن.
كما يعتقد كوجنيك بأن الكثير من شعوب العالم باتت بأمس الحاجة للعيش في بحبوحة من الأمل والشعور بإمكانية العيش الكريم في ظل سياسات تضمن لها وللأجيال القادمة حياة هانئة وآمنة ومطمئنة بعيداً عن مآسي الحروب والتهديدات الإرهابية والجرائم المتعددة الأشكال التي ترتكب في مناطق غير قليلة من العالم، ولكن للأسف لا زال الكثير من الناس يشعر بإليأس والإحباط نتيجة الأحداث المأساوية التي تشهدها بلدانهم ومناطق سكناهم.
ويشير هذا الكاتب والمحلل الإستراتيجي إلى أنه وبسبب فشل الإتحاد السوفيتي السابق في تقديم نموذج نافع وصالح للإرتقاء بالمستوى الثقافي والإقتصادي و أفول العديد من الأنظمة التقدمية في العالم تمكنت أمريكا من تكريس هيمنتها على الكثير من الدول من خلال تدخلها المباشر وغير المباشر في شؤون هذه الدول، لكنها فشلت أيضاً في تقديم النموذج اللائق والصالح للبشرية التي تعاني اليوم من الكثير من الأزمات في شتى المجالات السياسية والإقتصادية والأمنية، وهذا الحال بإعتقاده سيتكرر مع الأجيال القادمة التي ستعيش كذلك في دوامة مزعجة من الهواجس المريرة بسبب الشعور بالإرتباك والقلق من وطأة الحروب والجرائم المتعددة التي ستثقل كاهلها، إلى جانب معاناتها من التهديدات المتعددة الناجمة عن مخاطر التغييرات التي تشهدها الكثير من الدول بسبب نقص أو شحة المياه وتلوث البيئة والمناخ وغيرها من الأزمات والمشاكل.