الوقت- تعلو يوما بعد آخر الأصوات الأمريكية التي تهاجم ايران، على اعتبار أن الأخيرة هي الخطر الذي يواجه المنطقة، ويعزو البعض السبب وراء ارتفاع هذه الأصوات إلى اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية حيث يريد الأمريكيون من هذا الخطاب جذب الثقة المفقودة بينهم وبين مجموعة من الحلفاء الأمس وممن يمكن ذكرهم السعودية على رأس الدول الخليجية و الکیان الاسرائيلي ومن خلفها اللوبي اليهودي في الداخل الأمريكي هذا من جهة، ومن جهة أخرى يريد مسؤولي البيت الأبيض زيادة الضغط على ايران بهدف اخراجها من بعض الملفات الأقليمية التي تؤثر فيها لصالح النفوذ الأمريكي السعودي المخرب.
لا يمر يوم إلا ويوجه مسؤول أمريكي انتقادات واتهامات لايران حول برامجها الصاروخية وتدخلاتها في المنطقة، ليقابله من جهة أخرى تصريح يؤكد على ضرورة تثبيت الاتفاق النووي الذي حصل بين الطرفين، ومن هنا لا يمكن فهم هذه الازدواجية إلا بشكل واحد وهو اللعبة الداخلية الأمريكية على أبواب الانتخابات الرئاسية. إذا هو بحقيقته خطاب موجه إلى الداخل الامريكي إضافة إلى اللوبيات الصهيونية والعربية التي تشكل ركيزة أساسية في ايصال أي شخص إلى سدة الحكم الأمريكي، فاللوبي الصهيوني مؤثر بشكل كبير على الحياة السياسية الأمريكية من جهتين، الأولى أصوات اليهود الأمريكيين الذين يشكلون تأثيرا مباشرا على النتائج والثانية الضغوطات التي يمكن أن يلعبها هذا اللوبي اقتصاديا وسياسيا على كبار الناخبين في الأحزاب الأمريكية إضافة إلى السياسيين والشركات العملاقة التي تقع بجلها تحت سيطرتهم. أما اللوبي العربي (اذا صح التعبير) ورغم عدم تأثيره على القرار السياسي إلا أن استرضاؤه يأتي بدافع تأمين الدعم المالي العربي للحملات الانتخابية المكلفة.
وفي هذا السياق أعلن "اشتون كارتر" وزير الدفاع الأمريكي عن زيارة مفاجئة للسعودية والتي وضعها تحت هدف زيادة التعاون من أجل محاربة الجماعات الارهابية في كل من سوريا والعراق. وتأتي الزيارة بعد مرحلة من التوتر شهدتها العلاقات بين الطرفين وهذا ما يؤكده كلام محللين سياسيين أمريكيين وعرب. والسبب الأساسي وراء الخلاف بين الجانبين كان الاتفاق النووي الذي وقع مع ايران إضافة إلى التباين في وجهات النظر حول كيفية مواجهة الجماعات الارهابية وإدارة الملف السوري.
ومن الجدير الالتفات إلى مسألة جدا مهمة وهي طبيعة الاستقبال السعودي الذي سيحظى به "كارتر" خلال زيارته، خاصة أنها تأتي بعد أسابيع فقط من طلب وزير الدفاع وولي ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" لقاء "كارتر" على هامش قمة الامن في بروكسل خلال فبراير شباط الماضي وعدم اهتمام "كارتر" بالموضوع، إضافة إلى التصريحات التب نقلت عن "اوباما" والتي قال فيها بأنه على ايران والسعودية التفاهم وتقسيم المنطقة فيما بينهم وهذا ما اعترض عليه آل سعود معتبرين أنه يمس بنفوذهم في المنطقة. ناهيك عن التصريحات الأمريكية ومن جملتها لأوباما والتي تهاجم السعودية حول حرية التعبير والمرأة وما إلى ذلك. لذلك يمكن من خلال هذه الزيارة قراءة الموقف السعودي من الاهانة الأمريكية لهم.
أما في الملف السوري فالوضع يمكن وصفه بالمعقد جدا بين الطرفين، حيث أن السعودية تقدمت بالكثير من الطلبات لتسليح الجماعات المعارضة بأنواع من الأسلحة والصواريخ الأمريكية إلا أن الجواب الأمريكي كان دائما سلبيا. إضافة إلى الاتفاق الأمريكي الروسي القاضي بوقف اطلاق النار أزعج السعوديين وفتح الباب لبقاء "الأسد" رئيسا لسوريا برضا أمريكي.
بناء على ما تقدم يُجمع المحللين على صعوبة إستعادة الثقة المفقودة بين الطرفين فرغم أن هذه الزيارة ستؤمن اللقاء الخامس بين وزيري دفاع البلدين إلا أن الانجازات التي تحققت من اللقاءات الأربعة السابقة ليست بالشيء الكثير.
طبعا على الرغم من أن العلاقات الأمريكية العربية (وخاصة السعودية) تواجه مجموعة تعقيدات إلا أنها لم تصل إلى مرحلة القطيعة. ومن الممكن أن تتضح خيوط العلاقة مستقبلا بين الطرفين بعد اللقاء الذي من المقرر أن يجمع وزراء دفاع البلدين خلال زيارة وزير الدفاع الأمريكي للسعودية المقررة في 20 أبريل نيسان الحالي. فمن المفترض في حال وجود جدية أمريكية لتقوية العلاقات مع السعودية أن يتم توقيع اتفاقات عسكرية واستراتيجية خلال لقاءات "كارتر" مع المسؤولين السعوديين.