الوقت – بعد صدور الاوامر من الكرملين بسحب القوات الروسية من سوريا انكب المحللون على دراسة اسباب هذا القرار المفاجئ وباتوا يقلبون حسابات الربح والخسارة ليروا هل انجزت روسيا ما كانت قد وعدت بها في سوريا ام انها اخفقت؟
ويعتقد بعض المحللين ان الروس باتوا يعرفون بعد ادائهم في سوريا بانهم حلفاء لايمكن التكهن بتصرفاتهم لأنهم كانوا يقولون قبل دخولهم الى سوريا بأنهم يريدون ارساء السلام ومحاربة الارهاب وغيرها لكنهم بعد دخولهم السهل وكذلك خروجهم السهل لم يحققوا اهدافهم المعلنة فمدينة حلب مازالت محتلة وداعش لازال موجودا في سوريا وهنا يعتقد المحللون ان سبب ذلك هو زيادة مشاكل روسيا السياسية والاقتصادية في الداخل والخارج، ورغم ذلك يجب القول ان موسكو قد اختارت طريقا صعبا لحل مشاكلها وانها تستثمر الان من اجل مواجهة اعدائها الدوليين مستقبلا.
آسيا الوسطى، مسرح اللعبة الغربية الجديدة ضد روسيا
لقد خرجت الجماعات التي صنعها الغرب عن سيطرة ليس فقط الغربيين بل ايضا عن سيطرة الدول الكبيرة المحيطة بها والان نجد ان اللاعبين الموجودين في سوريا أنفسهم ينشطون في آسيا الوسطى وقرغيزيا على سبيل المثال واذا كان مقررا ان تتكرر الازمة الاوكرانية في آسيا الوسطى (وهذا ما يريده الغرب) فإن جماعات مثل داعش تجد حاضنة لها في تلك المنطقة كما ان دول هذه المنطقة لاتمتلك الامكانيات والمستوى العلمي اللازم لمواجهة جماعات مثل داعش.
ومن جهة اخرى تستغل الدول الغربية الازمات الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية في آسيا الوسطى وتشجع المنظمات الغربية غير الحكومية على التغلغل في هذه المنطقة لايجاد منظمات محلية مثيلة لها بهدف محاربة الثقافة الاسلامية الاصيلة وترويج ثقافة منحرفة.
وهناك ايضا آلاف المنظمات غير الحكومية التي تدار بأموال سعودية وكويتية لنشر السلفية في آسيا الوسطى لكن يجب ان يعلم الجميع ان عمل الغربيين وعمل السعوديين الوهابيين هو عمل منسق بين الجانبين لضرب اسس المجتمعات واحداث توتر في آسيا الوسطى، ويضاف الى هذا التوتر النزاعات والنعرات القومية والعرقية التي تتصاعد الان في هذه المنطقة.
الغرب يذكي نيران الخلافات الحدودية
ومن المشاكل الاخرى التي تعاني منها آسيا الوسطى هي مشكلة الخلافات الحدودية فقرغيزيا لديها مشاكل حدودية مع طاجيكستان واوزبكستان وقد وصلت الامر الى حشد القوات العسكرية على الحدود، وقد وقفت الدول الغربية تتفرج على تفاقم هذه الخلافات ومن ثم عمدت الى اذكائها والاستفادة منها لتحقيق غاياتها فيما تعتبر هذه الخلافات خطرا على امن روسيا.
ان الغرب يستهدف الان امن منطقة آسيا الوسطى وان رؤساء دول هذه المنطقة الذين يحظون بالدعم الروسي يمكن ان يهزموا في اي وقت نظرا لكثرة عوامل الصراع التي ذكرناها.
على روسيا ان تتعلم من الازمة الاوكرانية
هناك سؤال يتبادر الى الاذهان في الوقت الحالي وهو هل تستطيع روسيا ان تبدي ردة فعل كافية تجاه المخاطر الامنية الاقليمية مثل الخلافات القومية واتساع رقعة انتشار السلفية المتطرفة وذهاب المقاتلين الى سوريا وعودتهم منها والخلافات الحدودية وتهريب المخدرات وغيرها؟ والاجابة واضحة وهي "كلا"، وذلك رغم قيام روسيا باتخاذ خطوات حاسمة والاستفادة من قدراتها العسكرية حينما يلزم الامر مثل ما حدث في جورجيا واوكرانيا لأن دول آسيا الوسطى تعاني من مشاكل داخلية ومشاكل كثيرة فيما بينها ليست روسيا قادرة على حلها وهذا ما يستغله الغرب جيدا.
ان الدول الغربية أنشأت الان شبكة من المنظمات غير الحكومية في آسيا الوسطى ولذلك على موسكو ان تتعلم من دروس الازمة الاوكرانية ولأنها تفتقد للادوات التي يمتلكها الغرب مثل النفوذ والتغلغل الناعم فعليها ان تستغل ما تمتلكه من امكانيات اخرى وتحول دون حدوث مشاكل اكبر لأن ما يلوح في الافق أمر في غاية الخطورة.