الوقت - يبدو أن مسلسل الهزائم لتنظيم داعش الإرهابي على يد الجيش السوري وحلفائه ما يزال مستمراً فها هي القريتين أحد المواقع الاستراتيجية الهامة تخرج من قبضة داعش تحت وقع ضربات الجيش السوري وبتحريرها تصبح خطوط النفط والغاز مؤمنة بشكل كامل كما جاء في البيان الذي أعلنته القيادة العامة للجيش السوري والذي أوضحت فيه أن "وحدات من الجيش والقوات المسلحة بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبية وبإسناد ودعم من سلاحي الجو السوري والروسي تمكنت من اعادة الأمن والاستقرار إلى مدينة القريتين والمزارع المحيطة بها".
ولفتت القيادة العامة إلى أن "السيطرة على بلدة القريتين يكتسب أهمية كبيرة كونها نقطة وصل بين ريف دمشق الشمالي الشرقي وريف حمص الشرقي وهذا الإنجاز سيؤمن خطوط النفط والغاز في المنطقة ويقطع خطوط إمداد تنظيم داعش من البادية باتجاه القلمون".
وجاء تحرير القريتين الواقعة على بعد 100 كيلومتر من محافظة حمص بعد ايام من دحر داعش عن مدينة تدمر الاثرية الهامة ايضا لما تملكه من قيمة تاريخية عالمية من جهة وموقع استراتيجي يتوسط البادية السورية ويصلها مع الحدود العراقية من جهة ثانية.
ويبدو ان العمليات العسكرية للجيش السوري مدعومة من حلفائه مستمرة في ريف حمص وريف حماة لتحرير كامل منطقة البادية ووسط سوريا وصولاً الى الرقة شمالا المعقل الرئيس لداعش والذي تستعد قوات سوريا الديموقراطية لضرب داعش فيها أيضاً كما صرح رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم خلال مؤتمر صحفي له في باريس بقوله: ان ”قوات سوريا الديموقراطية تتحضر مع التحالف لتحرير الرقة“.
الا انه اشار الى ضرورة ان ينضم ”سكان الرقة العرب“ الى قوات سوريا الديمقراطية التي تعد، بحسب قوله، بين اربعين الفا وخمسين الف مقاتل.
الهدنة تترنح في حلب
على الرغم من بعض الخروقات التي كانت تحدث هنا وهناك بقيت الهدنة متماسكة بين الجيش السوري وحلفائه من جهة والمعارضة المسلحة من جهة ثانية ولكن لا يبدو أنها ستبقى كذلك بعد الهجمات الاخيرة التي قامت بها فصائل معارضة مدعومة من قبل جبهة النصرة الارهابية في ريفي حلب واللاذقية.
حيث قصفت جماعة "أحرار الشام" بقاذفات الصواريخ منطقة الشيخ مقصود في حلب، وقتل خلال هذه المعركة التي استمرت ساعتين تقريباً عنصر واحد من وحدات حماية الشعب الكردية وأصيب اثنان من المدنيين.
وفي مناطق العيس وأبو رويل وخان طومان تعرض الجيش السوري الى قصف مدفعي عنيف شنته عناصر جبهة النصرة الارهابية والذي على اثره ترك عناصر الجيش السوري مواقعهم في تلة العيس الاستراتيجية واتجهوا شمالاً لأنه لديهم أوامر بعدم الرد على الاستفزازات. وهذا ما أفاد به مركز المصالحة الروسي في قاعدة "حميميم" في ريف اللاذقية الذي أكد رصد انتهاكات جسيمة لوقف إطلاق النار خلال الأيام القليلة الماضية.
وقال المركز السبت 2 أبريل/ نيسان إن عدداً من الجماعات المسلحة، بما في ذلك تلك التي تعتبر نفسها من المعارضة "المعتدلة"، شنت هجمات ضد القوات الحكومية. وأضاف أن "جبهة النصرة تمكنت من فرض السيطرة تماما على المجموعات التي اعتبرت سابقا في صفوف المعارضة في مناطق جنوب وغرب حلب، وهو ما أبلغناه مرارا للجانب الأمريكي".
وأكد المركز أنه أبلغ نائب رئيس مركز التنسيق الأمريكي في العاصمة الأردنية عمان بتلك المعلومات.
اشتباكات وانشقاقات في صفوف المسلحين
يشهد الريف الغربي لمحافظة درعا الواقعة جنوب سوريا انشقاقات كبيرة في صفوف المسلحين جاءت بعد الهزائم المتلاحقة التي مني بها على يد الجيش السوري وحلفائه وخاصة بعد معركة الشيخ مسكين التي قصمت ظهر المسلحين في جبهة الجنوب.
حيث أعلنت "حركة أحرار الشام" إحباط محاولة "لواء شهداء اليرموك"، المبايع لتنظيم داعش الإرهابي اقتحام بلدة حيط في ريف درعا الغربي.
من جانب آخر أعلنت مجموعة تابعة لما يسمى "حركة المثنى الإسلامية"، انشقاقها عن حركة احرار الشام في مدينة درعا، بعد تحالفها مع تنظيم داعش بسبب ما اعتبرته "تحويل سلاح الحركة ضد المدنيين".
وقالت المجموعة في بيان صادر عنها "نعلن نحن عناصر حركة المثنى الإسلامية في مدينة درعا الانشقاقَ عن الحركة، وفك الارتباط بها على المجالات كافة". وعلّلت المجموعة هذه الخطوة بسبب "الأخطاء والأحداث الأخيرة التي شهدتها حوران، ما كان له تأثير في حياة المدنيين الآمنين في منازلهم"، على حد تعبير البيان.
وكانت "حركة المثنى الإسلامية" اشتركت مع "لواء شهداء اليرموك" في الهجوم على مناطق وجود المجموعات المسلحة في ريف درعا الغربي، واستطاعت السيطرة على بلدتي تسيل وجلين، ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا من المدنيين، وتشريد الآلاف في وادي زيزون وتل شهاب والمناطق الحدودية.
هذا ولا تزال الهدنة سارية المفعول في كثير من النقاط المتفق عليها وعلى وجه الخصوص في ريف دمشق بالتزامن مع استمرار الضربات الجوية السورية الروسية لمواقع تنظيمي داعش وجبهة النصرة الارهابيين في ادلب وحماة وغيرها من المناطق السورية.
سياسياً
يبدو أن الغموض الذي يلف الموقف الأمريكي حيال بقاء الرئيس الاسد في المرحلة الانتقالية أم عدم بقائه أخذ يسبب نوعاً من الأرق لدى المعارضة السورية التي تنتظر تأكيدا أمريكيا بعدم إعادة الاعتبار للرئيس الأسد.
جاء هذا على لسان عضو وفد اللجنة العليا للمفاوضات في جنيف حول العملية الانتقالية السياسية، بسمة قضماني، التي قالت في لقاء مع وسائل إعلام فرنسية: "هناك غموض أمريكي مؤذ جداً." وأضافت "لا نعرف ماذا تبحث الولايات المتحدة مع موسكو. هناك شائعات من كل نوع. ننتظر الحصول على تأكيد بأن الولايات المتحدة مازالت على موقفها الرافض لإعادة الاعتبار للأسد".
ولكنها أكدت في الوقت نفسه بأن "الإدارة الأمريكية بمجملها مازالت تقول إن من غير الممكن أن يحكم هذا البلد"، لكن "يبقى برهان أن الولايات المتحدة قادرة على أن تفرض رأيها على موسكو".
وحول الموقف الروسي وتاثيره في سير العملية السياسية أوضحت قضماني "في حال استمر الروس بالقول إن الأسد يجب أن يستمر في الحكم، فلن يكون هناك حل في سوريا".
وكانت المعارضة السورية قد أكدت دعوتها الى تشكيل هيئة انتقالية كاملة الصلاحيات دون أي دور للرئيس السوري بشار الاسد فيها. وأكد عضو ما يسمى الهيئة العليا للمفاوضات، أسعد الزعبي، ذلك بقوله: إن "ما تريده المعارضة هو ما نص عليه بيان جنيف، هيئة حكم انتقالي كامل الصلاحيات والسلطات التنفيذية، بما فيها صلاحيات رئاسة الجمهورية".
هذا الطرح من قبل المعارضة يتعارض مع ما دعا اليه الرئيس الاسد في مقابلة مع وكالة "ريا نوفوستي" العامة الروسية من تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم افرادا من المعارضة والموالاة.
حيث أكد الأسد أن الحكومة الانتقالية في سوريا يجب أن تشمل النظام الحالي والمعارضة. وقال إن "المنطق أن يكون هناك تمثيل للقوى المستقلة وللقوى المعارضة وللقوى الموالية للدولة". وأضاف أن الانتقال السياسي "لابد أن يكون تحت الدستور الحالي حتى يصوّت الشعب السوري على دستور جديد"، مبيناً أن "الحديث عن هيئة انتقالية غير دستوري وغير منطقي".
وأوضح أن "صياغة الدستور ربما تكون جاهزة خلال أسابيع، الخبراء موجودون، وهناك مقترحات جاهزة يمكن أن تجمع". وقال الأسد: "حتى الآن لا نستطيع أن نقول إن هناك شيئاً أنجز في محادثات جنيف، ولكن بدأنا الآن بالأشياء الأساسية، وهي وضع مبادئ أساسية تُبنى عليها المفاوضات".
وتأتي هذه التصريحات للرئيس الأسد والمعارضة بعد الاتفاق الأمريكي ــ الروسي علـى تسريع الانتقال السياسي في سـوريا حيث أعلنت أمريکا وروسيا مؤخرا على أن تضغطا باتجاه إجراء "مفاوضات مباشرة" بين نظام الرئيس السوري بشار الأسد والمعارضة، وتسريع عملية الانتقال السياسي في سوريا.