الوقت – ينتظر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مسايرة البرلمان العراقي له ولتشكيلته الحكومية التي قدمها من اجل نيل الثقة لكن يبدو ان البرلمان العراقي الممزق سوف لن يتجاوب كما يجب مع مطلب العبادي الذي ربما سيضطر الى اعطاء امتيازات للبرلمانيين لكي يمنح هؤلاء الثقة لوزرائه المقترحين خلافا للوعود التي كان رئيس الوزراء العراقي قد قطعها.
وقد انعقدت الجلسة الاولى للبرلمان العراقي لمناقشة منح الثقة "لحكومة التكنوقراط" التي اقترحها العبادي يوم السبت ويمكن القول ان النتيجة الوحيدة لتلك الجلسة هو ظهور الخلافات بين رئيس الوزراء والكتل السياسية اكثر من ذي قبل.
وقد قدم العبادي 16 وزيرا للبرلمان بينهم وزيرا الدفاع والداخلية الحاليان فيما كان بقية الوزراء المقترحين من الشخصيات الاكاديمية ومدراء اصحاب الصيت اللامع وبعض المدراء المغمورين، وقد اكد العبادي انه اختار هؤلاء حسب الأسس المهنية والكفاءة لكن الكتل السياسية العراقية لم تقبل بهذا الادعاء، وفي الحقيقة يمكن القول ان جميع الكتل السياسية العراقية التي تقاسمت السلطة والثروة فيما بينها منذ سقوط صدام هي غير راضية عن الوزراء الذين اقترحهم العبادي.
وقام العبادي باقتراح اسماء هؤلاء الوزراء بسبب الضغط الشعبي وضغوط بعض القادة السياسيين الذين يعترضون على الفساد المستشري في البلاد لكن البرلمان يقول ان بعض الوزراء الذين اقترحهم العبادي لديهم ملفات فساد مالي وسياسي مفتوحة، كما اعترض النواب العراقيون على وجود اسماء لبعض اعضاء اللجنة المكلفة بانتخاب الحكومة الجديدة بين الوزراء المقترحين وهذا يعني ان اعضاء هذه اللجنة اقترحوا انفسهم لتولي الحقائب الوزارية وان العبادي قام بتأييد هؤلاء وهذا يعتبر خرقا للدستور العراقي.
ويقول بعض النواب العراقيين ان الوزراء الذين اقترحهم العبادي يفتقدون الى الخبرة في الادارة ولايمتلكون القدرة الكافية لادارة وزاراتهم وهذا سيؤدي الى الفوضى في هذه الاجهزة الحكومية وحدوث فساد بشكل اكبر.
اما الاكراد ورغم الشرخ الموجود بينهم فإنهم عارضوا منذ البداية التشكيلة الحكومية التي اقترحها العبادي وقد اعلن الوزير الكردي الذي اقترح اسمه العبادي لتولي حقيبة الاعمار والاسكان والبلديات وهو "هوشيار رسول" انه لايمكنه ان يقبل بهذه الحقيبة نظرا الى عدم اجماع الاحزاب الكردية على تأييده.
ويعاني وزير النفط المقترح وهو "نزار محمد سليم" ايضا من حالة مماثلة فهذا الوزير المقترح الذي يعلم جيدا الفساد المستشري في قطاع النفط والتجاذبات السياسية حول هذه المائدة الغنية قد اعتذر عن قبول تولي وزارة النفط.
وهكذا يبدو ان العبادي الذي يقول انه لم يتأثر بالمحاصصة السياسية الموجودة في العراق في قضية تقديم اسماء الوزراء الجدد قد بات وحيدا في مواجهة البرلمان العراقي الذي يمتلك قوة كبيرة في النظام السياسي العراقي ولم يتبق امام العبادي سوى اعطاء المزيد من الامتيازات وتقديم تنازلات خاصة اذا علمنا ان العبادي ليست لديه مكانة شعبية قوية وان عدم استقباله من قبل المرجع الديني آية الله السيستاني في زياراته المتعددة الى النجف الاشرف قد اضر ايضا بمكانته.
واضافة الى ذلك كله هناك اصوات ارتفعت هذه المرة بشكل اعلى من السابق لسحب الثقة عن العبادي نفسه وقد اطلق القادة السياسيون العراقيون تهديدات في هذا المجال قائلين ان الاصلاحات يجب ان تشمل العبادي نفسه وهنا يمكن القول ان الشيء الوحيد الذي ربما ينقذ العبادي هو عدم وجود اجماع حول من سيخلفه لأن جميع الكتل السياسية العراقية يعلمون جيدا ان تنحي العبادي لايحل مشكلة بل سيعيد النزاع والجدال الى خانته الأولى.