الوقت: منذ اوائل العام 2011 بدات الثورة البحرینیة السلمیة تطالب باصلاحات داخل نظام "ال خلیفة". لکنها لم تستطع حتی الیوم الحصول علی جزء من مطالبها المحقة، نظرا للقمع الخلیفي المدعوم من تیارات و دول خارجیة عدة. نظام ال خلیفة لم یظهر یوما انصیاعه للداخل البحریني بل اظهرت تحرکاته کافة دعما اقلیمیا و عالمیا للقضاء علی کل التحرکات الشعبیة السلمیة الداخلیة. فحتی متی یستطیع نظام ال خلیفة الصمود وتجاهل المطالب الشعبیة المحقة؟ وهل یستطیع الدعم الخارجي اطالة عمر حکومة ال خلیفة؟
یذکر التاریخ حکومات عدیدة استفادت من الدعم الخارجي للقضاء علی ثورات شعبیها، فیبدا بالنظام البهلوي و الذي کان یعرف انذاک بالـ "البواب الامیرکي" في الشرق الاوسط. و بحسب مستندات و وثائق السافاک، یظهر جلیا تدخل ال "المسعودي"، في حمایة و دعم وإخفاء جرائم النظام البهلوي بحق الشعب الایراني. و لا یخفی علی احد ایضا المساعدة الامیریکیة في الجرائم و التسلیح اللامتناهي لذلک النظام . النظام البهلوي استفاد ایضا من المساعدة الاوروبیة بشکل عام، و البریطانیة بشکل خاص. ولکنه سقط بضربة قاضیة بعد الثورة الشعبیة الاسلامیة، لیترک ایران هاربا من الموج البشري الزاحف انذاک للمطالبة بحقوقه و یصل الیها و یوصل بلاده لما هو علیه الان .
التاریخ المعاصر ایضا یذکر احداثا مشابهة، فیسافر الی العراق لیظهر مستبدا اخر اسمه "صدام حسین" استعان بکل ما استطاع الوصول الیه من قدرات خارجیة لقمع شعب عاش اعواما تحت الظلم والقمع و الاستبداد، لم یحصل علی اقل الحقوق الاساسیة و مقومات الحیاة. اسلحة امیریکیة وطائرات اوروبیة، حمایة عالمیة و تایید عربي، و غیرها من المساعدات التي تلقاها صدام المقبور من هنا و هناک ليقمع بها مطالب الشعب العراقي في حياة حرة كريمة . ولا یخفی علی احد الحرب العراقیة الایرانیة، الذي استفاد فیها النظام الصدامي، من کل انواع المساعدات و الدعم الخارجي، و لکن التاریخ لا یذکر انتصارا واحدا، و لو محدودا، للحکومة الصدامیة المخلوعة .
التاریخ لم یتوقف هنا، فمن "صدام حسین" الی "حسني مبارک"، مستبد اخر دعمه الغرب بکل الطرق و الوسائل، الاختلاف لم یکن کبیرا انما الاسم المنطقة و هي التي تغیرت. فالدعم ذاته و القمع ذاته، ثورة بشریة سلمیة قام بها الشعب المصري قوبلت بالقتل و الرصاص ، و الدعم دائما خارجي، الاسلحة امیریکیة و عربیة و اسرائیلیة و التنفیذ مصري. ولکن مصیر نظام مبارک لم یختلف عن مصیر سلفه العراقي و الایراني. فالشعب المصري اراد الحیاة فاستجاب القدر و لم یستطع الدعم الخارجي من ابقاء النظام واقفا، بل سقط النظام و بقي الشعب حیا .
المثالات علی خسارة الحکومات المدعومة خارجیا کثیرة، ودائما المنتصر کان الشعب المظلوم المطالب بحقوقه. فلا یخفی علی احد الثورة اللیبیة و الاطاحة بمعمر القذافي، و الثورة التونسیة و الثورة الیمنیة وغیرها من الثورات الشعبیة المحقة التي استطاعت رغم کل الدعم الخارجي ان تصل الی مطالبها المحقة. و لا یذکر التاریخ اي انتصار سجلته حکومة ظالمة مستفیدة من الدعم الخارجي ضد شعبها .
و الیوم، التاریخ یعید نفسه، مع اختلاف في المنطقة و الاشخاص. فالاسم "حکومة ال خلیفة" و الدولة " البحرین" ، و الثورة شعبیة سلمیة بامتیاز .
بدات الثورة بحلول العام 2011، وطالب فیها الشعب البحریني باصلاحات تسمح بتطبیق الدیمقراطیة فیها. و صياغة دستور جديد للمملكة يتم بموجبه انتخاب الحكومة من قبل الشعب على غرار الديمقراطيات العريقة. بدلا من النظام الحالي الذي ينتخب بموجبه برلمان له سلطات محدودة. إضافة إلى ضرورة تداول السلطة التنفيذية بواسطة الانتخابات الحرة، وحرية تشكيل الأحزاب وإطلاق حرية الرأي والتعبير، ووقف التجنيس السياسي. علما ان العائلة المالكة لا تزال تسيطر على مجلس الوزراء الذي يترأسه عم الملك منذ أربعين عاما .
اما ردة الفعل الملکیة فما کانت الا الاستفادة من الدعم الخارجي لاجهاض کل محاولات المعارضة. فمارس نظام آل خليفة بمساعدة حلفائه القمع والرعب بحق المتظاهرين البحرينيين الذین یصرون على تحقیق مطالبهم. وتفید تقارير وسائل الإعلام الدولية أن مرتزقة آل خليفة قد هاجموا بدعم من قوات الكوماندوز ، عشرات المنازل في جميع أنحاء البحرين. و لا تخفی علی احد التدخلات السعودیة التي کان لها دور کبیر في قمع العدید من المظاهرات السلمیة .
اذن حکومة ال خلیفة تسلک الطریق ذاته الذي استخدمها اسلافها، فتستفید من "خبرات" مبارک وصالح و غیرهم، مما کان لهم ادوار و تاریخ حافل في القمع و القتل. لکن الحکومة البحرینیة لم تتعلم من التجارب الماضیة للدول الشقیقة فهل یکون مصیرهم مشترک؟