الوقت ـ اصبحت تهمة الارهاب تستخدم بشكل مضحك من قبل امريكا ضد كل من يخالف سياساتها حتی ان كانت هذه السياسات هي الارهاب بعينه التي تقوم به امریکا نفسها. حيث شهدنا في الایام الماضیة شتی الاتهامات من قبل واشنطن لكوريا الشمالیة بانها دولة راعية للارهاب واتت هذه الاتهامات بمجرد اتهام بيونغ يانغ بانها ضالعة في عملية القرصنة التي تعرضت لها شركة "سوني بيكتشرز" الأمريكية الإلكترونية.
وبعد هذه الاتهامات من قبل واشنطن ضد كوريا الشمالیة، ردت هذه الدولة بتهديدات عنيفة، حیث لم تبق لامریکا اي ماء وجه، حیث انها هددت بضرب البيت الابيض والبنتاغون وجميع الاراضي الامريكية الاخری. وثار غضب بيونغ يانغ بعد اعلانها استعدادها في المشاركة بتحقيق مشترك مع واشنطن للكشف عن ملابسات عملية القرصنة، لكن واشنطن لم تأخذ هذا الاستعداد علی محمل الجد وظلت تطلق الاتهامات ضدها.
وبالاضافة الی التهديد بضرب الاراضي الامريكية، فقد اعتبرت بيونغ يانغ، امريكا مركز الارهاب العالمي. حيث ردت لجنة الدفاع لكوريا الشمالیة التي يرأسها الزعيم الكوري الشمالي "كيم جونج أون" بان الجيش الكوري مستعد لاستخدام جميع أشكال الاسلحة ضد امريكا.
والملفت في هذا السياق ان واشنطن تتهم بيونغ يانغ برعاية الارهاب، لكن في المقابل انها تدافع عن فيلم كميدي يشكل الارهاب قصته الرئيسية ضد الزعيم الكوري الشمالی. والجدير ذكره انه لم يكن لواشنطن معلومات كافية بان كوريا الشمالیة هي التي نفذت عملية القرصنة، لكن بالرغم من عدم امتلاك واشنطن معلومات كافية في هذا السياق، مع هذا اتهمت بلدا مسؤولية القيام بهذه العملية. بحيث انه من المتوقع ان تسخّر واشنطن جميع المنظمات الدولية وعلی رأُسها الامم المتحدة ومجلس الامن لادانة بيونغ يانغ واتهامها بانها هي المسؤولة عن قرصنة شركة سوني فقط بمجرد ان امريكا تتهم بيونغ يانغ بهذه القضية، حتی عند عدم وجود معلومات كافية في هذا المجال.
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن الرئيس الأمريكي باراك اوباما سيبحث إعادة إدراج كوريا الشمالیة على قائمة الدول الراعية للإرهاب، ردا على اتهام "بيونغ يانغ" بالضلوع في تعرض شركة "سوني بيكتشرز" الأمريكية للقرصنة الالیكترونية.
وتوعد أوباما يوم الاثنين الماضي بأن امريكا "سترد بشكل مناسب"..دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل حيال هذا الشأن. معربا في الوقت ذاته عن تعاطفه مع شركة "سوني"، مشيرا إلى أنه لا يعتبر الهجوم الإلكتروني إجراء حربيا. وكانت شركة "سوني بيكتشرز" قد أعلنت، السبت الماضي، أنها تبحث عن وسائط بديلة لعرض الفيلم الكوميدي، المقابلة (ذا إنترفيو) بعدما ألغت عرضه الافتتاحي الذي كان مقرراً له في عيد الميلاد، وسط تعرض الاستديو لقرصنة إلكترونية.
وألغت سوني الأربعاء الماضي عرض الفيلم الذي تدور أحداثه حول قصة خيالیة عن اغتيال الزعيم الكوري الشمالی "كيم جونج أون" بعدما رفضت دور كبير، عرضه عقب تلقيها تهديدات لصالاتها وجمهورها. رغم أن كوريا الشمالیة نفت تلك الاتهامات.
وفي سياق معاكس لادعاءات امريكا ضد كوريا الشمالیة، هنالك من يتهم المخابرات الامريكية نفسها بانها هي من قامت بهذه العملية لممارسة هذه الضغوط علی كوريا الشمالیة، وحسب اعتقاد هؤلاء فانه كوريا الشمالیة ومهما كانت قدراتها فانها لا تستطيع القيام بمثل هذه العملية الكبيرة ضد أحد أهم الشركات الامريكية التي من المفترض ان تتمتع بنظام حماية متطور ضد اي محاولة قرصنة كالتي تعرضت لها.
ونظرا لمثل هذه التشكيكات فانه يبقی السؤال هو كيف يمكن لامريكا ان تثبت للعالم بان العملية التي تعرضت لها هذه الشركة كانت من قبل كوريا الشمالیة؟ إذا هذا السلوك المتبع من قبل واشنطن باتهامها الدول التي تخالف سياستها متى ما شاءت وبشتى الاتهامات، يعتبر سلوكا خطيرا يهدد أمن واستقرار العالم. حيث يمکن ان تكون له عواقب غير حميدة في حال نفذت كوريا الشمالیة تهديداتها ضد واشنطن.
وفي النهاية يمكن ان نصل الی هذه النتيجة أن العالم اصبح ليس كما كان علیه في العقود الماضية بالنسبة لامريكا حيث اننا رأينا كيف ردت كوريا الشمالیة علی الاتهامات والتهديدات الامريكية، من انها ستضرب البيت الابيض والبنتاغون واي نقطة اخری في امريكا في حال لزم الامر واستمرت التهديدات الامريكية ضدها.
وهذا الرد القوي من قبل كوريا الشمالیة يثبت أن امريكا فقدت غطرستها وهيبتها التي كانت تتمتع بهما قبل عقود بسبب ضعف العالم. كما اننا يمكن ان نری حربا لا سابق لها ضد واشنطن في حال اشتعلت مثل هذه الحرب بينها وبين بيونغ يانغ وذلك بسبب الدعم المتوقع التي ستحصل علیه كوريا الشمالیة من قبل حلفائها في الحلف المعادي لامريكا خاصة من قبل الصين وروسيا.