الوقت- أجرت الجمهورية الإسلامية الإيرانية اليوم الثلاثاء المرحلة النهائية لمنوارات "اقتدار الولاية" والتي تجريها قوات الجوفضاء التابعة للحرس الثوري، وجرى خلال المناورات إطلاق صواريخ باليستية من تحت الأرض وكذلك اختبرت القوات الإيرانية صوارخ بعيدة المدى يصل مدى أقصاها إلى 2000 كم من منصات موزعة على كافة أنحاء إيران، وقد أعلنت القوات الإيرانية نجاح تجارب إطلاق الصواريخ وتدميرها لأهدافها الفرضة.
المناورات الإيرانية والتوقيت الذي جاءت فيه تتعدى كونها اختبارًا عاديًا للجهوزية العسكرية، فهي تحمل رسائل سياسية وعسكرية لدول المنطقة والعالم، ومن أهم دلالاتها:
أولا: البرنامج الصاروخي الإيراني خط أحمر
بعد الاتفاق النووي الذي وقعته طهران مع المجموعة 5+1 بدأت بعض الدول وعلى رأسها واشنطن تتحدث عن فرض عقوبات جديدة على طهران بحجة البرنامج الصاروخي الإيراني، وهذا ما يجعل من مناورات "اقتدار الولاية" ضربة لمساعي واشنطن للضغط على طهران، كما أظهرت المناورات أن طهران غير جاهزة لأن تتفاوض حول برامجها الصاروخية الدفاعية وهي لا تأبى بالتهديدات الأمريكية.
تكتمل هذه الرسالة بتصريحات الرئيس الإيراني الذي أكد أن الأمن والاستقرار في البلاد ناتج جهود الحرس الثوري والقوات الإيرانية، وهذا يؤكد أن كافة السياسيين والعسكريين في طهران يرفضون تقديم أي تنازلات فيما يخص البرنامج الصاروخي الدفاعي، وتصريح الرئيس "روحاني" بمثابة القول أن صواريخنا هي أساس استقرارنا وبنيان أمنيتنا، ومن البديهي أنه لا أحد يفاوض على أمنه واستقراره.
ثانيًا: العقوبات غير مجدية
أن تستعرض طهران قدراتها العسكرية المتزايدة بعد سنوات من العقوبات التي فُرضت عليها يعني أن الغرب فشل في منع إيران من التقدم العلمي والعسكري، وهذا دلالة واضحة على أن سياسة الغرب غير ناجحة في منع الشعوب الإسلامية من حقوقها في الدفاع عن أرضها ونفسها.
والجدير بالذكر أن هذا التطور المتسارع الذي تشهده القدرات الدفاعية الإيرانية هو محلي تمامًا، فالصناعات الدفاعية الإيرانية لا تعتمد على استيراد القطعات من أحد، وقد حققت إيران اكتفاءًا ذاتيًا في الصناعات العسكرية، وكل هذا كان في ظل العقوبات الغربية.
ثالثًا: إيران قوة إقليمية ودولية
ما يميز هذه المناورات عن سابقاتها أن إيران عرضت جزءًا هامًا من قدراتها الدفاعية لم تعرضه من قبل، وقامت القوات الإيرانية بإطلاق الصواريخ من منصات منتشرة في كافة أرجاء البلاد وهي مثبتة تحت الأرض، ما يجعل أعداء طهران غير قادرين على شل الصواريخ الإيرانية، ومن المعروف أنه لا يوجد بلد في العالم يظهر كامل قدراته العسكرية، فما أخفته طهران أعظم مما بدى.
القدرات العسكرية التي أبرزتها المناورات تشهد بأن إيران باتت قوة منقطعة النظير في المنطقة، وبات لها ثقل عسكري وسياسي كبير، وهي قادرة على تغيير المعادلات الدولية وإفشال المخططات التي تستهدف المنطقة، وخير مثال على ذلك تنظيم داعش الإرهابي الذي كانت طهران رائدة في مواجهته وصده.
رابعًا: استقرار إيران استقرار للجميع
وجود دولة قوية في المنطقة كإيران ودفاعها عن مصالح شعوب المنطقة يحمي استقلال المنطقة ويبعد الدول الاستعمارية عنها، فهناك مخططات كثيرة محاكة للمنطقة ولكنها لم تظهر للعلن بسبب وجود قوة تمنع من تنفيذ هذه المخططات، ومن البديهي أن هذه القوة متمثلة بإيران، الأمر الذي يوجب على الدول كافة في المنطقة العربية والإسلامية دعم إيران والوقوف إلى جانبها، وليس ضربها وتشويه صورتها عبر الشائعات المضللة.
خامسًا: الكيان الإسرائيلي هو الهدف
الصوارخ التي اختبرتها طهران لم يتجاوز مداها الـ2000 كم، أي بمقدار المسافة التي تفصل إيران عن الكيان الإسرائيلي، وهذا يعني أن طهران لا تستهدف إلا الكيان الصهيوني المحتل للأراضي العربية والإسلامية، وكذلك فإن إيران قادرة بهذا المدى ضرب القواعد الأمريكية في المنطقة في حال هددت أمن إيران، ولهذا فإن واشنطن تسعى وراء حد قدرات إيران الصاروخية، فالكيان الإسرائيلي في خطر، وكذلك المشاريع الأمريكية مجمدة نتيجة وجود القوة العسكرية الإيرانية الكبيرة.
لا يمكن لأحد أن ينكر قوة إيران العسكرية والسياسية ودورها الفاعل والإيجابي في معادلات المنطقة، وخاصة بعد الأزمة السورية إذ أثبتت إيران وقوفها في وجه مخططات تقسيم وإضعاف دول المنطقة، كما أثبتت دورًا منقطع النظير في مواجهة الإرهاب والتصدي له، ولهذا بات الكيان الإسرائيلي أكثر قلقًا من قبل، وباتت واشنطن تحاول جاهدة إضعاف طهران اقتصاديًا وعسكريًا، ورغم كل الضغوط الكبيرة والمستمرة لا زالت طهران تؤكد في كل يوم أنها أقوى من ذي قبل.