الوقت ـ بعد حوالي اربعة اعوام علی اختبار جميع السبل لاسقاط النظام السوري من قبل امريكا وحلفائها الرجعيين في المنطقة، ها هي واشنطن الیوم تزعم بانها لم تسع الی اسقاط نظام بشار الاسد وذلك ليس شفقة علی سوريا بل اعترافا رسميا منها بعجزها عن القيام بهذه المهمة التي كرست جميع امكانياتها للوصول الیها. هذا ما اكده نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي للشؤون السياسية نحو الشرق الأوسط ماثيو سبنس كما اكد هذا المسؤول الامريكي على مكانة العلاقات المتينة التي تربط بلاده بلبنان في المجالات الدفاعية والامنية واستمرار الدعم الامريكي لبيروت في المجالات العسكرية خلال زیارته الاخیرة للبنان.
وأوضح بيان للسفارة الأمريكية فى العاصمة اللبنانية بيروت، أننا سنبحث مع الرئيس اللبناني ميشال سليمان ورئيس الأركان اللواء الركن وليد سلمان وقائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي، وقادة سياسيين وعسكريين سبل دعم واشنطن للجيش اللبناني من خلال برامج التعاون الأمني والعسكري. ووفقا لتصريحات هذا المسؤول الامريكي فقد وصلت المساعدات الامريكية للبنان منذ العالم 2005 لیومنا هذا اكثر من مليار دولار، حيث كان لهذه المساعدات دور مهم في تامين القدرات اللازمة للدفاع عن حدود لبنان وسيادته، حسب زعمه. النقطة المهمة التي اشارت لها وسائل الاعلام من بينها جريدة الاخبار اللبنانية في تقرير لها حول زيارة سبنس للبنان، تصريحاته حول سوريا والازمة التي يمر بها هذا البلد، والتي قال من خلالها بان "مجريات الامور في سوريا لم يكن لها تاثيرعلی الامن القومي الامريكي" مضيفا بان اعتراض امريكا تجاه سياسات الاسد ليست بمعنی سعيها لاسقاط النظام السوري. هذه التصريحات لم تعجب الكثير من حلفاء امريكا في لبنان والمنطقة بسبب انها تخيب آمالهم في التخلص من نظام الرئيس بشار الاسد الذي فقدوا الامل في انهياره. وكانت جميع آمال هؤلاء معقودة علی التدخل الامريكي لاسقاطه. لكن علی مايبدوا فان واشنطن لم تكن كحلفائها في المنطقة فاقدة لكل عقلها وتعرف ان سقوط نظام الاسد سيكون بمثابة ورطة يصعب التكهن بعواقبها غير الحميدة. ولهذا يعتقد المراقبون ان امريكا غيرت سياساتها الی حد ما تجاه سوريا ولم تعد تفكر باسقاط نظام الاسد بتاتا، علی الاقل في هذه المرحلة.
هذه التصريحات من قبل نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي للشؤون السياسية نحو الشرق الأوسط ومسؤولين امريكيين آخرین قبله حول عدم نية امريكا تغيير نظام الاسد في سوريا، تؤكد ان المراهنات علی اسقاط الاسد قد ولی زمنها واصبحت من الماضي. ولم يبق من تكهنات الرئيس الامريكي باراك اوباما التي جزم خلالها في مناظرة له مع خصمه ميت رومني إبان الانتخابات الرئاسية الامريكية الاخيرة، ان «ايام الاسد باتت معدودة»، لم یبق لمثل هذه التکهنات إلاّ حبرها علی الورق. الیوم ليس فقط لم يسقط الاسد بل اصبح اكثر قوة مما كان علیه في بداية الازمة السورية، وثمة من يعتقد ان امريكا جربت جميع الخطط للتخلص من نظام الاسد لكن جميع هذه الخطط قد فشلت ولم يبق أمام واشنطن إلاّ القبول ببقاء النظام السوري بقيادة الاسد، باعتباره نظاما شرعیا ومنتخبا للحکم في سوريا. قبول امريكا ببقاء الاسد لا يعني أن واشنطن اصبحت دولة تراعي القوانين الدولية ولم تتدخل في شؤون سائر الدول، انما هذه الموافقة تاتي بسبب عجزها وعدم قدرتها علی اسقاط النظام في سوريا. كما ان واشنطن ستظل مستمرة بدعم الارهاب في سوريا وتقديم الدعم المالي واللوجستي للجماعات الارهابية التي تطلق علیها مسمی المعارضة المعتدلة. كما يجب أن لا ننسی ان الدعم الايراني وسائر حلفاء سوريا، لعبوا دورا مهما في افشال جميع خطط امريكا الرامية لاسقاط النظام السوري. حيث بعد ما علمت واشنطن أن دعم حلفاء سوريا لهذه الدولة لم يتوقف تحت اي ظروف، اضطرت الی ان تغير سياساتها وتعلن أن اسقاط نظام الاسد لم يكن مطروحا علی أجندة البحث الامریکیة.
ومن لايعلم أن مقاتلي حزب الله عقدوا العزم علی الدفاع عن سوريا حتی طرد أخر ارهابي من هذا البلد، واثبتت الايام الماضية أن قيادة حزب الله مصممة علی الوقوف الی جانب الشعب السوري وقيادته حتی تحرير كامل الارض السورية من المقاتلين الاجانب الذين انتقلوا الی هذا البلد عبر الدعم السعودي والقطري والتركي. كما ان فشل امريكا في حروبها في افغانستان والعراق، جعل هذه الدولة تخشی القيام باي عمل عسكري آخر مع اي بلد مثل سوريا التي لاتقاس امكانياتها للدفاع عن نفسها مقارنة بالعراق وافغانستان. وبما أن واشنطن تعلم ان اي مغامرة عسكرية ضد سوريا لم تكن سهلة علی الاطلاق بل من المحتمل أن تخسر خلالها الآلاف من جنودها في حال قررت أن تخوض حربا برية، فانها قررت نهائيا عدم الانجرار في اي خطة لاسقاط النظام السوري علما منها بانها ستفشل. إذا اننا الیوم نسمع رسميا من المسؤولين الامريكيين أنهم عاجزون عن اسقاط النظام السوري وهذا يعتبر انتصارا استراتيجيا لسوريا وحلفائها بالاخص محورالمقاومة وانتصارا تاریخیا لشعوب المنطقة علی الارهاب والتطرف.