الوقت - نشرت صحيفة " الاندبندنت " البريطانية تقريراً عن معاناة بلدتي نبل والزهراء السوريتين عندما كانتا محاصرتين من قبل الجماعات الإرهابية والتي لم يسلط عليها الضوء من قبل وسائل الإعلام رغم المأساة الكبيرة والتضحيات الجسيمة التي تحملها أهالي هاتين البلدتين على مدى ثلاثة أعوام ونصف العام من الحصار والقصف الشديد من قبل الجماعات الإرهابية.
وتطرق التقرير الذي كتبه الصحفي البريطاني المعروف "روبرت فيسك" إلى هذه المعاناة من خلال رحلة إستقصائية إلى بلدتي نبل والزهراء في ريف حلب شمال سوريا، لافتاً إلى أنه وبينما إحتل موضوع إستعادة الجيش السوري وحلفائه البلدتين عناوين الأخبار قبل نحو ثلاثة أسابيع، فأن العالم لم يلتفت بالمطلق لمعاناة سكّان هاتين البلدتين، مشيراً إلى إستشهاد أكثر من 1000 شخص معظمهم من المدنيين و وفاة مئة طفل على الأقل بسبب القصف وشحّة المواد الغذائية وقلّة الأدوية.
وإنتقد التقرير إزدواجية المعايير في التغطية الإعلامية لمعاناة المدنيين في نبل والزهراء، مشيراً إلى أن من بين سكّان هاتين البلدتين الشيعيتين هناك مئة عائلة سنيّة على الأقل، كانت قد إختارت اللجوء اليها عام 2012 بدلاً من العيش تحت قبضة الجماعات الإرهابية لاسيّما تنظيم "داعش" وما يسمى "جبهة النصرة".
وذكر "فيسك" في جانب آخر من تقريره نقلاً عن القيادي في قوات الشرطة السورية "ركان ونوس" كيف أن العناصر الإرهابية في القرى المجاورة كانوا يهددونه بالقدوم إلى نبل والزهراء وذبح من فيها، إضافة إلى تهديدهم باستخدام الأسلحة الكيماوية ضدهم، مشيراً إلى أنه ومنذ منتصف عام 2013 تقريباً وحتى تحرير البلدتين، لم يكن بإمكان الحكومة السورية إدخال المساعدات إلى هاتين البلدتين.
وأشار تقرير "الاندبندنت" إلى أن بلدتي نبل والزهراء تعرضتا للقصف الشديد والحصار الظالم بسبب رفض سكّانها الإستسلام للجماعات الإرهابية ما أدى إلى نزوح أكثر من 25 ألف شخص منها إلى مناطق أخرى، فيما فضّل الآخرون البقاء فيها رغم الظروف الإنسانية الصعبة وعدم توفر مستلزمات الحياة الضرورية لاسيّما الغذاء والدواء والوقود و إنقطاع التيار الكهربائي وشحة المياه بسبب الدمار الذي لحق بالبلدتين.
كما إنقطعت وسائل الإتصال بين سكّان البلدتين والمدن والبلدات السورية الأخرى، ولم تكن هناك أي إمكانية لإيصال المساعدات الإنسانية لهم إلاّ من خلال طائرات الهليكوبتر التي كانت تلقي المساعدات من الجو لعدم تمكنها من الهبوط بسبب القصف الشديد والمستمر من قبل الجماعات الإرهابية على البلدتين.
وأشار عدد من السكّان إلى أن إحدى طائرات الهليكوبتر التابعة للجيش السوري والتي كانت تنقل مساعدات إنسانية إلى أهالي نبل والزهراء إرتطمت بإحدى التلال القريبة و تحطمت بعد أن تعرضت لقصف شديد من قبل الجماعات الإرهابية، ما أدى إلى مقتل جميع أفراد طاقم الطائرة التي لايزال حطامها موجوداً على التل حتى هذه اللحظة.
وشكى سكّان البلدتين أيضاً من إهمال المنظمات الدولية لاسيّما الأمم المتحدة لمعاناتهم رغم الإستغاثات المتكررة التي وجهت لها قبل إنقطاع الإتصال بين هاتين البلدتين والعالم.
وكان بعض سكّان القرى المجاورة لبلدتي نبل والزهراء وأغلبهم من الأكراد يوصلون الغذاء تحت جنح الظلام إلى أهالي هاتين البلدتين رغم الحصار المفروض عليها من قبل الجماعات الإرهابية لاسيّما ما يسمى "جبهة النصرة ".
وبسبب شحة الأدوية وعدم توفر الإمكانات الطبية لعلاج جرحى القصف الإرهابي على هاتين البلدتين فارق الكثير منهم الحياة وكان معظمهم من المدنيين العزل وينتمي العديد منهم إلى أسرة واحدة.
وأشار تقرير "الانديبندنت" إلى حجم الدمار الذي لحق ببلدتي نبل والزهراء نتيجة قصف الجماعات الإرهابية والذي لم يستثني حتى المساجد والمراكز الطبية والمدارس والمزارع التي تضم الكثير من أشجار الزيتون.
وفي ختام تقريره لفت الكاتب البريطاني "روبرت فيسك" إلى أن أهالي بلدتي نبل والزهراء يكنّون إحتراماً خاصاً للشعب الإيراني وقوات حرس الثورة الإسلامية ومقاتلي حزب الله وفصائل المقاومة العراقية الذين وقفوا إلى جانبهم في ساعة المحنة وساهموا إلى جانب القوات السورية بتحرير هاتين البلدتين من حصار العصابات الإرهابية. كما لفت الكاتب إلى إنتشار الأعلام السورية والإيرانية فوق بنايات ومساجد البلدتين، ووجود لافتات في الشوارع تظهر صوراً للرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" وإلى جانبه الرئيس السوري "بشار الأسد" والأمين العام لحزب الله "السيد حسن نصرالله".