الوقت – مع تزايد حدة الاشتباكات بين الاكراد والجماعات المسلحة التي تدعمها تركيا والسعودية في شمالي سوريا يرى الامريكيون أنفسهم على مفترق طريقين فإما دعم الاكراد وإما دعم تركيا، واذا اختار الامريكيون أي طريق من هذين الطريقين فإن لذلك تبعات كثيرة بالنسبة للامريكيين.
لقد بدأت قوات حماية الشعب الكردية (الذراع العسكري لاكراد سوريا) التي تعمل تحت مظلة "القوات الديمقراطية السورية" قبل نحو اسبوعين تقدمها من منطقة عفرين الواقعة في غرب سوريا نحو شرق سوريا ومن المعلوم ان القوات الديمقراطية السورية هي ائتلاف يضم جماعات منشقة عن الجيش الحر مثل جيش الثوار.
ان الاكراد يسعون لربط منطقة عفرين الى المناطق الكردية في شرق سوريا ومن اجل تحقيق هذا الهدف يجب عليهم ان يسيطروا على مدينة اعزاز والمناطق المحيطة بها ويطردوا الجماعات المسلحة التي تدعمها تركيا والسعودية من هذه المناطق، وهنا بالضبط يصطدم الاكراد بتركيا ما يضع الامريكيين على مفترق طريقين.
وتقول وسائل الاعلام الامريكية ان "التخبط في سياسة ادارة اوباما ازاء سوريا بات واضحا على الارض عندما تقاتل الجماعات التي تدعمها امريكا بعضها البعض"، وفي هذا السياق يقول موقع "بازفيد نيوز" نقلا عن مصادر مقربة من الجماعات المسلحة ان هذه الجماعات تقاتل الان جماعات منافسة لها تدعمها منظمات أخرى.
وعلى سبيل المثال اعلن احمد عثمان، وهو قائد جماعة تسمي نفسها فاروق السلطان مراد، ان عناصر جماعته يتعرضون لهجمات المقاتلين الاكراد الذين يحظون بالدعم الامريكي وقال عثمان "هذا امر غريب وعجيب جدا ولا استطيع فهمه".
ومن المعلوم ان جماعة فاروق السلطان مراد تتلقى الاسلحة في اطار برنامج امريكي وتحت اشراف السي اي ايه وان الهدف المعلن لهذه الجماعة هو الاطاحة ببشار الاسد لكن في الطرف المقابل يقف الاكراد في وحدات حماية الشعب الذين يتلقون الدعم من امريكا لمحاربة داعش وفي الحقيقة تلعب وحدات حماية الشعب الكردية دورا محوريا في المشروع الامريكي لمحاربة داعش وهي تتعاون بشكل منتظم مع القوات الجوية الامريكية.
ان الاوضاع تصبح معقدة اكثر بالنسبة للامريكيين عندما تعلن حليفتهم تركيا ان اكراد سوريا هم اخطر واشد ارهابا من داعش في وقت يعتقد الامريكيون ان الاكراد هم اكثر جهة مؤثرة يمكن التعويل عليها ضد داعش على الارض، والرئيس التركي رجب طيب اردوغان قد خاطب الامريكيين مؤخرا قائلا "انتم الذين تقبلون بأن حزب العمال الكردستاني هو جماعة ارهابية لماذا لاتعتبرون حزب الاتحاد الديمقراطي السوري وذراعه العسكري أي وحدات حماية الشعب منظمة ارهابية؟" وقد وضع اردوغان الامريكيين امام خيارين فإما تركيا وإما الاكراد.
ان الامريكيين يواجهون الان تحديا كبيرا بعد تصاعد حدة المعارك بين الاكراد من جهة وتركيا والجماعات الارهابية في شمال حلب من جهة اخرى خاصة في منطقة اعزاز، وان دعم واشنطن للاكراد يعني مزيدا من التباعد والخلافات بين تركيا وامريكا واذا اختارت واشنطن دعم انقرة فإنها ستخسر ما تصفه بأقوى جماعة على الارض تستطيع مواجهة داعش.