الوقت- منذ قيام الكيان الصهيوني كانت واحدة من دعائمه الأساسية التسلح الذي يطال كافة أنحاء بنيته. فعدا عن السعي الحثيث للحفاظ على تفوق الكيان عسكريا من ناحية التكنولوجيا العسكرية وأنواع السلاح وكمياته على مختلف دول المنطقة. لطالما انتشر السلاح وسط الاسرائيليين أنفسهم عسكريين ومدنيين. طبعا هنا لا بد من الاشارة إلى أنه لا مدنيين بالمعنى الحقيقي للكلمة في الكيان الاسرائيلي فكافة شرائح المجتمع تخضع لبرامج تدريب عسكرية على أنواع السلاح مما يجعل من المجتمع الاسرائيلي واليهود بشكل خاص مجتمعا عسركيا عدائيا بطبعه بامتياز.
وفي هذا السياق نشرت مؤخرا أخبار مفادها أن الحكومة الاسرائيلية اليمينية قامت خلال الأشهر الماضية بتسهيل شروط الحصول على اجازة حمل سلاح بشكل غير مسبوق. طبعا هذا التسهيل يتمتع به اليهود فقط وليس كافة حملة الجنسية الاسرائيلية. مما تسبب بطفرة في اقتناء السلاح وسط اليهود. وتشير الأرقام والاحصاءات المتوافرة عن بيع ما يزيد عن 400 ألف قطعة سلاح خلال الأشهر الماضية. وتشير المعلومات إلى انقطاع بعض أنواع الأسلحة من المتاجر بسبب ازدياد الطلب عليها. وخاصة المسدسات والبنادق الآلية.
أما عن مصدر هذه الأسلحة فهي بالشكل الأساسي من أمريكا وقد تضاعفت الطلبات على شحنات السلاح خلال الفترة الماضية بشكل مريع وصلت إلى حد يومي بعد أن كانت تنقطع لأسابيع وذلك لتأمين الطلب المرتفع على الأسلحة من قبل السوق الاسرائيلي.
وبالعودة إلى التراخيص بحمل السلاح والتي تصدرها الحكومة الاسرائيلية فقد شملت كافة شرائح المجتمع من محامين وأطباء ومهندسين ومحاسبين وموظفين عاديين وحتى ربات المنازل والراقصات والمعلمين والعاطلين عن العمل. وذلك دون تقديم أي مبررات وجيهة أو وضع أي شروط سوى شرط أن يكون المشتري يهوديا. ويكفي أن يتوجه طالب السلاح إلى متجر لانتخاب السلاح الذي يريده وبعد تدريب لا يتعدى ساعات وبضعة رمايات ميدانية يستلم سلاحه ويرحل مقابل مبالغ ليست بالكبيرة وبترخيص من حكومة الكيان.
والجدير ذكره هنا أن نسبة كبيرة ممن سارعوا إلى اقتناء السلاح هم اليهود المهاجرين من دول أوروبية وأمريكية والذين عادة لم يخضعوا لتدريبات عسكرية في بلادهم كونها بمعظمها لا تفرض الخدمة العسكرية الالزامية. وهذا انما يشكل تهديدا حقيقيا للشرائح الشعبية التي لا تتمتع بهذه الميزة. ويقصد هنا بالخصوص الفلسطينيين العزل الذين يسكنون داخل الكيان الغاصب. طبعا لم تكن الحال أفضل قبيل هذا الاجراء الحكومي خاصة أن التنظيمات الصهيونية المتطرفة لم يكن ينقصها السلاح وبترخيص أيضا من الحكومة. إلا أن تفشي هذه الظاهرة بهذا الشكل المريع انما ينذر بالأسوأ مستقبلا.
أما حول الدوافع الاسرائيلية وراء هذا الاجراء فمن المؤكد أن الحكومة الاسرائيلية انما تخطط لارتكاب مجزرة ممنهجة بحق الفلسطينيين من ساكني القدس والمدن الأخرى داخل الكيان. وبغطاء قانوني من البرلمان اليميني الذي شرع حمل السلاح سابقا لفئات كثيرة كالمستوطنين في الضفة الغربية والتجار وحراس النوادي اضافة إلى العسكرين كافة والاحتياط برتبة ملازم وما فوق. ويأتي التراخي بالاجراءات الجديدة لمصلحة العصابات والمنظمات الارهابية التي لطالما نفذت أبشع الجرائم بحق الفلسطينيين تحت مرأى ومسمع العالم أجمع.
أما الاندفاع الهائل لامتلاك السلاح من قبل الصهاينة فانما يشير إلى أمرين مهمين. الأول يؤكد الطبع العدواني والاجرامي لدى الصهاينة بشكل عام. والأمر الثاني يؤكد حالة الخوف والهلع الكبيرين الذين يعيشهم الصهاينة خوفا من الأنتفاضة الفلسطينية المشتعلة داخل فلسطين المحتلة. وهذا الأمر ينذر بعواقب وخيمة لامتلاك السلاح من قبل الصهاينة وبانتهاكات وجرائم بحق الفلسطينيين الذي اتخذوا من أجسادهم العارية السلاح الأقوى ضد عدوهم.
ازاء كل ذلك وعلى الضفة الأخرى فان قوى الأمن الفلسطينية التابعة لمحمود عباس تمتلك 20 ألف قطعة سلاح لا يوجد ذخيرة كافية لها، وهي موجهة بالأصل لقمع الداخل الفلسطيني لا غير. مقابل أرقام تتحدث عن ما يزيد عن مليون ونصف قطعة سلاح بأيدي اليهود المتطرفين وهذا العدد في ازدياد مضطرد. والسلاح والذخيرة متوفرة وبشكل قانوني في المتاجر الاسرائيلية كما أشرنا وبترخيص من الحكومة نفسها.
اذا نحن أمام فصل جديد من المؤامرة والمجزرة الممنهجة ضد الفلسطينيين العزل ولا بد هنا من تدخل المنظمات الدولية لحماية هذا الشعب الذي يتعرض لأبشع الانتهاكات والمجازر منذ قيام الكيان الاسرائيلي الغاصب إلى اليوم.