الوقت- الاحداث الجارية في فلسطين الان تذكرنا بالانتفاضتين السابقتين نظرا للمواجهات الجارية والقمع الاسرائيلي المعهود وجميعنا يعلم ان الانتفاضة الاولى التي اندلعت في عام 1987 انتهت بعد توقيع اتفاقية اوسلو والانتفاضة الثانية التي بدأت عام 2000 انتهت باتفاقية شرم الشيخ لكن التطورات الحالية ووجود دعم مسيحي في داخل فلسطين للاحتجاجات وامواج الغضب يدل على أن هناك ناراً تحت الرماد مع امكانية خروج الامور عن السيطرة، ونحن نريد في هذا المقال تسليط الضوء على موقف مسيحيي فلسطين مما يحدث على الارض.
يقدر عدد مسيحيي فلسطين بمليوني شخص من مجموع 14 مليون فلسطيني في العالم وقد شرد الكثير من هؤلاء بسبب الحروب والجرائم الاسرائيلية وهناك الان قسم من المسيحيين في داخل فلسطين يقفون دعما للاحتجاجات والتحركات التي ينظمها ابناء الشعب الفلسطيني في الوقت الحالي وفي هذا الصدد يقول كبير اساقفة الكنيسة الارثوذكسية للروم في القدس الأب عطا الله حنا انه يجب عدم الاكتفاء بادانة الجرائم الاسرائيلية وتوجيه الانتقادات اليها بل يجب ابداء رد فعل قوي واستراتيجي وتوحيد صفوف الفلسطينيين، ويضيف الأب حنا ان الكيان الاسرائيلي لايزال يستغل الخلافات الموجودة بين الفلسطينيين واوضاع الدول العربية ويستمر في غيه ولايفرق بين مسلم ومسيحي.
ورغم ذلك هناك نظرتان مسيحيتان تجاه الاحداث الجارية في فلسطين اولهما المسيحية الصهيونية التي تدعم عودة اليهود الى "الارض الموعودة" وتعتبر ان المسيحي الحقيقي هو الذي يدعم الكيان الاسرائيلي، وثانيهما نظرة المسيحيين المعتدلين الوطنيين الذين يضمون صوتهم لصوت الفلسطينيين وقد رأينا كيف اشتبك عشرات المسيحيين الفلسطينيين مؤخرا مع قوات الکيان الإسرائيلي بسبب استئناف بناء الجدار العازل وقد اتهم هؤلاء الكنيسة الارثوذكسية ببيع او تأجير الاراضي في الضفة الغربية لمدة طويلة الى المنظمات الاسرائيلية.
وفي العام الماضي اعلن الأب عطا الله حنا معارضته لاي جهود تبذل لضم المسيحيين الى الجيش الاسرائيلي قائلا ان انتماء المسيحيين الى المجتمع الفلسطيني انتماء متجذر وتاريخي ولايمكن لهذه المحاولات ان تبعد المسيحيين من المجتمع الفلسطيني.
ردة فعل المسيحيين على الجرائم الاسرائيلية والانتفاضة الثالثة
ان موقف المسيحيين تجاه الجرائم الاسرائيلية والانتفاضة الثالثة هو موقف داعم للفلسطينيين اكثر من ان يكون موقفا حياديا فهؤلاء يتذكرون هدم اليهود للمساجد والكنائس والسياسة العنصرية للاسرائيليين، والمعروف ان اوضاع المسيحيين في فلسطين لاتختلف عن اوضاع المسلمين في الاراضي المحتلة وان الاسرائيليين يهجرون المسيحيين ايضا من اراضيهم للاستيلاء عليها.
وفي هذا السياق دان الوزير الفلسطيني السابق هند خوري الجرائم الاسرائيلية وحرمان الفلسطينيين من دخول دور العبادة في القدس كما اعلن ممثل المسيحيين في منظمة التحرير الفلسطينية مانويل مسلم دعمه الكامل لانتفاضة الاقصى قائلا ان الاسرائيليين يفهمون فقط لغة القوة وقد حظيت تصريحاته بتغطية اعلامية واسعة.
وطالما ينتهج الكيان الاسرائيلي سياسة عنصرية في تعامله مع غير اليهود فيمكن لنا ان نتوقع وقوف المسيحيين الفلسطينيين الى جانب المسلمين مع العلم بأن الاسرائيليين يريدون تحويل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي الى صراع فلسطيني فلسطيني واذا استمرت الخلافات بين الفصائل المقاومة في فلسطين فعلينا ان ننتظر اياما عصيبة للمقاومة الفلسطينية.
ان اوضاع الدول العربية منحت الفرصة للاسرائيليين لتنفيذ مخططاتهم في فلسطين وفي هذا السياق يقول الأب عطا الله حنا ان الاعتداءات الاسرائيلية ضد القدس قد ازدادت مؤخرا بسبب انشغال وسائل الاعلام العربية بتغطية الاوضاع في الدول العربية.
العالم العربي غارق اليوم في حرب مدمرة وقد تأثرت فصائل المقاومة الفلسطينية سلبا بالأزمة السورية وهذا تسبب باغتنام الاسرائيليين لهذه الفرصة "التاريخية" لتوسيع الاستيطان لكن اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثالثة وتلاحم الفلسطينيين مع بعضهم البعض امام هذه الهجمة الاسرائيلية الشرسة يمكن ان يغير موازين القوى.
ان ظلم الكيان الاسرائيلي للشعب الفلسطيني وفشل مفاوضات السلام وانشغال دول العالم بالقضايا الاقليمية والعالمية والتنافس الموجود على الساحة الاقليمية ووصول الاوضاع السياسية والاقتصادية في العالم الى طريق مسدود ادى الى اندلاع شرارة الانتفاضة الثالثة والحقيقة هي ان الشعب الفلسطيني يحظى هذه المرة بدعم المسيحيين الفلسطينيين في تحركه لكي يؤكد مرة اخرى على اهمية القضية الفلسطينية على الساحة الدولية وهي قضية تعتبر أساس وسبب حدوث القضايا الاخرى في المنطقة.