الوقت - تحاول تركيا تنمية علاقاتها مع بعض دول المنطقة لاستعادة الهيمنة الاقتصادية والسياسية التي كانت تتمتع بها خلال الفترة السابقة مستفيدة من الازمات التي تعاني منها دول المنطقة والتي تعود اسباب ظهور الكثير من هذه الازمات الی التصرفات الانتهازية التي تقوم بها انقرا.
حيث زار الرئيس التركي رجب طيب اردوغان خلال الايام الماضية كابول والتقی بكبار المسؤلين الافغان وعلى رأسهم الرئيس الافغاني اشرف غني وكذلك الرئيس التنفيذي في حكومة الوحدة الافغانية عبدالله عبدالله. ووصفت هذه الزيارة بانها مهمة لكلی البلدين، نظرا للاتفاقيات التي تم توقيعها من قبل المسؤولين الاتراك والافغان. حيث جاءت الاتفاقية الاستراتيجية التي وقعها كلی الطرفين للتعاون بعید المدی علی رأس هذه الاتفاقيات. وبناء علی هذا الاتفاق الاستراتيجي فمن المقرر ان تتعاون كابول وانقرا في الكثير من المجالات خاصة المشاريع التجارية و القضایا الامنية في المنطقة.
وبناء علی هذه الاتفاقيات علی مايبدوا يفكر الرئيس التركي بتوسيع نفوذ تركيا في المنطقة للعب دور بارز اكبر مما هي علیه الحال، مستفيدا من الازمات التي خلقتها تركيا في المنطقة خاصة تجاه العراق وسوريا عبر تعاون الدول الغربية ودول الارتجاع العربي. تركیا تسعی من خلال هذه العلاقات الجديدة مع افغانستان مساعدة الغرب علی تنفيذ مؤامراته تجاه الشعوب الاسلامية من ضمنها الشعب الافغاني المسلم الذي لازال يعاني من التدخلات الغربية في شؤونه الداخلية.
كما ان الحكومة الافغانية تسعی الی الاستفادة من فرصة تنمية علاقاتها مع تركيا وتوقيعها برتوكول تعاون استراتيجي مع انقرا، لتبرر توقيعها اتفاق مشابه مع واشنطن. ويظن المسئولون الافغان ان بوسعهم القول للشعب الافغاني الذي لم يوافق علی توقيع اتفاقيات مع واشنطن ان الحكومة الافغانية توقع مثل هذه الاتفاقات الاستراتيجية مع الدول الاسلامية مثل تركيا وغير الاسلامية من ضمنها امريكا وهذا لا يشكل خطرا علی الامن الافغاني في المستقبل!!.
لكن في الحقيقة ان الدول الغربية تريد من خلال ترکیا السيطرة علی افغانستان طيلة العقود الآتية وفي هذا الاثناء تحاول انقرا ايضا الوصول الی بعض التنازلات من أجل تسهيل مهمة الغرب حتی يسيطر امنيا واقتصاديا علی افغانستان. حيث ان هذا التعاون الغربي والتركي ضد الشعب الافغاني من الممكن ان يعرض مصير الشعب الافغاني في المستقبل الی مخاطر كبيرة.
وللاسف الشديد فقد اصبحت تركيا آلة بيد الغرب الی فرض هيمنته علی الشعوب الاسلامية في جميع انحاء المنطقة. وما تعرضت له سوريا والعراق من مؤامرة غربية تم تنفيذ جزء كبير منها علی يد الحكومة التركية، إلاّ هو دليل واضح علی خطط تركيا لاضعاف المنطقة وتسهيل الهيمنة الصهيوامريكية علیها.
كما اوضح الرئيس التركي خلال زيارته الی افغانستان ان بعد رحيل القوات الدولية وخروجها من هذا البلد، ستبقی قوات بلاده الی جانب جزء من القوات الاجنبية الاخری خاصة من امريكا والمانيا وايطالیا. وهذه النقطة تشير دون اي التباس الی ان تركيا تريد مساعدة الغرب عسكريا علی تنفيذ مهامه في المنطقة خاصة في افغانستان. ودون شك فان هذا التعاون التركي الغربي في المجالات العسكرية ضد الشعب الافغاني سيثير حفيظة هذا الشعب ومخاوفه بشكل كبير.
حيث ان تركيا ستعتبر شريك في جرائم القوات الاجنبية التي ترتكب ضد الشعب الافغاني كما حصل خلال اكثر من عقد خلال الفترة الماضية. وهذا التعاون التركي الغربي في المجال العسكري يعتبر مخالفا لطموحات الشعب الافغاني الذي يأمل بالتخلص من الاحتلال الاجنبي لبلاده. إذا سرعان ماستواجه تركيا احتجاجات شعبية واسعة في افغانستان من قبل شعب هذه الدولة وستكون آمال انقرا في السيطرة علی افغانستان تجاريا، مهبا للريح.
وكذلك من الممكن ان تكون تنمية العلاقات الافغانية والتركية مثيرة لمخاوف باكستان الدولة الجارة لافغانستان. لانه وكما اتضح من تصريحات الرئيس الافغاني والتركي فان انقرا وكابول تريد تنمية علاقاتهما الامنية من ضمنها مواجهة المشاكل الامنية التي تواجه الحكومة الافغانية. حيث انه توجد مشاكل عديدة بين افغانستان وباكستان في المجال الامني ومن الممكن ان تصبح تركيا عنصرا مهما في تأجيج خلافات اسلام آباد وكابول.
كما ان دول اخری في المنطقة من الممكن ان تتضرر اثر التعاون الذي تنوي افغانستان بناء مع تركيا وامريكا ومن الممكن ان تكون هذه العلاقات سلبية علی بعض الدول، حيث ان هذه الدول التي من الممكن ان تتضرر سوف لم تبقی مكتوفة الايدي تجاه مثل هذا التعاون المشبوه وستكون لها خططها لمواجهة المخاطر التي من الممكن ان تلحق بمصالحها الوطنية الضرر.
الجمهورية الاسلامية الايرانية باعتبارها قوة عظمی في المنطقة تراقب التحركات المشبوهة من قبل افغانستان وتركيا وامريكا ويكون من حقها اتخاذ جميع الخطوات التي تراها ضرورية لحفظ امنها واستقرارها. وبالرغم من ان طهران ترحب باي تعاون اسلامي بين الدول الاسلامية لكنها تؤكد ان هذا التعاون يجب الا ياتي بالقوی الاجنبية الی المنطقة. وما تنوي تركيا فعله من خلال بناء علاقات واسعة مع افغانستان علی مايبدو يهدف الی مساعدة الغرب علی الحضور في المنطقة وهذا ماترفضه طهران وجميع الشعوب الاسلامية خاصة الشعب الأفغاني.