1 - مقارنة سیاسیة وإداریة
الف) النشاطات التنظیمیة والسیاسیة للإخوان المسلمین
الوقت - دأبت حرکة الاخوان المسلمین علی توجیه انتقادات لسیاسات وبرامج الحکومة من خلال الوعظ وابداء النصیحة وانتهجت طرقا سلمیة وعملیة لبیان هذه الانتقادات من بینها المشارکة فی ادارة المؤسسات الحکومیة لاسیما البرلمان باعتباره السبیل الافضل لطرح الافکار والمواقف المعارضة للحکومة. وفی هذا الخصوص یؤکد احد قادة الاخوان انهم لا یذهبون الی البرلمان للمشارکة فی سن قوانین غیر اسلامیة، بل هم یتواجدون فی هذه المؤسسة المهمة للحیلولة قدر الإمکان دون إعداد واقرار مثل هذه القوانین.
وفی الحقیقة ان حرکة الاخوان فی مصر لم تتمکن حتی بدایة ثمانینیات القرن الماضی من تبوء مواقع مهمة فی الدولة ، لکنها نجحت بعد مقتل الرئیس الاسبق انور السادات فی تشرین الأول/أکتوبر عام 1981 فی الحصول علی مکانة مقبولة فی مجلس الشعب من بین کافة احزاب المعارضة. وتمکن مرشحوها من خلال مشارکتهم فی ائتلاف مع عدد من الاحزاب المرخصة قانونیا من الفوز بمقاعد نیابیة فی انتخابات عامی 1984 و1987 . وفی الحقیقة ان الاخوان اضطروا لخوض تلک الانتخابات من خلال التحالف مع قوی سیاسیة اخری لان النظام الانتخابی المعتمد آنذاک لم یکن یسمح لای حزب بالمشارکة بصورة مستقلة فی هذا السباق ، اضافة الی ان حرکتهم لم تکن مرخصة قانونیا کی تشارک بمفردها فی تلک الانتخابات. ولهذا ائتلفت مع " الوفد" وهو حزب غیر دینی فی انتخابات عام 1984 وحصل هذا الائتلاف علی 54 مقعد فی البرلمان 8 منها کسبها مرشحو الاخوان. وفی انتخابات عام 1987 ائتلفوا مع حزبی " العمل " و" الاحرار " وحصل الائتلاف علی 60 مقعدا فی البرلمان بینها 30 کانت من حصة الاخوان ، لکنهم قاطعوا الانتخابات عام 1990 بمعیة اطراف رئیسیة أخری فی المعارضة باستثناء حزب " التجمع " .
وحینها اوضح المتحدث باسمهم مأمون الهضیبی ان سبب المقاطعة یعود الی انهم شعروا بأن الانتخابات لن تکون حرة ونزیهة، مشیراً الی انهم طالبوا بإشراف القضاء علی العملیة الانتخابیة والکشف عن هویة الناخبین الا ان هذین الطلبین رفضا من قبل السلطات، وبالتالی فإنهم حرموا من المشارکة فی تلک الانتخابات بسبب رفضهم لمقرراتها وظروف اجرائها.
واضاف الهضیبی ان وزیر الداخلیة کان یهیمن علی کل شیء ویفرض علی الجمیع الخضوع لاوامره ولم تکن هناک ای ضمانات لاجراء انتخابات حرة ونزیهة. وخلال انتخابات عام 1995 وبعد تطبیق نظام الترشیح الفردی شارک الاخوان بشکل مستقل فی هذه الانتخابات لکنهم لم یتمکنوا من تکرار ما حصل فی انتخابات 1987.
وفی انتخابات عام 2000 حصل الاخوان علی 17 مقعدا وحازوا علی المرکز الثانی بعد الحزب الحاکم، واهلهم ذلک لزعامة المعارضة فی البرلمان. وعلی ضوء ذلک یمکن القول ان اخوان مصر سعوا علی الدوام للعب دور فعال فی المجالین السیاسی والاجتماعی.
وعلی النقیض من ذلک تحولت جماعة الإخوان فی سوریا الی حرکة رادیکالیة سریة بعد حلِّها من قبل الحکومة. ووفقا لقانون 49 لعام 1981 استحق اعضاؤها عقوبة الإعدام وشنت السلطات حملة واسعة علی مقراتها وابعدت قیاداتها عام 1982. ورغم المحاولات التی بذلوها فشل الاخوان بالحصول علی ترخیص رسمی لاستئناف نشاطهم. وفی عام 2001 اصدرت حرکتهم بیانا عبرت فیه عن دعمها لمجموعة من المعارضین کانوا یطالبون باجراء انتخابات حرة وتغییر هیکلیة الحکومة. ولکن بعد اخفاقاتهم المتکررة قرروا الانضمام الی الائتلاف الحالی المعارض للحکومة. ونتیجة لذلک یمکن القول ان اخوان سوریا قد فشلوا فی الحصول علی موقع یؤهلهم للعمل ضمن الترکیبة السیاسیة القائمة فی البلد.
ب ) الموقع الاجتماعی للاخوان المسلمین
الإخوان المسلمون فی سوریا لا یختلفون عن نظرائهم المصریین من حیث الوضع الاجتماعی فهم ینتمون فی الاعم الاغلب الی الطبقة الوسطی أو دون الوسطی فی المجتمع التی تضم فی صفوفها شریحة المعلمین والکثیر من رجال الدین وأصحاب الحرف وبعض التجار والبیروقراطیین.
وتجدر الاشارة الی ان العقدین الاخیرین شهدا تغییرات محسوسة لصالح الاخوان بعد انضمام الکثیر من طلبة واساتذة الجامعات والموظفین واصحاب المعامل والصناعات الی صفوفهم او صفوف الموالین لهم وهو ما دعاهم الی تغییر بعض برامجهم السیاسیة والاجتماعیة والثقافیة لاستیعاب الشرائح والاطیاف الاجتماعیة التی التحقت بهم. ولکن الامر یختلف فی سوریا اذ ان معظم عناصر الاخوان او موالیهم هم من الطبقة دون المتوسطة فی المجتمع وجلهم من سکنة الاریاف والمناطق المحیطة بالمدن ولیس بینهم شخصیات مهمة ومؤثرة یمکن ان یحسب لها حساب.
ج) السیاسة الخارجیة من وجهة نظر الاخوان
یمکن تقسیم افکار الاخوان المسلمین فی مجال السیاسة الخارجیة الی عدة اقسام تشمل نظرتهم الی الامور الکلیة التی تتعلق بالنظام الدولی والعلاقات العربیة والاسلامیة وقضیة فلسطین. ففیما یتصل بالنظام الدولی یمکن الاشارة الی ان الاخوان یعتقدون بضرورة خلق عالم متعدد الاقطاب وبأهمیة التعاون مع المنظمات والهیئات الاممیة واحترام المعاهدات والمواثیق الدولیة واقامة علاقات قائمة علی اساس العدل وتعزیز الاواصر السیاسیة مع مختلف القوی الفاعلة فی العالم کالاتحاد الأوروبی والصین، واجراء محادثات مع الدول الاوربیة وامیرکا لإیجاد حلول للتحدیات القائمة والتحرک لمواجهة العنف واقرار الامن والسلم فی العالم وانتهاج سیاسات تعتمد علی الحوار والتفاهم فی العلاقات الدولیة.
وفیما یتعلق بالعلاقات بین البلدان والشعوب العربیة یؤکد الاخوان علی ضرورة إزالة العقبات والقیود التی تحول دون تکامل هذه العلاقات من خلال ایجاد هیکلیة تساهم فی تحقیق الوحدة الحقیقة بین هذه البلدان فی شتی المجالات الاقتصادیة والسیاسیة والعسکریة وهم یدعون ایضا الی تأسیس سوق عربیة مشترکة.
ویؤکد الاخوان کذلک علی ضرورة التعاون بین الدول العربیة فی المجالات الثقافیة والعلمیة والأدبیة وعدم السماح بالتدخل فی شؤون هذه الدول وبذل السعی لتحقیق التقارب والتلاحم فیما بینها بالوسائل والطرق الدیمقراطیة. وهذا التأکید علی موضوع الوحدة العربیة من قبل الاخوان یظهر أنهم مع التوجه العروبی رغم تبنیهم للافکار والمفاهیم الاسلامیة کمفهوم " الخلافة الإسلامیة الشاملة". وهذا الامر یضع وجهات النظر السیاسیة التی یتبناها الاخوان امام تحدیین؛ الاول: ان تبنی الحرکة للتوجهات العروبیة لا یتناسب مع توجهاتها الاخری باعتبارها حرکة اسلامیة تتنافی مبادئها واهدافها مع التوجهات القومیة. والثانی ان ترکیز الحرکة علی الوحدة العربیة والجهود التی تبذلها فی هذا المجال یتنافی مع دعوتها الی تأسیس دول معاصرة علی کافة المستویات. وفیما یخص العلاقات الإسلامیة یؤکد الاخوان علی ضرورة اعتماد اللغة العربیة باعتبارها لغة القرآن الکریم فی تعزیز هذه العلاقات واستحداث مؤسسات ثقافیة تعمل علی بلورة وابراز الهویة المشترکة للعالم الاسلامی وإنشاء سوق اسلامیة مشترکة وتفعیل دور المنظمات والهیئات الاسلامیة کمنظمة التعاون الاسلامی " المؤتمر الاسلامی " وتوحید الرؤی والمواقف بین البلدان الاسلامیة تجاه مختلف القضایا علی الساحة الدولیة.
وفیما یرتبط بالقضیة الفلسطینیة یؤکد الاخوان علی وجوب التصدی للکیان الصهیونی والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطینی. ومنذ انطلاقها وضعت حرکة الاخوان مواجهة اسرائیل والتصدی لعدوانها علی رأس اولویاتها واهتماماتها ودعت الدول العربیة والإسلامیة الی الوحدة والتماسک لبلوغ هذا الهدف. وینتقد الاخوان باستمرار المحاولات الرامیة الی تسویة القضیة الفلسطینیة ویعارضون بشدة ابرام ای معاهدة "سلام" مع اسرائیل أو تطبیع العلاقات مع هذا الکیان.
وبعد اندلاع الثورة المصریة کان المؤمل ان یتخذ الاخوان مواقف حازمة ضد الکیان الصهیونی لکن ظهر بمرور الوقت أن الشعارات التی کانوا یطلقونها فی هذا المضمار لم تکن سوی وسیلة للدعایة الانتخابیة . ورغم الوعود التی قطعوها علی انفسهم بأنهم سیقومون بالغاء اتفاقیة کامب دیفید مع اسرائیل وینهون اتفاق بیع الغاز المصری الی هذا الکیان الا ان کبار قیادیی الاخوان وفی مقدمتهم الرئیس السابق محمد مرسی اعلنوا صراحة انهم ملتزمون بهذه الاتفاقیات ولن یتخذوا ای اجراء لالغائها او تجمیدها. وبشکل عام یبدو ان الاخوان سیکتفون باطلاق شعارات مناهضة لإسرائیل ولن یتمکنوا من ترجمتها علی ارض الواقع ما لم یحکموا سیطرتهم علی الاوضاع تماما وما لم یتخذوا لهم عن الغرب بدیلا.