الوقت - في حديث خاص أدلى به للقناة الإخبارية الإيرانية، استهل خليل الحية، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، كلامه بتحية مباركة للشعب الإيراني في ذكرى انتصار ثورته الإسلامية السادسة والأربعين، ثم أضاف قائلاً: "لقد حظينا اليوم، نحن وفد حماس، بشرف لقاء قائد الثورة الإسلامية في مشهدٍ تجلت فيه عظمة اللحظة التاريخية، وقد غمرتنا مشاعر الغبطة والاعتزاز بلقاء سماحة آية الله الخامنئي الذي تجلت في محياه روح العزة والإباء، وهو يعرب عن دعمه الراسخ للمقاومة الفلسطينية، مشيداً بصمود المجاهدين وثبات الشعب الفلسطيني الأبي في تحطيم شوكة العدو الصهيوني وكسر إرادته الغاشمة".
ونقل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس عن قائد الثورة في إيران قوله المأثور: إن ملحمة طوفان الأقصى لَشاهد ناطق على أن صولة الظلم والطغيان إلى زوال، وکم من فئةٍ قليلةٍ غلبت فئةً کثيرةً بإذن الله.
وأضاف الحية في حديثه: "لقد تجلت في ذلك اللقاء التاريخي صور البطولة والفداء التي سطرها أبناء شعبنا المرابط، وما خطته بمداد العزة والكرامة كتائب القسام وسائر فصائل المقاومة الباسلة من ملاحم خالدات. كما استعرضنا ما اقترفته يد البغي الصهيوني من جرائم تقشعر لهولها الأبدان، إذ طال دمارهم الغاشم ما يناهز نصف مليون منزل، وأوقعوا ما يربو على مئة وستين ألفاً من أبناء شعبنا الصامد في غزة بين شهيد وجريح، مخلّفين وراءهم آلافاً من الأطفال اليتامى، ودمروا کل شيء تقريباً في القطاع الصامد.
وأوضح: "لقد امتدت يد العدوان الآثمة لتطال أكثر من ألف ومئة مسجد، دُمّر منها تسعمئة مسجد بشکل کامل، ولم تسلم من همجيتهم حتى صروح العبادة المسيحية، فقد هدموا ثلاث كنائس، وعمدوا إلى تدمير منابع الحياة من آبار المياه والأراضي الزراعية، بيد أن شعبنا الأبي، وبعزيمة لا تلين، عاد من جنوب القطاع إلى شماله، رغم يقينه بما حلّ بدياره من خراب ودمار، مصراً على العودة إلى مناطقه مهما عظمت التضحيات.
وتابع القيادي في حماس حديثه قائلاً: لقد ارتقى إلى عليين كوكبة من قادتنا الميامين: إسماعيل هنية، والعاروري، والسنوار، وعشرات من قادتنا العسكريين الأفذاذ. غير أن جبهات النصرة والإسناد في العراق واليمن قد هبت لمؤازرتنا، وكانت إيران حاضرةً في سوح الجهاد والحرب، إذ ردت على عدوان الكيان الغاصب بعمليتي "الوعد الصادق" الظافرتين.
كتائب القسام خدعت الكيان الصهيوني
صرح نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، أن طوفان الأقصى المبارك قد دقّ المسمار الأخير في نعش الكيان المحتل، وأضاف قائلاً: "لقد نسجت المقاومة الباسلة خيوط ظفرها على مهل، وحاكت كتائب القسام في ليل الكتمان خطتها المحكمة، حتى استحالت في عيون العدو حمامة سلام، فظنّ الغاصب في غفلته أنها قد ركنت إلى السلم وجنحت للمهادنة، وقد أبدع مجاهدونا الميامين في تضليل أجهزة التنصت والتجسس، حتى إذا لاح للعدو بصيص من الشك، عجزت منظوماته التقنية المتطورة عن اختراق حصون أسرارنا، فأضحى كالأعمى يتخبط في ظلمات جهله.
وأردف الحية: لقد سطرت كتائب القسام ملحمةً بطوليةً، حين دكّت لواء غزة وأذاقت عشرة آلاف من جنود العدو المدججين بأحدث العتاد وأفتك الأسلحة كأس الهزيمة المر.
وأضاف: نستلهم عزائمنا من كتاب ربنا في الذود عن حياض الأمة، فهم البغاة الذين دنّسوا أرضنا المقدسة، وعقيدتنا الراسخة تأمرنا بمقارعتهم، إن قضية فلسطين هي جرح الأمة النازف وقضيتها المركزية، كان العدو يبيت النية لاقتلاع أهلنا من الضفة الغربية، ويحيك المؤامرات لسحق غزة الصمود، ويتربص بالمقاومة في لبنان، فكان لزاماً علينا أن نهب للدفاع عن شعبنا، فأذهلناهم بطوفان الأقصى الذي زلزل أركانهم.
وتابع الحية حديثه: رغم ما حشده الكيان الغاصب من ترسانة حربية، وما مارسه من صنوف البطش والعدوان، فإن غزة العزة قد ألحقت به هزيمةً نكراء، وحطمت أسطورة جيشه الذي لا يُقهر، وكشفت للعالم أجمع عن وجهه القبيح.
دوافع عملية طوفان الأقصى
ورداً على استفسار حول المنافع التي جنتها فلسطين من عملية طوفان الأقصى، قال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس: "نحن نقف أمام خيارين لا ثالث لهما - إما أن تبقى فلسطين تحت وطأة الاحتلال ويتمادى المحتلون في عدوانهم على المناطق الأخرى، وإما أن نحرّر وطننا بالجهاد والكفاح المسلح، إن النضال حق مشروع لكل الشعوب، ولسنا أول أمة تدفع ثمن حريتها، فجميع الأمم خاضت معارك التحرير والمقاومة، وقيمنا ومبادئنا تحتّم علينا هذا المسار، لقد سلك الفلسطينيون درب المفاوضات والتسوية، فما حصدوا إلا مزيداً من الهيمنة الإسرائيلية، بينما تقف المقاومة سداً منيعاً أمام تغولهم وتعزز وحدة الأمة الإسلامية".
وأضاف القيادي بحماس: "ها هو نتنياهو يسلك مسارات ملتوية في رحلته إلى أمريكا متجنباً أجواء العديد من الدول، كمطارد يخشى الملاحقة، واليوم نشهد تصدعات عميقة في بنية الكيان واقتصاده، وقد سقطت أقنعته، واعترف الجميع بخطأ نظرتهم السابقة لهذا الكيان المزعوم".
وصرح الحية قائلاً: "عندما وافقنا على الهدنة، كان الكيان الصهيوني يتلهف إليها، إذ كان في أمسّ الحاجة لهذا الاتفاق بعد أن عجز عن تحقيق أهدافه وفشل في استعادة أسراه، وأخفق في الوفاء بوعوده لشعبه، ولم يحقق سوى تدمير البنية التحتية الفلسطينية، لقد قدّم شعبنا أنموذجاً أسطورياً في الصمود والتحدي".
وتابع نائب رئيس المكتب السياسي تصريحاته بقوله: "بعد خمسة عشر شهراً من جرائم الكيان الصهيوني، لم يعد العالم قادراً على تحمل هذا المشهد الدامي، وبات يتوق لإنهاء الحرب، فالعدو قد مُني بالهزيمة وأصبح متلهفاً لاستعادة أسراه".
شروط تحرير الأسرى
وقال عضو المجلس القيادي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس": ها هو الكيان الصهيوني يتحرق شوقاً لاستعادة أسراه، وقد أضحى العشرات منهم في قبضة المقاومة الباسلة، ولن يبصروا نور الحرية إلا بإيقاف آلة الحرب الصهيونية، لم نضع أختامنا على هذا الاتفاق بوصفه صك استسلام، بل دخلنا فيه بشروط راسخة، منذ بداية هذا المسار، أعلنّا جهاراً ضرورة كفّ يد العدوان، وجلاء جحافل المحتل عن أرض غزة، وإعادة إعمار ما دمرته آلتهم الحربية، وتنفيذ كل هذه المطالب العادلة، ولم نخط حرفاً في هذا الاتفاق إلا بعد أن استوثقنا من الوسطاء بضمانات خطية لا تقبل التأويل، وقد نصّ الاتفاق بجلاء على عودة المهجرين إلى ديارهم في شمال القطاع الصامد.
وأضاف: "تطلق المقاومة سراح الأسرى من موقع العزة والشموخ، وقد شهد هذا اليوم تحرير ثلاثة منهم مقابل إطلاق سراح المئات من أسرانا البواسل، وسيشهد القريب العاجل تحرير قرابة ألفي أسير فلسطيني، بينهم ثلاثمئة ممن حكم عليهم بالمؤبد".
وفي معرض رده على سؤال حول نكث الکيان لعهوده في اتفاق وقف إطلاق النار، شدّد الحية قائلاً: "المقاومة بالمرصاد، وسلاحنا في أيدينا، وشعبنا الفلسطيني يقف خلف المقاومة بكل قوة. نحن عازمون على مواصلة درب المقاومة".
وتابع نائب رئيس المكتب السياسي لحماس حديثه بقوله: إن بنيان قيادتنا راسخ متين، إذ تجري الأمور بنظام شوري محكم، ويتم اصطفاء القادة بطريق مباشر لا يترك ثغرةً في جدار القيادة، فحين استشهد القائد هنية، تولى السنوار زمام القيادة في الحال، وأعظم من ذلك كله أن شعبنا الفلسطيني هو الدرع الحصين للمقاومة وسندها المتين، فعلى مدى خمسة عشر شهراً من الحرب، لم يحدّ عن نصرة المقاومة قيد شعرة، وحين خمدت نيران الحرب، انطلق يزغرد فرحاً بنصر المقاومة المؤزر.
مشروع تهجير أهل غزة إلى الفشل
أدلى عضو المجلس القيادي لحركة حماس ببيان جليّ حول مخطط ترامب للتهجير القسري، قائلاً: "إن هذا المخطط ليكشف بجلاء عن الدعم الأعمى والتعالي الأمريكي الصارخ للكيان الصهيوني منذ نشأته، إن هذه التصريحات تفتقر إلى أدنى مقومات التخطيط المنطقي، لقد أعلنّا بصوت مدوٍّ أننا سنفشل أي مخطط يستهدف فلسطين، وقد لقيت المخططات المماثلة في الماضي مصيرها المحتوم، ولولا همجية العدوان الصهيوني، لما غادر أهلنا في شمال غزة ديارهم".
وأضاف الحية: "يرى الكيان الغاصب في الضفة الغربية مركز الصراع، إذ يعتبرون القدس وما حولها أرضهم المقدسة، ويولونها عنايةً فائقةً تفوق سائر المناطق، غير أن شعبنا الفلسطيني ماضٍ في مقاومته، ونحن مستمرون في أداء دورنا التاريخي، المقاومة صامدة شامخة، وها هو العالم اليوم يتشدق بالعدالة والمساواة، لكنه في حقيقة الأمر قد خذل نفسه بتواطئه مع العدو".
على الدول الإسلامية أن تقطع علاقاتها بالكيان الصهيوني
وفي دعوة صريحة للدول الإسلامية لقطع علاقاتها مع الكيان الصهيوني، صرح نائب رئيس المكتب السياسي لحماس: "إن لم نقف سداً منيعاً في وجه هذا الكيان، فسيمضي في مخططاته الخبيثة، لا بد من تحرك عالمي رادع، وعلى الدول الإسلامية أن تقطع العلاقات معه".
وعن النجاحات الإعلامية لحماس، أوضح: "تمتلك حماس منظومةً إعلاميةً متكاملةً، وقد درست جمهورها المستهدف بعناية، إن رسالتنا موجهة للإنسانية جمعاء، كنا على يقين من تأثير أدائنا الإعلامي على الصهاينة، فأرسلنا رسائلنا للعدو في اللحظات المفصلية المناسبة".
وأردف الحية: "لقد جسّدنا في تعاملنا مع الأسرى أسمى القيم الإسلامية، فوفّرنا لهم الغذاء والدواء، وبذلنا قصارى جهدنا في رعايتهم، في المقابل، أقدم العدو على قتل العشرات منهم إلى جانب أبناء شعبنا، إن تصرفاتنا تمثّل نموذجاً إنسانياً وأخلاقياً راقياً في مواجهة سلوك العدو المريض، فنحن أصحاب قيم ومبادئ راسخة".
واختتم نائب رئيس المكتب السياسي لحماس حديثه بالقول: "فيما يتعلق بإعادة إعمار غزة، لا بدّ أولاً من تقييم شامل تجريه المؤسسات الدولية، ثم تنطلق بعدها عملية الإعمار في مرحلتها الثانية".
