الوقت- أثارت العملية السيبرانية الإرهابية والمعقدة للكيان الصهيوني والتي فجرت أجهزة النداء المحمولة التابعة لحزب الله، تساؤلات حول طريقة تنفيذ هذه العملية، والتي أدت إلى إصابة أكثر من ألف شخص في لبنان، بينهم السفير الإيراني وكيف تم اختراق هذه الأجهزة بما في ذلك السؤال عما إذا كانت "إسرائيل" قد فجرتها عن بعد؟
أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، بعد ظهر الثلاثاء، إصابة مئات اللبنانيين جراء انفجار أجهزة اتصال لاسلكية محمولة (بيجر) بين أيدي حامليها في الضاحية الجنوبية لهذا البلد.
وقالت مصادر أمنية لرويترز: إن جهاز الاتصالات الذي تم تفجيره في لبنان هو أحدث طراز استورده حزب الله في الأشهر القليلة الماضية.
وكان أبرز رد فعل وموقف لمسؤول إسرائيلي، والذي يشير إلى تورط هذا النظام في هذا العمل الإرهابي، على لسان مستشار بنيامين نتنياهو، توباز لوك، بنشره تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تم حذفها بعد أن أمر نتنياهو بتشكيل مجلس المسؤولين والوزراء بعدم التعليق على الموضوع.
لكن السؤال الأساسي هو كيف تمت هذه العملية وكيف فجرت "إسرائيل" مئات أجهزة النداء في وقت واحد وفي عدة أماكن.
ما هو جهاز الاتصال اللاسلكي؟
تعد أجهزة الاتصال اللاسلكية أحد أقدم أدوات الاتصال المحمولة المعروفة بتوفير اتصال فوري ومباشر.
على الرغم من التقدم الهائل في تكنولوجيا الهاتف المحمول، إلا أن أجهزة الاستدعاء لا تزال تستخدم على نطاق واسع في العديد من المجالات الحيوية مثل الرعاية الصحية والطوارئ بسبب قدراتها الأمنية الأكبر، والبساطة في نقل الرسائل والتنبيه.
يعتمد جهاز الاتصال اللاسلكي على تلقي رسائل نصية قصيرة أو إشعارات مرسلة عبر موجات الراديو، عندما يريد شخص ما إرسال رسالة إلى مستخدم جهاز النداء، يتم إرسالها مشفرة إلى أقرب برج إرسال من خلال مزود الخدمة، وعندما يستقبلها الجهاز المطلوب، يقوم بفك تشفير الرسالة وعرضها.
كل جهاز اتصال لاسلكي له تردد محدد ورقم تعريف فريد (capcode) يسمح له بتلقي رسائله الخاصة فقط.
ولا يحتاج الاتصال عبر جهاز النداء إلى وجود بطاقة SIM لأن الأجهزة تعتمد على رقم التعريف الخاص بها وهي مزودة بهوائيات راديوية لاستقبال الإشارات دون الحاجة إلى الاتصال عبر أبراج الهواتف المحمولة.
ثلاثة سيناريوهات
منذ الأمس، تطرح وسائل الإعلام سيناريوهات مختلفة حول السبب الرئيسي لانفجار أجهزة الاستدعاء اللبنانية.
وتحدث موقع "والا" الإخباري الإسرائيلي، استنادا إلى البيانات السيبرانية التي قدمها ماجن مارغاليت، نائب رئيس القسم الرقمي في شركة تطوير البرمجيات الإسرائيلية CodeValue، عن احتمال وجود ثلاثة سيناريوهات.
الاحتمال الأول هو حدوث هجوم سيبراني متطور من خلال اختراق نظام التشغيل الخاص بأجهزة النداء لتقليل أو زيادة الطاقة المخزنة في بطاريات الليثيوم لإحداث انفجارها.
اختراق أجهزة الاتصال اللاسلكي ليس بالأمر السهل لأن هذه الأجهزة بسيطة وغير متصلة بالإنترنت وتعتمد على إشارات الراديو، ولكن من الممكن اختراق نظام المراسلة.
في أجهزة النداء القديمة، يتطلب إتلاف البطارية الوصول إلى النظام الكهربائي الداخلي للجهاز، وهذا غير ممكن من خلال تقنية الاتصال اللاسلكي المستخدمة في جهاز النداء، حيث تم تجهيز أجهزة الاستدعاء الأكثر حداثة بأنظمة حماية تمنع الضرر الناتج عن الشحن الزائد أو ارتفاع درجة حرارة البطارية.
ومع ذلك، يعتقد مارغاليت أن الجيل الأقدم من أجهزة الاستدعاء كان يعمل على نظام تناظري وكان من الصعب اختراقه، لكن الأنواع الرقمية الحديثة أصبحت الآن أكثر قابلية للاختراق ويمكن التحكم فيها عن بعد.
وحسب هذا الخبير، فإنه بعد اختراق أجهزة الاتصال اللاسلكية والسيطرة عليها، يمكن التحكم في الترددات، وإرسال رسائل كاذبة، كما يمكن استغلال نقاط الضعف المادية في المكونات الإلكترونية لإتلاف الجهاز وحتى تفجيره، وذلك عن طريق تنفيذ كود يجعل الجهاز يعمل بسرعة عالية حتى حد انفجار البطارية.
وفي خبر يتماشى مع هذا السيناريو، قال مصدر مقرب من حزب الله لوكالة فرانس برس: إن "أجهزة الاستدعاء التي انفجرت جاءت في شحنة تحتوي مؤخرا على ألف جهاز" ويبدو أنها "تم اختراقها من المصدر".
تجدر الإشارة إلى أنه في عام 2021، أثارت شركة NSO الإسرائيلية الكثير من الجدل في العالم بسبب إنشاء برنامج تجسس يعرف باسم "بيغاسوس"، من خلال اختراق الهواتف المحمولة على كل من أجهزة أندرويد وآيفون.
أما السيناريو الثاني فهو إمكانية استغلال ثغرة أمنية في نظام تشغيل هذه الأجهزة، ما سمح للصهاينة بالتحكم فيها عن بعد والتسبب في انفجار الجهاز.
وبعيداً عن الاحتمالين المطروحين، هناك أيضاً احتمال ثالث وهو الأرجح أن تكون هذه الأجهزة قد تم تجهيزها بمكون متفجر لتنفيذ عمليات إرهابية خلال مرحلة التصنيع في المنشأ أو في عملية تخريبية قبل بيعها للجانب اللبناني، وخاصة أن رويترز أكدت أن الجانب اللبناني استوردها منذ أشهر.
وفي الواقع، من الممكن أن تحتوي هذه الأجهزة على مكونات مصممة للتفجير عن بعد.
من جهته، يرى المحلل العسكري المقيم في بروكسل إيليا ماني أن عملاء إسرائيليين "تسللوا بلا شك إلى عملية الإنتاج وأضافوا عنصرا متفجرا ومكون تفجير عن بعد".