الوقت- يروي هاريسون مان الضابط السابق في الجيش الأمريكي لصحيفة الغارديان الأوضاع المحيطة به وبقواته في الشرق الأوسط أثناء الحرب في غزة؛ ويقول في يناير/كانون الثاني، تلقت مجموعة أزمات الشرق الأوسط التابعة لوكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية أنباء صادمة عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين في هجوم بطائرة دون طيار على قاعدة البرج 22 الواقعة في شمال الأردن، وفي مقرنا في واشنطن شعرنا بالحزن، لكننا لم نتفاجأ، كنت ضابطا في الجيش الأمريكي في ذلك الوقت، ومنذ تشرين الأول/أكتوبر، اعتدت أنا وزملائي على رؤية المجموعات العراقية والسورية تهاجم قواعدنا كل يوم تقريبًا، ومع تزايد الصراعات وتزايد الخسائر البشرية، توصلنا إلى فهم مدهش؛ بأنه لم تكن هناك خطة حقيقية لحماية القوات الأمريكية.
ولو لم يكن نتنياهو متأكداً من نشر قوات البحرية الأمريكية لحمايته من عواقب أفعاله، لما قتل مسؤولين كبار في حزب الله وحماس في بيروت وطهران منذ وقت ليس ببعيد.
وفي شهر أيار/مايو، وأثناء استقالتي، حذرت من تزايد التوترات الإقليمية، وشهدت في ذلك الوقت بحزن شديد قتل المدنيين الفلسطينيين دون داع، وبعد أشهر، رأيت أن الأزمة الإنسانية في غزة لم تتفاقم فحسب، بل إن القوات الأمريكية تدربت على إطلاق النار على المدنيين، وهو أمر جنوني.
ومن الواضح أنه لا توجد خطة حقيقية لدعم قرار إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بتسريع نشر الطائرات والسفن الحربية في الشرق الأوسط، لكنه ببساطة انعكاس غير مشروط للدعم لحكومة بنيامين نتنياهو، الأمر الذي لن يزيد إلا إثارة التوتر والدخول في حرب أوسع.
ولو لم يكن نتنياهو على يقين من أن البحرية الأمريكية سيتم نشرها على الفور لحمايته من عواقب أفعاله، لما قتل كبار مسؤولي حزب الله وحماس في بيروت وطهران وأصاب جنوداً أمريكيين في ضربة انتقامية منذ وقت ليس ببعيد.
وبعد عشرة أشهر من الحرب، حان الوقت للتفكير بجدية أكبر في الأسباب التي تجعلنا نعرض قواتنا للخطر، وليس أقل من معجزة أن المزيد من القوات الأمريكية لم تقتل في الصراع، ومن المثير للدهشة أن الصراعات لم تتحول بعد إلى حرب مدمرة على نطاق واسع بين "إسرائيل" وحزب الله.
حظنا ينفد... وبينما تستعد إيران وحزب الله للانتقام، لا تستطيع إدارة بايدن صياغة استراتيجية لإدارة تصعيد التوترات التي تتجاوز التهديدات والآمال، حيث إن صواريخ حزب الله سوف تجبر نتنياهو عاجلاً أم آجلاً على شن حرب جديدة في إطار محاولته اليائسة للتشبث بالسلطة، إلا أن استراتيجية مهاجمة لبنان وهزيمة حزب الله لن تسير على ما يرام، لقد هزم حزب الله الهجوم الإسرائيلي عام 2006 وهو أقوى بكثير اليوم، علاوة على ذلك، فإن اتفاقية الدفاع الأمريكية الحالية، التي توفر ذخيرة غير محدودة بالإضافة إلى الطائرات والمدمرات الأمريكية لإطلاق الصواريخ وحماية "إسرائيل" وانتصار نتنياهو، لن تكون كافية.
إذا كان نتنياهو يريد في النهاية مهاجمة أهداف حزب الله، فمن الصعب أن نتخيل أن بايدن يقول له "لا" بينما تومض صور الدبابات الإسرائيلية والمدن المحترقة عبر موجات الأثير، ومع ذلك، حتى مع المساعدات الأمريكية الضخمة، لا توجد طريقة واقعية لهزيمة حزب الله.
خلف كواليس هذه القرارات المتهورة، سوف تعاني القوات الأمريكية بينما تستمر في الموت والإصابة في القتال، ما الذي ماتوا من أجله؟ ومن الآمن أن نقول إنهم قاتلوا وماتوا دفاعًا عن "إسرائيل"، وأن وجودهم يمكّن من العدوان الجامح الذي يجعل الإسرائيليين أقل أمانًا يومًا بعد يوم، حيث إن أشجع الأمريكيين يقعون ضحية لأهواء السياسة الخارجية لأن قادتهم يفتقرون إلى الشجاعة اللازمة للوقوف في وجهها.
منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر يدور جدل نشط وضروري حول مدى مسؤولية الرئيس في حماية "إسرائيل"، وكذلك مسؤوليته في دعم الفلسطينيين، وعلى الرغم من ذلك، لم يكن هناك سوى القليل من المناقشات البناءة حول مسؤوليته عن حماية القوات الأمريكية في الصراع.
إن العديد من المنتقدين الذين دعوا إلى إجراء تحقيق في مقتل 13 من مشاة البحرية الأمريكية أثناء الانسحاب من أفغانستان، التزموا الصمت بشكل واضح بشأن الوفيات التي وقعت هذا العام في البرج 22 في الأردن، وعشرات الضحايا في أماكن أخرى.
ولا يزال الأمر متروكاً للرئيس بايدن، وليس للرئيس المقبل، لأننا لا نستطيع اللعب بالنار لمدة 6 أشهر أخرى بينما ننتظر خليفته لتهدئة الصراع المتصاعد، وينبغي على بايدن الضغط على نتنياهو لقبول وقف إطلاق النار من خلال اللعب بورقة الدعم العسكري، إذا لم يكن الأمر كذلك، فهل هي ملتزمة بتوضيح السبب الذي يجعل إرسال قوات أمريكية لدعم "إسرائيل" يمثل استراتيجية أكثر نجاحاً لخفض التصعيد؟
أخيرًا، يجب أن يكون بايدن واضحًا بشأن المخاطر التي يتعرض لها الأفراد الأمريكيون، ولماذا هي مبررة، بما في ذلك الاستخدام المستمر للقواعد الصغيرة والضعيفة، وكيف تساهم هذه المخاطر في أمن الشعب الأمريكي، وحتى لو أصر بايدن على الاستمرار في تسليح "إسرائيل"، فلا يزال يتعين عليه الالتزام مسبقاً بعدم مهاجمة لبنان أو إيران، حتى يعرف نتنياهو أنه لا يستطيع جر القوات الأمريكية إلى الحرب التالية التي يختارها.