الوقت- منذ بدأ العدوان على غزة كان استهداف المنظومة الصحية هدف أساسي لآلة التدمير الصهيونية، فلم تقتصر أدوات الاحتلال في حربه على الهجوم المباشر و استهداف و قتل الأطقم الطبية و اعتقالهم إذ طالت يد غدرره الحجر و البشر فعمل على حصار المستشفيات و إخلائها و منع وتدميرها و منع وصول الإمدادات و المسلتلزمات الطبية الضرورية و ركز على منع إمدادات الوقود و الماء و الغذاء و الكهرباء إليها و تدمير الطرق التي تؤدي إليها لمنع إسعاف الجرحى
فيما لم تتوقف منذ بدأ هذا العدوان الغاشم دعوات وتحذيرات المنظمات الأممية و الإنسانية من خطر انهيار المنظومة الصحية و تبعاتها في قطاع غزة إلا أن كيان الاحتلال النازي مدعوماً من الغرب يضرب بعرض الحائط هذه الدعوات مستمراً في سياسة الإبادة الجماعية دون رادع.
تحذيرات منظمة الصحة العالمية
بعد أن أخرج الاحتلال الإسرائيلي 34 مستشفى من أصل 36 بشكل كامل عن الخدمة بفعل الاستهداف المباشر للمنظومة الصحية من خلال خطة منهجية لإخراج كامل المنظومة الصحية من الخدمة كليا في قطاع غزة، أكدت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، مارجريت هاريس، أن كثيراً من المستشفيات الميدانية في قطاع غزة غير قادرة على العمل.
أكدت هاريس أإن الطواقم الطبية تتحرك بصعوبة بالغة في غزة جراء القصف وتتعرض لمخاطر جمة.
و في إضارة إلى أن المنظمة تعمل وسط ظروف بالغة الصعوبة في قطاع غزة، وما تواجهه من عنف يصعّب عليها من تأدية مهمتها. قالت هاريس: “لدينا 20 فريقًا فقط للطوارئ من المتطوعين حول العالم يعملون في غزة، وهذا العدد غير كافٍ في ظل الظروف التي يعيشها القطاع”.
وشددت على أن المنظومة الصحية تواجه ظروفاً غير مسبوقة في قطاع غزة، وتؤثر على العاملين في القطاع الصحي، كما تتأثر الفرق الطبية بشكل بالغ جراء الاستهداف والقصف في أمكان إسعاف المدنيين، ما يتطلب جهوداً مضنية في ظل هذه الضغوط.
وأشارت إلى أن 3 مستشفيات فقط تعمل بشكل جزئي في القطاع، وهي بحاجة إلى المزيد من الأكسجين والمستلزمات الطبية لتواصل عملها؛ من أجل إسعاف الحالات الأكثر خطورة.
وكانت تحذيرات منظمة "أوكسفام" الدولية، من خطر انتشار الأوبئة في قطاع غزة بفعل الهجمات الإسرائيلية التي دمرت البنية التحتية الحيوية والمرافق الصحية لم تلقى أي أذان صاغية وسبق أن حذرت وكالة غوث وتشعيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" من انتشار الأمراض والأوبئة في قطاع غزة بسبب تراكم النفايات، لا سيما مع ارتفاع درجات الحرارة وحلول فصل الصيف.
وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" من عواقب وخيمة على الحوامل والأطفال وحديثي الولادة خلال العدوان، من حيث تضاؤل فرص حصول من نجا منهم على الخدمات الصحية.
كل ذلك لم يحرك شيء لدى الغرب و الولايات المتحدة الأمريكية للضغط على كيان الاحتلال الصهيوني و تحييد المنظومة الطبية في الحد الأدنى عن عدوانه و تقييد وصول المستلزمات الطبية والإنسانية أليها.
محاولات إنقاذ
بعد خروج 34 مستشفى بشكل كامل عن الخدمة و اقتصار المنظومة الصحية على 3 مستشفيات بشكل جزئي بسبب تدني أدنى مقومات العلاج أصبح دخول الوقود لتجهيز الأقسام لإنقاذ الأطفال هو أقصى أمنيات رئيس قسم الأطفال بمجمع ناصر الطبي بخان يونس، ويقول الدكتور أحمد الفرّا: اضطررنا إلى اتباع نظام التفضيل بين الأقسام، فقمنا بقطع الكهرباء عن حوالي 80 إلى 90 في المئة من الأقسام، واحتفظنا بالكمية المتبقية لأقسام العناية السريرية. الآن، معظم أقسام المجمع تفتقر للكهرباء.
وعندما تتجول في أقسام المستشفيات، تشتم الروائح الكريهة لعدم دخول مواد التنظيف والمطهرات الطبية اللازمة وهو ما يعاني منه آلاف النازحين في الخيام وهذا ما يضاعف الأمراض الجلدية
أكذوبة مكشوفة
المنظومة الصحية الفلسطينية كانت هدفًا أساسيًا لآلة الحرب الإسرائيلية الى جانب تدمير البنى التحتية والمرافق والمؤسسات الخدمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والدينية بما فيها مؤسسات الأمم المتحدة، كوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا".
وفي المقابل، كان الاحتلال يختلق ما يبرر حربه على المستشفيات والمراكز الصحية والأطقم الطبية والمسعفين، وحتى المرضى والمرافقين لهم، والنازحين المقيمين في المؤسسات الصحية، بقطاع غزة.
و منذ بدء العدوان على الشعب الفلسطيني اختلقت إسرائيل الأكاذيب وحاولت أن تنسب القصف والتدمير اللذين يستهدفان المستشفيات تارة إلى فصائل فلسطينية، كما حدث بعد قصف مستشفى الأهلي العربي "المعمداني"، في 17 تشرين الثاني/ أكتوبر 2023، وتارة أخرى، كان الاحتلال يزعم أن حصار واقتحام مستشفيات كمجمع الشفاء والمستشفى الإندونيسي، ناجمان عن استخدامها من طرف حركات فلسطينية لأغراض عسكرية أو لوجود أنفاق أسفلها، لكنها لم تنجح في إقناع الرأي العام العالمي، ولا حتى بعض وسائل الإعلام الغربي، التي عادة ما كانت تتبنى الرواية الإسرائيلية .
ولذلك ركز الاحتلال على حصار المستشفيات والمراكز الصحية، ثم تخريب المرافق والأقسام وقتل المرضى والطواقم الطبية والنازحين الذين لجأوا إلى المستشفيات حماية لأنفسهم، ثم القصف الممنهج لهذه المستشفيات والمراكز الصحية وتفجير بعضها بصورة متعمدة وإستراتيجية وليست عشوائية، دون الأخذ بأي اعتبار للقوانين الدولية والإنسانية التي تضمن الحماية لهذه المرافق.
تاريخ من الاستهدافات الإسرائيلية
في كثير من المناسبات كانت مستشفيات القطاع هدفا للاعتداءات الإسرائيلية، فقد تم قصف المستشفى الأهلي العربي المعروف بـمستشفى المعمداني عام 1989، وارتكب فيه الاحتلال مجزرة أيضا يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023. كما اقتحمت القوات الإسرائيلية مستشفى ناصر في خان يونس وقبضت على عشرات الجرحى وحطمت معدات المستشفى في فبراير/شباط 1990.
ويوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 اقتحم الجيش الإسرائيلي مستشفى الشفاء في غزة وسيطر على بعض مبانيه، وقصف محيطه وأجزاء منه. كما استهدف الاحتلال في الشهر نفسه مستشفى القدس ومستشفى النصر للأطفال ومستشفى العيون في غزة، وقصف مستشفى الرنتيسي التخصصي للأطفال والمستشفى الإندونيسي.
بطبيعة الحال، يعاني القطاع الصحي في قطاع غزة، من تدني كفاءة المنشآت الصحية، بسبب مجموعة من القيود والإجراءات يضعها الحصار الإسرائيلي منذ عام 2007، ومن مظاهرها: انقطاع الكهرباء ونفاد الوقود على نحو مستمر، حيث يؤدي ذلك إلى تعطيل العديد من الأجهزة الطبية. إلى جانب الننقص الحاد في الأجهزة الطبية، ومنها الأجهزة الخاصة بالتصوير والتشخيص الطبي، التي تمنع سلطات الاحتلال دخولها، إلا بتصاريح خاصة تمتد إلى ما يقارب العام. وتعيق هذه القيود أيضا استيراد المستلزمات الطبية الأساسية، مثل الأدوية والمعدات الطبية، والمواد الطبية اللازمة مثل "غاز النيتروز" الذي يستخدم لأغراض التخدير. بالإضافة إلى القيود المفروضة على حرية حركة وتنقل المرضى ممن هم بحاجة ماسة للعلاج خارج قطاع غزة، وسياسة تخفيض أعداد التحويلات الطبية للمرضى.