الوقت - انه ليس من المبالغة ولا من التندر إن قلنا أن ما حدث في مجدل شمس في الجولان السوري المحتل ليس مستغربا فهو يأتي في سياق التصعيد المتسع في المنطقة، وهو أمر متوقع لناحية بحث كيان الاحتلال عن مكان حدث ما يكون المفجر في التصعيد ربما الأعلى والأخطر ولاسيما مع جبهة جنوب لبنان.
وفي محاولة منه لتضليل أبناء الشعب السوري في مجدل شمس قام وفد من وزراء حكومة الاحتلال ومعهم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بزيارة تلك القرية بحجة مشاركة أهالي الشهداء مراسم تشييع أبنائهم إضافة إلى قيام نتنياهو بنشر رسالة عبر منصة اكس يعبر فيها عن مدى حزنه لما حدث في مجدل شمس محملا المقاومة الإسلامية في لبنان مسؤولية ما حدث إلا أن كل هذا لم ينطل على السوريين في مجدل شمس ورفضوا استقبال نتنياهو ووزراء حكومته.
وحسب فيديو منتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي فإن الأهالي طردوا نتنياهو وصرخوا في وجهه بعبارات "لا مرحبا بك" و"اذهب من هنا حسب ما ذكره موقع "روسيا اليوم".
وبشكلٍ سريع غادر نتنياهو البلدة، فيما قال عددٌ من أهالي مجدل شمس لوسائل إعلام مختلفة أنّ الزيارة لم تستمر سوى نحو ربع ساعة، وسط ضجيج وتنديد وغضب كبير من قبل الشارع الذي لم يُرحّب برئيس حكومة الاحتلال.
وجاء في رد الحكومة السورية على احتجاج أبناء هذا البلد في الجولان المحتل على تواجد رئيس وزراء كيان الاحتلال الإسرائيلي في هذه المنطقة، بأنها وصفت هذا العمل بالبطولي والمشرف ورحب به.
وقالت الحكومة السورية إن هذا الفعل الذي قام به الشعب السوري في الجولان المحتل ضد من يستبيح دماء المواطنين السوريين أمر يستحق الثناء، كما أدانت الحكومة السورية تصرفات بنيامين نتنياهو الذي يرتكب الجرائم والقتل بحق الشعب الصربي خلال زيارته للجولان المحتل التابع لهذا البلد واعتبرتها وقحة.
كما أكدت الحكومة السورية أن هذا الموقف من شعب الجولان المحتل يظهر بوضوح أن الجولان هو الأرض السورية المحتلة وهو دائمًا جزء عزيز ومهم بالنسبة لمواطني سوريا.
وأكدت وزارة الخارجية السورية أن شعبنا في الجولان السوري المحتل، الذي رفض على مدى عقود من الاحتلال الإسرائيلي أن يتنازل عن هويته العربية السورية، لن تنطلي عليه أكاذيب الاحتلال واتهاماته الباطلة للمقاومة الوطنية اللبنانية بأنها هي التي قصفت مجدل شمس، ولا سيما أن أهلنا في الجولان السوري كانوا وما زالوا وسيبقون جزءاً أصيلاً من مقاومة المحتل ومقاومة سياساته العدوانية التي تستبيح الأرض والهوية.
على أن الأخطر من التصعيد المذكور هو ما يلعب عليه كيان الاحتلال في حادثة مجدل شمس وطريقة تعاطيه مع الحدث والتسويق له وتقديم مسميات طائفية لإثارة الفتن والانقسامات، وهي محاولة فجة ومفضوحة لتثبيت مشروعه الاحتلالي /الجغرافي والديموغرافي/ التفتيتي التقسيمي، وتمريره عبر افتعال الحادثة و«ضرورة الرد عليها»، وبالتالي سلخ الجولان المحتل عن حقيقته السورية والجغرافية.
إلّا أن حسابات الكيان دائماً ما تؤدي إلى نتائج خاسرة وفاشلة، ومهما ساق من مزاعم وذرائع فلا يستطيع طمس الحقائق، فالجولان سوري ومواطنوه سوريون يقبعون تحت نير الاحتلال، وبالتالي ضحايا الاعتداء الإسرائيلي أمس على مجدل شمس هم شهداء سورية انضموا إلى قوافل الشهداء الذين سبقوهم في معركة الصراع مع العدو الإسرائيلي مهما اختلف شكل هذا الصراع، وبالتالي مهما طال الزمن فإن الجولان يبقى عربياً سورياً محتلاً وتحريره في صلب العقيدة الاستراتيجية السورية.
لن يقع في الفخ
وكان لافتاً أن ردود الفعل على حادثة مجدل شمس تصب في سياق التحذير من الفتنة والتقسيم والانجرار خلفهما، ما يدل على التنبّه السريع لما يرمي له العدو وعدم الالتفات للمزاعم التي يسوقها.
وفي سياق متصل أكد رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني، طلال أرسلان، أنّ ما حدث في مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، ما هو إلا محاولة خسيسة وفاشلة من الاحتلال الإسرائيلي لسلخ الجولان عن طبيعته الجغرافية وامتداداته العائلية، مشدداً على أنّ الجولان المحتل كان ولا يزال يرفض التواطؤ على هويته السورية العربية، وأنّه عمق مقاومتنا وجزء لا يتجزأ من الأراضي المحتلة التي لن تعود إلى كنفها الطبيعي إلا بالصمود والمقاومة.
كما أكد أنّ ضريبة الدم يدفعها أهلنا في الجولان منذ 52 سنة بسبب الاحتلال الإسرائيلي، وأن الجولان المحتل لن يقع في فخ مشروع "إسرائيل" للتظاهر بـ«حماية الأقليات»، فالمشروع الإسرائيلي يركز دائماً على تحويل المذاهب إلى قوميات وهذا ما نرفضه تماماً، مشيراً إلى أنّ الاحتلال لا يهدف من خلال هذا المشروع إلا إلى تفتيت المنطقة إلى دويلات تحمي حدوده المزوّرة.
في حين أشار وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب إلى طلب لبنان من الولايات المتحدة حث «إسرائيل» على ضبط النفس في ظل التوتر في الآونة الأخيرة، محذراً من أن شن «إسرائيل» أي هجوم كبير على لبنان سيؤدي إلى حرب إقليمية، في حين أكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة في البرلمان اللبناني محمد رعد أن نهاية الكيان ستكون في ذهابه إلى خيار شن حرب واسعة ضد لبنان.
يذكر أن القرية وهي واحدة من خمس قُرى احتلتها "إسرائيل" عام 1967، ويرفض أهلها السوريون الجنسيةَ الإسرائيلية، صمدت لعقود وهي تحاول الحفاظ على امتدادها العربي السوري، ورفض أهلها الاندماج في المجتمع الإسرائيلي.
فبعد احتلال الهضبة السورية وسيطرة الاحتلال الإسرائيلي على حوالي 80% من مساحتها وتهجير سكانها، تبقى منهم 6000 سوري فقط، مجمعين في الطرف الشمالي الغربي للهضبة.
ومنذ اندلاع الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة في ال 7 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يتبادل حزب الله اللبناني والاحتلال الإسرائيلي القصف بشكل شبه يومي عبر الحدود بين البلدين.