الوقت – كشف موقع "The Intercept" التحليلي الأمريكي، في تقرير له (23 مايو/أيار)، أن صانع برنامج التجسس "بيغاسوس" سيئ السمعة والمحظور، مع إحياء علامته التجارية وشخصيته، يعدّ الآن أحد القادة الرئيسيين في مجال الذكاء الاصطناعي الصهيوني.
ويقال إن هذا الشخص وإمکاناته في التجسس والتنصت، في خدمة أجهزة التجسس والإنترنت الصهيونية بالكامل، بما في ذلك الموساد والوحدة 8200، ويلعب دورًا رئيسيًا في عمليات الاغتيال الذكي للفلسطينيين في قطاع غزة.
بعد أن تم وضع برنامج التجسس الإسرائيلي "بيغاسوس" على القائمة السوداء الدولية، تعهد رئيسها التنفيذي بالتنحي عن أي أنشطة متعلقة ببرامج التجسس، والآن هو ملك الذكاء الاصطناعي في الکيان الإسرائيلي.
يقوم شاليف هوليو (Shalev Hulio) بإعادة بناء صورته، ولكنه لا يزال منخرطًا في شبكة من مشاريع الأمن السيبراني مع زملائه القدامى من مجموعة NSO.
لقد عمل هوليو، الذي أُطلق عليه ذات يوم لقب "الولد الشرير السيبراني" في "إسرائيل"، جاهداً لإعادة بناء نفسه، وكل المظاهر تشير إلى نجاحه الكبير في هذا المجال.
بدت الأمور سيئةً قبل بضع سنوات عندما تعرضت شركته، شركة NSO Group الإسرائيلية لفضيحة، حيث تم الكشف عن برنامج التجسس بيغاسوس الخاص بالشركة، باعتباره احتمالًا قويًا لانتهاكات حقوق الإنسان، وفي نهاية المطاف، أدرجت حكومة الولايات المتحدة شركة NSO على القائمة السوداء، وفي أغسطس 2022، استقال هوليو من منصب الرئيس التنفيذي.
ومع ذلك، في العامين الماضيين، شارك هوليو في شبكة من مشاريع الأمن السيبراني الجديدة، والآن يبدو أنه عاد، وأفضل من أي وقت مضى.
في نوفمبر/تشرين الثاني، أعلن هوليو، في مقطع فيديو تم تصويره في قطاع غزة، عن شركته الناشئة الجديدة، Dream Security، وهي شركة ذكاء اصطناعي تركز على الدفاع عن البنية التحتية الحيوية.
وفي أبريل/نيسان، قام المؤسس المشارك لشركة IntelEye - وهي شركة تراقب "الويب المظلم" - بتعيين زميله السابق في NSO، أي هوليو، كمستثمر، وفقًا لأكبر صحيفة في الکيان الإسرائيلي، (وقال مسؤول آخر في شركة IntelEye لاحقًا لموقع ذا إنترسبت، إن هوليو لم يكن مساهمًا، لكنه رفض الخوض في التفاصيل).
حالياً، ينقل هوليو ريادة أعماله في مجال الأمن السيبراني إلى ساحة جديدة وهي المجال الأكاديمي، حيث أعلن هذا الشهر عن إنشاء معهد (Institute)، وهو مبادرة جديدة في جامعة بن غوريون في النقب بالکيان الإسرائيلي، والذي يهدف إلى أن يصبح مركزًا إسرائيليًا للتدريب والأبحاث في مجال الذكاء الاصطناعي.
وصف هوليو مسيرته المهنية بعد شركة NSO، بأنه ابتعد عن أعمال الأمن السيبراني "العدوانية"، وعندما أطلق " Dream" قال للصحافة: "لقد قررنا ترك الجانب الاستخباراتي، أو "الجانب الهجومي" إذا كنتم تفضّلون ذلك، والانتقال إلى الجانب الدفاعي".
يعدّ تولي رئاسة المعهد، أحدث خطوة في تحول هوليو من شرير عام إلى بطل إلكتروني يقود التعليم الفني لبلد، وفي حفل إطلاق المعهد الذي أثار الكثير من الجدل، تقاسم المسرح مع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ.
الشركات التي شارك فيها هوليو - التأسيس أو القيادة أو الإطلاق أو الاستثمار فيها - لديها فريق ثابت من الأشخاص المشاركين الذين يتناوبون بين الشركات، من NSO إلى Dream إلى IntelEye، هناك مهام مختلفة ومتداخلة في بعض الأحيان، ولكن هناك شيء واحد ثابت وهو أن جميعها تدعم الحكومة الإسرائيلية في جهودها الحربية.
وتفاخر هوليو في تشرين الثاني/نوفمبر بأن برنامج بيغاسوس التابع لشركة NSO، كان يستخدم لتعقب الرهائن الإسرائيليين، ما يؤكد تقرير تشرين الأول/أكتوبر، وفي الوقت نفسه، أعلن هوليو عن إنشاء شركة "دريم" بعد شهر من هجوم حماس على حدود غزة، لإظهار مقاومة "إسرائيل" ومساعدة الحكومة.
وقال زيو هابا، عضو NSO المخضرم والمؤسس المشارك لشركة IntelEye، لصحيفة "إسرائيل هيوم" بعد أن عثرت شركته على الأخوين الفلسطينيين مصطفى ومحمد عياش: "نحن نواصل المراقبة والبحث عن العناصر الإرهابية التي يمكن أن تهدّد دولة إسرائيل... المراقبة قريبة جدًا، أقرب مما تتخيلون".
"معهد" لتنفيذ اغتيالات
لقد ترافق إنشاء "المعهد" في جامعة بن غوريون مع حالة من الارتباك، ووصفت مقالة نشرت في صحيفة جيروزاليم بوست، المبادرة بأنها شراكة مع وحدة التجسس الإلكتروني التابعة لقوات الدفاع الإسرائيلية، والمعروفة باسم 8200.
إن مؤسسي NSO - بما في ذلك هوليو - والعديد من موظفيها هم من قدامى المحاربين في 8200، ومع ذلك، بعد أيام قليلة من نشر المقال الأصلي، تمت إزالة جميع الإشارات إلى 8200 دون سابق إنذار.
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي لموقع "ذا إنترسبت": "الجيش الإسرائيلي بشكل عام والوحدة 8200 بشكل خاص، لا يشاركان في البرنامج المذكور"، (قال المتحدث باسم جامعة بن غوريون، شموئيل دورات، إن المؤسسة لم تكن على اتصال بصحيفة جيروزاليم بوست بعد النشر الأولي، لكنه قال: "أنا سعيد لأنهم غيروا تلك المقالة بسبب المعلومات المضللة").
ووفقًا لبيان صحفي، يجمع المعهد بين رواد الذكاء الاصطناعي ويدير برامج تعليمية وبحثية، وهوليو وموظفو Dream الآخرون من بين المنظمين، وحسب تقرير نشره أحد المواقع البريطانية المتخصصة في أخبار التكنولوجيا، في العام المقبل ستعمل مختبرات الأبحاث التابعة للمعهد، على تعزيز يد "إسرائيل" في عالم التكنولوجيا، من خلال التعاون مع اللاعبين في جميع أنحاء الصناعة.
وقد ادعت سيفان كوهين سابان، الصحفية الإسرائيلية التي تشغل منصب الرئيس التنفيذي لهذا المعهد، في حفل إطلاقه في ال 8 من مايو: "من خلال العمل الجاد المدفوع بالحب والالتزام تجاه دولة إسرائيل، قمنا ببناء فريق من أفضل رجال الأعمال والمستثمرين والشركات الرائدة في العالم، لمساعدة إسرائيل على أن تصبح رائدةً عالميًا في مجال الذكاء الاصطناعي".
وحسب التغطية الإعلامية للحفل، فقد حضر حفل إزاحة الستار عن الجهاز، مسؤولون من شركات عالمية مثل مايكروسوفت وجنرال موتورز، بالإضافة إلى سياسيين إسرائيليين رفيعي المستوى مثل الرئيس هرتسوغ، (قال متحدث باسم جنرال موتورز لموقع The Intercept إنهم لا يستطيعون تأكيد وجود ممثلين عن الشركة).
وقال هرتسوغ إن المعهد سيساعد في مكافحة عزلة "إسرائيل" وسط حرب غزة، وصرّح في تصريحات نُشرت لاحقًا في مقطع فيديو ترويجي على موقع يوتيوب: "التاريخ يُصنع هنا اليوم، هناك دول تريد قطع العلاقات معنا، وهم لا يفعلون ذلك بسببكم فقط".
وقال المتحدث باسم DREAM، تال ويشسلر، لـ ذا إنترسبت: "تفتخر DREAM بكونها في طليعة تقنيات الذكاء الاصطناعي، وبالمساهمة في المعهد".
يتم تنفيذ التدريب والبرامج الأخرى التي يقدّمها المعهد، من قبل موظفي شركة Dream Security، وغيرها من شركات التكنولوجيا الإسرائيلية الرائدة، وكان من بينهم تومر سيمون وألون هايموفيتش، كبير العلماء والمدير العام لشركة مايكروسوفت في الکيان الإسرائيلي، وناتي أمستردام، أحد كبار المديرين في شركة Nvidia، عملاق عالم الذكاء الاصطناعي ومقرها كاليفورنيا.
وربطت الرئيسة التنفيذية سابان، مثل السياسيين الذين حضروا حفل افتتاح المعهد، بين إنشاء المعهد وهجوم ال 7 من أكتوبر على "إسرائيل"، وقالت في منشور على موقع إکس: "إلى جانب الاهتمام بجنودنا ومختطفينا وعائلاتنا المكلومة وحالة البلاد، قررنا القيام بذلك".
"الويب العميق والمظلم"
لم يكن هوليو هو المخضرم الوحيد في NSO الذي أطلق المعهد، حيث إن حابا، المؤسس المشارك لشركة IntelEye، وهي الشركة التي تدعي أنها تبحث في أعماق الويب المظلم، حاضر أيضًا، و ظهر حابا إلى جانب هوليو لمناقشة الهجمات الإلكترونية للذكاء الاصطناعي، وفقًا لملف تعريف شركته على "لينكد إن".
عمل هوليو وحابا معًا في NSO حتى أغسطس 2022، عندما تنحى هوليو، ووفقًا لمنشورات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالحدث الذي حضره، كان حابا يعمل على شركة IntelEye الناشئة، بينما كان لا يزال في NSO.
لقد تصدرت مشاركة IntelEye في العمليات الاستخباراتية الحربية للکيان الإسرائيلي عناوين الأخبار، وأفادت وسائل إعلام محلية عن الإزالة الإلكترونية لمصطفى ومحمد عياش، وهما شقيقان فلسطينيان يُزعم أنهما يديران قناة غزة على التلغرام، ووفقًا لإسرائيل هيوم، أدى عمل IntelEye إلى "جهود منسقة عبر القارات من قبل الوكالات الحكومية" لإغلاق القناة.
وقال سيليك، في رسائل البريد الإلكتروني التي أرسلها إلى ذا إنترسبت: إن IntelEye تعمل على "مساعدة قوات الشرطة ووكالات إنفاذ القانون في إسرائيل وحول العالم"، وقال إن الشركة "ساعدت أجهزة إنفاذ القانون في العثور على مشغلي قناة تلغرام التابعة لحماس، أي غزة الآن".
لقد نمت قناة "غزة الآن"، التي وصفها مختبر الأبحاث القانونية الرقمية التابع للمجلس الأطلسي، بأنها "متحالفة مع حماس"، من 340 ألف مشترك بعد ال 7 من أكتوبر/تشرين الأول، إلى ما يقرب من 1.9 مليون مشترك، واتهمت وزارة الخزانة الأمريكية القناة ومؤسسيها بجمع مساعدات مالية لحركة حماس، وفرضت عقوبات عليهم.
وفي "إسرائيل هيوم"، ادعى مسؤولو IntelEye أنهم كشفوا هوية قادة القناة، الأخوين عياش، وتتبعوهما إلى النمسا وغزة، وفي النهاية، تم استجواب مصطفى من قبل الشرطة النمساوية، وقتل محمد في قطاع غزة.
