الوقت - لا تزال زراعة الخشخاش قضية مثيرة للجدل في أفغانستان، على الرغم من حقيقة أن طالبان ظلت في السلطة في أفغانستان طوال السنوات الثلاث الماضية، إلا أنه لا يزال يبدو أن مكافحة زراعة الخشخاش تشكل تحدياً خطيراً للحكومة التي تتخذ من كابول مقراً لها، ومنذ عودتها إلى السلطة في عام 2021، وعدت حركة طالبان بإنهاء زراعة الخشخاش وإنتاج المخدرات في أفغانستان، كما حظرت حكومة الإمارة الإسلامية زراعة نبات الخشخاش، الذي ينتج منه الأفيون والهيروين بعد عام، في أبريل 2022، ولكن يبدو الآن أن المزارعين الأفغان مستعدون لزراعة الخشخاش مرة أخرى.
ووفقا لتقارير الأمم المتحدة، قبل استيلاء طالبان على السلطة، كانت أفغانستان أكبر مصدر للأفيون في العالم، وربما إذا عاد المزارعون إلى زراعة الخشخاش، ستصبح أفغانستان مرة أخرى أكبر منتج للمخدرات في العالم.
التوزيع الجغرافي لزراعة الخشخاش
تظهر الإحصاءات الرسمية لحكومة طالبان أنه على الرغم من الحظر المفروض على زراعة الخشخاش، فقد قام الناس هذا العام بزراعة الخشخاش في 28 من أصل 34 مقاطعة في أفغانستان.
وفي شرق أفغانستان، تم إدراج ننكرهار ولغمان وكونار ونورستان في قائمة المقاطعات التي زرع فيها الناس الخشخاش هذا العام، وقد أعلنت حكومة طالبان تدمير الحقول في هذه المقاطعات.
وفي غرب أفغانستان، تعد هيرات وفرح وبادغيس وغور من بين المقاطعات التي تزرع فيها الخشخاش.
كما أن غزنة وباميان ودايكوندي في المناطق الوسطى مدرجة أيضًا في قائمة المقاطعات التي شهدت زراعة الخشخاش وتدمير الحقول في الشهر الماضي.
كما أعلنت إدارة مكافحة المخدرات التابعة لحكومة طالبان عن تدمير حقول الخشخاش في باروان وكابيسا وبنجشير بالقرب من العاصمة كابول.
ولكن في جنوب شرق أفغانستان، تعد خوست المقاطعة الوحيدة التي تم الإبلاغ فيها عن زراعة الخشخاش وتدمير الحقول.
وفي العاصمة كابول، تم تضمين منطقة ساروبي فقط في هذه القائمة، حيث تم تدمير أكثر من 66 ألف متر مكعب من حقول الخشخاش، وفقًا لإحصائيات إدارة مكافحة المخدرات.
وسبق لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أن قال في تقريره إن زراعة الخشخاش في أفغانستان تحت سيطرة حكومة طالبان انخفضت بنسبة 95 بالمئة، وحسب هذا التقرير، ستصل مساحة زراعة الخشخاش في عموم أفغانستان عام 2023 إلى عشرة آلاف وثمانمئة هكتار، في حين كان هذا الرقم أكثر من 232 ألف هكتار العام الماضي.
تأثير تغير المناخ على زراعة الخشخاش
يبدو أن أحد أسباب تجدد رغبة المزارعين الأفغان في إعادة زراعة الخشخاش يرتبط بتغير المناخ.
ارتفاع درجة حرارة الهواء: في حين ارتفع متوسط درجة الحرارة السنوية في أفغانستان بمقدار 3.2 درجات فهرنهايت خلال نصف القرن الماضي، أي ضعف المتوسط العالمي، فقد ارتفع هذا التغير إلى 4.3 درجات فهرنهايت في جنوب أفغانستان، وهذه الزيادة في درجات الحرارة تحت تأثير تغير المناخ ضارة للغاية بأفغانستان، وقد أكدت السلطات الأفغانية هذه الزيادة السنوية في درجات الحرارة في حديث مع رويترز.
تملح التربة: مع ارتفاع درجة الحرارة في أفغانستان، والتي تزيد عدة مرات عن المتوسط العالمي، انخفضت أيضاً جودة التربة في هذا البلد بشكل كبير، وتشير التقارير إلى زيادة ملوحة التربة، وفي هذه الحالة لا تتوافق الزراعة بشكل كبير مع محاصيل مثل القمح والقطن.
انخفاض منسوب المياه: خلال السنوات القليلة الماضية، انخفض منسوب المياه الجوفية في حوض نهر هيرماند بحوالي 8.5 أقدام بين عامي 2003 و2021، وتتنبأ العديد من النماذج المناخية بتدهور الأحوال الجوية في أفغانستان في العقود المقبلة، وفي هذه الحالة، ومع انخفاض الموارد المائية، ستزداد أيضاً الرغبة في زراعة الخشخاش، لأن نبات الخشخاش يحتاج إلى كمية أقل من المياه مقارنة بالمنتجات الزراعية الأخرى.
تغيير أنماط الزراعة: حسب صحيفة واشنطن بوست، بدأت الحكومة السابقة المدعومة من الولايات المتحدة، في مزرعة تجريبية في قندهار، بزراعة أشجار الرمان ذات الجذور العميقة ضد الحرارة، ويزرع حاليا حوالي 80 نوعا من الرمان، لكن حسب المزارعين، فإن الجهود المبذولة من أجل الإثمار السليم والاقتصادي لهذا النوع من أشجار الرمان لم تكن ناجحة حتى الآن، ومنتجاتهم ليست اقتصادية، وقال مسؤول الري المحلي في قندهار لصحيفة واشنطن بوست: إنه مع تفاقم الجفاف في السنوات الماضية، جفت أشجار الخوخ من الداخل واضطر المزارعون إلى قطعها، كما ضعفت الكروم أيضا بسبب حروق الشمس، وقال الحاج وزير، وهو مزارع يبلغ من العمر 55 عاماً، لرويترز: "عندما زرعت الخشخاش، كان الربح أعلى خمس مرات من المحاصيل الزراعية الأخرى وكانت زراعته أسهل بكثير، لكن الآن لا يوجد ربح".
الهروب من الفقر
ومع الحظر المفروض على زراعة الخشخاش، انقطعت سبل عيش مئات الآلاف من الأشخاص، وحسب تقديرات الحكومة، كان حوالي مليوني شخص يعملون في زراعة وإنتاج الأفيون. ولا توجد حاليا آفاق إيجابية لتوظيف هؤلاء الأشخاص في قطاعات أخرى، فالزراعة في أفغانستان تقليدية وليس لديها القدرة على استيعاب هذا العدد، أما صناعياً، فإن هذا البلد يفتقر إلى الهياكل اللازمة لخلق الفرص للعاطلين عن العمل، ولذلك، فإن ارتفاع معدلات البطالة والفقر في أفغانستان أدى إلى موجة جديدة من الرغبة في زراعة الخشخاش مرة أخرى.
كما حذّر "شمس الرحمن موسى"، أحد كبار مسؤولي إدارة الزراعة في ولاية قندهار، حكومة طالبان من أنه إذا لم يتمكن المزارعون من تغطية نفقاتهم، فسوف يتجهون إلى زراعة الخشخاش، ويتجلى انخفاض الدخل الزراعي بشكل خاص في جنوب أفغانستان، وتشمل المناطق الجنوبية من أفغانستان بشكل رئيسي المناطق التي كان يزرع فيها حوالي ثلثي الخشخاش الأفغاني قبل الحظر.