الوقت- في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط على محكمة العدل الدولية لإصدار مذكرة اعتقال بحق المسؤولين السياسيين والعسكريين في الكيان الصهيوني على خلفية جرائمهم الوحشية ضد أهل غزة، كشف موقع "أكسيوس" الأمريكي، مساء الإثنين، أن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، واسمه على رأس قائمة المطلوبين لإصدار مذكرة اعتقال بحقه، طلب من الرئيس الأمريكي جو بايدن أن يفعل شيئاً لمنع صدور مذكرة اعتقال بحقه هو وغيره من كبار المسؤولين الإسرائيليين من قبل محكمة لاهاي.
محاولات نتنياهو للهروب من مذكرة الاعتقال
وذكر موقع "أكسيوس" أن طلب نتنياهو أثير خلال مكالمة هاتفية مع بايدن مساء الأحد، مؤكدا أن نتنياهو طلب من بايدن التوقف عن إصدار مذكرة اعتقال بحقه ومسؤولين إسرائيليين آخرين، بمن فيهم وزير الحرب يوآف غالانت ومقر الجيش هرتسي هاليفي.
كما أفاد هذا الموقع الأمريكي بأن أعضاء في الكونجرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي هددوا محكمة العدل الدولية في لاهاي من إصدار مذكرة اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين وأعلنوا أن مثل هذا الإجراء سيقابل برد من الولايات المتحدة.
وفي الوقت نفسه، أطلق الكيان الصهيوني حملة قضائية ودبلوماسية لمنع محكمة لاهاي من إصدار مذكرة اعتقال بحق مسؤولي هذا الكيان.
وقال خمسة مسؤولين صهاينة وأجانب كبار لم تذكر أسماؤهم لصحيفة نيويورك تايمز: إن المسؤولين الإسرائيليين يعتقدون بشكل متزايد أن محكمة لاهاي تستعد لإصدار أوامر اعتقال ضد مسؤولين سياسيين وعسكريين إسرائيليين كبار بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة.
كما أعلنت صحيفة "يسرائيل هوم" العبرية،الإثنين الماضي، في تقرير لها أن وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أمر سفارات وبعثات "إسرائيل" الدبلوماسية في الخارج بشن حملة احتجاجية واسعة النطاق ضد قرار محكمة لاهاي في حال صدور مذكرة اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين كبار.
الأوساط الصهيونية قلقة من احتمال فرض عقوبات شديدة على "إسرائيل"
بدورها أعلنت صحيفة هآرتس العبرية في تقرير لها الإثنين الماضي أن خبراء إسرائيليين في مجال القانون الدولي يحذرون من أن إصدار مذكرة اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين قد يصاحبه عقوبات خطيرة، بما في ذلك فرض حظر على تصدير الأسلحة والبضائع إلى "إسرائيل"، فضلاً عن العقوبات الاقتصادية الأخرى.
وأعلنت وسائل الإعلام الصهيونية أن وزارة العدل الإسرائيلية بذلت جهدا كبيرا لإقناع محكمة لاهاي بعدم إصدار مذكرة اعتقال بحق كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين في "إسرائيل"، وأن نتنياهو يجري اتصالات مع ممثلي عدة دول وقعت على الميثاق أمام محكمة لاهاي من أجل إقناع السلطات الإسرائيلية بإلغاء أو على الأقل تأجيل إصدار مذكرة الاعتقال، لكن ليس هناك ضمانة لنجاح هذه التحركات من قبل الأطراف الإسرائيلية.
حكومة نتنياهو هي المسؤولة عن هذا المأزق الذي تعيشه "إسرائيل"
وفي الوضع الذي أعلنت فيه محكمة لاهاي استعدادها لاتخاذ إجراءات ضد السلطات الإسرائيلية، أعلن خبراء صهاينة في مجال القانون الدولي أن حكومة نتنياهو والمؤسسات القضائية الإسرائيلية مسؤولة عن المأزق الذي تعيشه "إسرائيل" الآن.
وأكد هؤلاء الخبراء الصهاينة في حديث مع صحيفة هآرتس أن حكومة نتنياهو لم تتخذ أي إجراء للتعامل مع الوزراء والمسؤولين الذين ارتكبوا جرائم حرب، بالإضافة إلى ذلك، لم تلزم حكومة نتنياهو الجيش بالامتثال للقوانين الدولية في الحرب.
وقال "ميخائيل سفراد"، المحامي والمستشار القضائي الإسرائيلي في هذا الصدد: إن هناك أدلة على أن المؤسسات القضائية الإسرائيلية الرسمية أعطت الضوء الأخضر للجيش لبدء عملية القصف في غزة، والتي استشهد خلالها عدد كبير من المدنيين الفلسطينيين.
وأكد أن القضاء الإسرائيلي تجاهل الطلبات المتكررة لمختلف المنظمات لمنع ارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين، وهذا يعني أنه أصدر الإذن اللازم للسلطات بارتكاب جرائم حرب في غزة.
من ناحية أخرى، ذكر إلياب ليبليش، أستاذ القانون الدولي في جامعة تل أبيب، أن الحملة الاستفزازية التي شنها كبار المسؤولين الإسرائيليين ضد الشعب الفلسطيني بعد عملية الـ7 من أكتوبر لعبت دورا كبيرا في فقدان ثقة الدوائر الدولية، بما فيها المحكمة الدولية، في مؤسسات إسرائيلية قانونية وقضائية.
وذكر أن الدمار الهائل الذي أحدثه الجيش الإسرائيلي خلال الحرب على قطاع غزة، دفع المحاكم الدولية إلى استنتاج مفاده بأن "إسرائيل" تعمدت قتل المدنيين الفلسطينيين وطردهم من قطاع غزة وتجويع هؤلاء الأشخاص، والقيام بالإبادة الجماعية، لقد كان الأمر مخططاً لتدمير الفلسطينيين.
وفي إشارة إلى مقاطع الفيديو التي نشرها ضباط وجنود الجيش الصهيوني والتي توثق جرائمهم الوحشية ضد المدنيين الفلسطينيين، قال هذا الأستاذ والخبير الصهيوني: إن ما يزيد الوضع سوءاً هو أن قيادة الجيش لا تملك القدرة على ضبط سلوك جنودها وضباطها.
ماذا يعني إصدار مذكرة اعتقال بحق السلطات الصهيونية؟
كما قال روي شاندروف، الذي عمل سابقا نائبا للمدعي العام للكيان الصهيوني في مجال القانون الدولي، في السياق نفسه: إن مجرد قرار محكمة لاهاي بإصدار مذكرة اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين يعني أن هذه المحكمة لديها ما يكفي من الأدلة على جرائم حرب ارتكبها مسؤولون إسرائيليون.
من جهتها، قالت دورين لوستينج، أستاذة القانون في جامعة تل أبيب: إن استهداف الجيش الإسرائيلي لقوافل المساعدات الإنسانية، وخاصة قتل عمال الإغاثة من منظمة المطبخ المركزي العالمية، وجه ضربة كبيرة لـ"إسرائيل" وأظهر مدى فداحة الهزيمة التي لحقت بـ"إسرائيل" وكشفت الواقع الذي لا يطاق للأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.
وأعلنت صحيفة هآرتس أن "إسرائيل" ليست عضوا في محكمة لاهاي ولا تعترف بسلطتها، ويمكن لـ 123 من الموقعين على قانون روما الأساسي وأعضاء محكمة لاهاي تنفيذ مذكرة الاعتقال الصادرة عن السلطات الإسرائيلية، ولا يمكن استئناف مذكرة الاعتقال هذه في حال صدورها.
لكن بخصوص الموعد المحدد لصدور مذكرة اعتقال المسؤولين الإسرائيليين من محكمة العدل الدولية، أعلنت الأوساط الصهيونية أن مذكرة اعتقال المسؤولين الإسرائيليين ستصدر على الأرجح هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل، ومن بينهم نتنياهو وغالانت وهاليفي وهم أبرز من صدرت بحقهم مذكرات اعتقال.
وقال ماتان غوتمان، أستاذ القانون الدولي في جامعة رايخمان: إن إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو يعني أنه قبل السفر إلى أي من الدول الموقعة على قانون روما الأساسي، وعليه أن يأخذ في الاعتبار حقيقة أنه سيتم القبض عليه وتسليمه إلى لاهاي.
وأكد في تحليل نشره موقع صحيفة يديعوت أحرانوت العبرية، أنه في حال صدور مذكرة اعتقال بحق نتنياهو، فسيتم إدراج اسمه رسميا في قائمة الظالمين والمجرمين الذين صدر ضدهم هذا الأمر في وقت سابق.