الوقت- بالأمس، نفت حركة "حماس" الفلسطينية الأخبار المتداولة التي تناولت مطالبة دولة قطر لها بالمغادرة من الدوحة، مؤكدة بأن قطر لم تطلب منها الخروج، وأن ما يُتداول هو مجرد محاولات للضغط عليها، وأنه لا تجري مباحثات لنقل مقر الحركة من قطر إلى تركيا أو أي دولة أخرى، حيث ادعت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، يوم السبت، أن المكتب السياسي لحركة حماس يعتزم نقل مقره من العاصمة القطرية نتيجة للضغوط الأمريكية المكثفة على الدوحة، في ظل الحرب النفسية التي يقوم بها الاحتلال ضد المقاومة.
وسائل الإعلام العبرية زعمت أن لديها معلومات تفيد بأن قادة الحركة قاموا بالتواصل في الأيام الأخيرة مع بلد واحد على الأقل لبحث إمكانية نقل المكتب السياسي إليه، لكن الحديث عن أن دولة قطر طلبت من رئيس المكتب السياسي للحركة، خالد مشعل، مغادرة العاصمة القطرية خلال الشهر الجاري، ونقل مقر إقامته إلى دولة أخرى، لا يعدو عن كونه خبراً كاذباً، وكل ما تم الحديث عنه حول أن خالد مشعل قد قام بترتيبات لنقل مقر إقامته من قطر إلى تركيا، وتحديداً إلى مدينة إسطنبول، هو عار عن الصحة.
ومن جهة أخرى، كل ما جرى تداوله حول أن دولة قطر قررت وقف دعمها لحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، وذلك ضمن الجهود التي تُبذل من قبل دول الخليج لإعادة العلاقات الثنائية بين قطر ومصر، هي أخبار زائفة نفتها حماس رسمياً، وإن الشيء الصحيح الوحيد الذي ذُكر هو أنه من المقرر أن يقوم وفدٌ رفيع المستوى من قطر بزيارة مصر في مطلع الأسبوع المقبل، بهدف إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين بعد تدهورها منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي في مصر، ومن المقرر أن يتخلل الزيارة لقاء قمة يجمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالأمير تميم بن حمد، وتأتي هذه الجولة برعاية سعودية، وأفادت وسائل إعلام خليجية بأن الوفدين سيقومان بجولة بعد أن سبقتها لقاءات مكثفة بين الطرفين في وقت سابق بين شخصيات مسؤولة من الدولتين.
ويُشار إلى أنه حتى الآن، لم يعلق أي مصدر رسمي قطري على الأخبار المتداولة في مواقع الإنترنت حول طرد مشعل، ولا على نفي حركة حماس للخبر، وقبل أيام دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الفلسطينيين إلى "الوحدة" في مواجهة كيان الاحتلال، وذلك خلال اجتماعه مع رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في اسطنبول، وهذا الاجتماع أصبح مادة دسمة للصفحات الصفراء التي زعمت بأن "حماس" تبحث عن مقر جديد لها خارج قطر، علماً أنه ليس للحركة مقر رسمي في الدوحة، وإن إردوغان ناقش مع هنية جهود التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة وتوصيل المساعدات الإنسانية هناك خلال الاجتماع في إسطنبول.
ونشرت الرئاسة التركية صوراً لرئيس الدولة وهو يترأس الاجتماع، وبجانبه هنية وأعضاء الوفد المرافق له، ومن بينهم خالد مشعل، أحد أبرز قادة حماس، الذي عانقه إردوغان عند وصوله، كما حضر الاجتماع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ورئيس الاستخبارات إبراهيم كالين، حسبما أظهرت الصور، مع حديث تركيا أنه من الحيوي أن يتحرك الفلسطينيون موحدين في هذه العملية، الرد الأقوى على "إسرائيل" والطريق إلى النصر يتطلبان الوحدة والنزاهة، وبعد التوترات الأخيرة بين الكيان وإيران، أكد إردوغان أن ما حصل ينبغي ألا يشكل مكسباً لتل أبيب، ومن الأهمية بمكان التحرك في شكل يبقي الانتباه مصوباً على غزة.
وإن فحص السياقات السياسية والإعلامية المحيطة، يوضح أن هذه الأخبار هي جزء من سلسلة من التكتيكات الإعلامية التي تستخدمها تل أبيب وحلفاؤها لمصلحة أجندتهم السياسية والإستراتيجية في المنطقة، ويجب أن نلاحظ أن هذه الأخبار تأتي في سياق التوترات المتزايدة بين الكيان والمقاومة، وهو سياق يمكن أن يعزز الرغبة في استخدام الإعلام لنشر الخوف والتأثير على الرأي العام المحلي والعالمي.
أيضا، عزلة النظام الصهيوني في الفضاء الدولي تعتبر محفزاً مهماً للجوء إلى مثل هذه الأكاذيب، بعد سلسلة من القرارات الدولية والحملات الدولية المناهضة لسياسات كيان الاحتلال، يمكن أن يرى النظام الصهيوني في استخدام وسائل الإعلام النفسية فرصة للتأثير على الرأي العام وتغيير الحوار الدولي حول القضية الفلسطينية، وفيما يتعلق ببروز جرائم النظام الصهيوني، فإن الإعلام الإسرائيلي قد يرغب في تحويل انتباه الرأي العام عن هذه الجرائم عبر توجيه الضوء نحو قضايا مثل العلاقات بين قطر وحماس وغيرها من المواضيع المثيرة للجدل.
لذلك، يمكن تفسير هذه الأخبار على أنها جزء من حملة إعلامية تهدف إلى تحويل الانتباه والانتقادات عن كيان الاحتلال، وذلك بوصفها ضحية أو بوجهة نظر أخرى، وسيلة لتعزيز مكانتها المتزلزلة في المنطقة وفي العالم.