الوقت- حلقة جديدة من سلسلة الجرائم الصهيونية في غزة تكشفت في العثور على مقبرة جماعية لفلسطينيين في ساحة مجمع الشفاء أعلن عن اكتشافها المكتب الإعلامي الحكومي في غزة وكانت قوات الاحتلال الاسرائيلي قد دفنت الجثث التي أعدمتها في باحة مجمع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة خلال اقتحام المستشفى، وأظهرت صور الجثث أن أصحابها كانوا يرتدون ملابس داخلية فقط.
وتشير التوقعات وحجم الإجرام الصهيوني لوجود العديد من المقابر الجماعية التي ربما يتم الكشف عنها عند وقف العدوان أو انسحاب قواته، وبالعودة إلى التاريخ الحافل للكيان الصهيوني في صنع المقابر الجماعية فهذه القبور تتطلب تحقيقا فوريا من قبل منظمة دولية مستقلة، وفي ظل الأدلة الدامغة التي ظهرت فإن المسؤولية تقع على عاتق الجنائية الدولية.
وفي سياق متصل، كانت منظمات حقوقية دولية قد طالبت بفتح تحقيق دولي مستقل في معلومات عن استخدام جيش الاحتلال الجرافات لدفن مصابين فلسطينيين مدنيين أحياء في ساحة مستشفى كمال عدوان، في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة.
في الواقع ما عاد مجديًا أو مفيدًا أي جهد يبذل لرصد الجرائم التي ارتكبتها – وما زالت- قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة؛ لسبب رئيسي هو أننا بصدد حالة من الاستباحة الكاملة التي تجاوزت كل الخطوط الحمراء في السلوك الإنساني المتعارف عليه، لذلك فإن السؤال الذي ينبغي أن يطرح بعد نصف عام من العدوان هو: ما الجرائم التي لم يرتكبها كيان الاحتلال الإسرائيلي.
فظائع جريمة مجمع الشفاء
لعل المقبرة الجماعية التي تم اكتشافها في مجمع الشفاء تعبير واضح عن الفاشية الصهيونية، فقد أشارت مصادر طبية إلى أن جثامين الأشخاص التي تم انتشالها من المقبرة كان الجيش الإسرائيلي أعدمهم ودفنهم بشكل غير منتظم في باحة المستشفى الأمامية.
وحسب عضو لجنة الطوارئ الصحية في وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، معتصم صلاح، الجثث التي تم العثور عليها جزء منها متحلل وجزء عبارة عن أشلاء وبعضها تعود لنساء.
وتابع: “جاري التعامل مع هذه الجثث من قبل لجنة مشتركة تضم وزارتي الصحة والعدل والأدلة الجنائية والخدمات الطبية في وزارة الداخلية الفلسطينية”، وقال أطباء وشهود عيان إن الفلسطينيين الذين عثر على جثامينهم أعدموا من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، وإن بينهم جرحى تم التعرف عليهم من قبل عائلاتهم، وأضاف المكتب الإعلامي في غزة إن «بعض الجثامين يظهر عليها بعض المستلزمات الطبية التي كانت مع المرضى».
وبالإضافة لهذه المقبرة فقد تم العثور على عشرات الجثث الأخرى المتحللة أو المحروقة أو المقطعة التي تم دفنها بشكل جماعي أو فردي في أنحاء مختلفة من ساحات مجمع الشفاء الطبي فيما لم تتمكن الجهات المختصة من تحديد العدد الدقيق للجثامين المدفونة في أرجاء المجمع الطبي، فيما تم انتشال جثامين 409 شهداء من مدينة خان يونس جنوب القطاع ومجمع الشفاء الطبي ومحيطه غرب مدينة غزة، بعد انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من المنطقتين.
من الجدير بالذكر، أنه لم تقتصر المقابر الجماعية على مجمع الشفاء، فقد عثر السكان في بيت لاهيا شمال القطاع على نحو 20 جثة متحللة دُفنت في مقبرة جماعية.
صمت يكفن الواقع المرير
أشارت حركة “حماس” إلى إن “المشاهد المروّعة للمقبرة الجماعية الجديدة التي تم اكتشافها، في إحدى باحات مجمع الشفاء الطبي، وتضم عدداً من جثامين الشهداء المتحللة، والتي قام الاحتلال بمواراتها تحت التراب قبل انسحابه من المجمّع؛ تؤكّد أنه لا حدود لهذه الفاشية الصهيونية المقيتة والمستمرة في ممارساتها، مستغلةً الصمت الدوليّ المُشين”.
وشددت الحركة، في بيان، لها أن “هذه السلسلة غير المنتهية من الفظائع، والتي تُكتَشَف في مجمع الشفاء الطبي ومحيطه من مقابر جماعية وآثار لحالات إعدام، ومئات الجثامين التي لا تزال تحت الأنقاض، والدمار الهائل الذي طال المجمع وأقسامه؛ هي برسم المجتمع الدولي ومؤسساته السياسية والإنسانية والقضائية وعلى رأسها محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية، كجرائم حربٍ موصوفةٍ وموثّقة”.
وفي ظل المطالبة بوقف المجازر والجرائم الصهيونية قالت حماس “المطلوب من المؤسسات الدولية أن تُفعِّل دورها بإخضاع قادة هذا الكيان المارق للمحاسبة فوراً”.
إلا أن نتنياهو وأعوانه العنصريين ومرتكبي الإبادة الجماعية لا يهتمون بجميع قرارات الأمم المتحدة وميثاقها والقانون الدولي الذي ينص على حق الشعوب في تقرير المصير، بل يجدون أنفسهم أكثر في الجملة التوراتية المرعبة "اذهب واضرب عماليق، وحرموا كل ما له ولا تعف عنهم، بل اقتل رجلا وامرأة طفلا ورضيعا بقرا وغنما جملا وحمارا".
تاريخ أسود يتستر خلف معاداة السامية
رغم المحاولات الصهيونية الحثيثة لإخفاء وطمس حقيقية المجازر التي تقترفها قواتها بشكل متكرر، إلا أن شواهد تاريخية كـ"المقابر الجماعية" وشهادات لعدد من الجنود الصهاينة ممن شاركوا في ارتكاب هذه الجرائم، ظلّت دليلاً دامغاً على وقوعها.
واليوم أصبحت معاداة الصهيونية وبالتالي معاداة السامية، سلاح الردع الهائل الذي تمتلكه حكومة الاحتلال الصهيوني وناقلاتها حول العالم، وهو الدرع التذكاري و"الأخلاقي" الذي يجيز لها أن ترتكب مجازر بلا إحصاء، ويسمح لها بتبرير ما لا يوصف دون اعتراض أو رد.
ما يدور اليوم على أرض فلسطين يستوجب استدعاء جرائم هتلر ضد اليهود في الفترة بين 1933 و1945، الذي فيه الكثير مما يمكن أن يقال في هذا الصدد عند مقارنة الفظائع التي ارتكبها النازيون، وحوسبوا عليها، وأخرى أكثر بشاعة ارتكبها الإسرائيليون ولم يحاسبوا عليها.
وربما كان من أقوى أوجه الشبه بين الاثنين، أن النازيين اتبعوا مع اليهود ما أطلقوا عليه سياسة «الحل النهائي» التي بمقتضاها كان يتم إطلاق النار على تجمعات اليهود، حيث وُجدوا؛ لقتل أكبر عدد منهم والخلاص منهم إلى الأبد، وذلك بالضبط ما فعله الإسرائيليون مع الفلسطينيين في غزة، ذلك أنه بعد تدمير المدن وترحيل سكانها، فإن القتل المباشر أصبح مصير كل تجمعٍ يظهر أو أفرادٍ يتحركون في مدى البصر، وهو ما يتولاه قنّاصة قوّات جيش الاحتلال الراجلة، والمسيّرات التي تحوم في الفضاء طول الوقت.
وكما أن النازيين أقاموا معسكرات اعتقال لليهود، فإن الإسرائيليين اعتبروا غزة والضفة الغربية بمثابة معسكرات اعتقال للفلسطينيين، وبينما أعطى النازيون اليهودَ حدًا أدنى من الثياب والطّعام، فقد ذهب الإسرائيليون إلى أبعد، فَنَزعوا عن الفلسطينيين ثيابهم ومنعوا عنهم الطعام والمياه والدواء والكهرباء، إلا أنه في هدمه للمعابد اليهودية، لم يلجأ هتلر إلى تدمير بيوت اليهود أو محو مدنهم، كما رأينا الاحتلال الإسرائيلي يسوّي بيوتَ الفلسطينيين بالأرض، ويدمّر طوال ستة أشهر كل مظاهر العمران في غزة.