الوقت - عقد يوم الأربعاء الماضي، مؤتمر إعلامي حول أسباب وتداعيات هجوم الکيان الصهيوني على قنصلية الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بحضور الدکتور سعد الله زارعي، الخبير البارز في قضايا المنطقة.
وقال زارعي في هذا اللقاء: إن الکيان الصهيوني كان لديه خطة لمثل هذه الأعمال منذ استشهاد السيد رضي، وللهروب من المأزق واصل عملياته الإرهابية في لبنان، وخاصةً في سوريا.
وأشار هذا الخبير البارز في القضايا الإقليمية، إلى أن الصهاينة حاولوا توسيع نطاق عملياتهم الإرهابية، وقد تم اتخاذ إجراءين مهمين في سوريا خلال الأسبوع الماضي؛ أولاً، الهجوم العنيف على منطقة حلب ومواقع حزب الله، والذي استشهد خلاله 7 أشخاص، وثانياً الهجوم على القنصلية الإيرانية بعد فترة وجيزة، ما أسفر عن استشهاد 7 إيرانيين و6 سوريين.
ومن خلال إثارة التساؤل حول ما إذا كانت هناك صلة بين التوقيت الحالي والإجراء الإسرائيلي، وما حدث في هذين الأسبوعين والذي دفع الکيان الإسرائيلي إلى الاستنتاج بأن اتخاذ هذه الإجراءات بقبول تعد مخاطرة كبيرة، قال الدکتور سعد الله زارعي: لقد تم اتخاذ خمسة إجراءات مهمة في هذا الصدد.
وأضاف في شرح هذه الإجراءات: رغم إعلان الإسرائيليين انتهاء العمل في شمال غزة قبل حوالي 3 أشهر، إلا أن حماس نفذت خلال الأسابيع الأخيرة 70 عملية عسكرية في شمال غزة، أسفرت عن مقتل أكثر من مئتي جندي إسرائيلي في أسبوع واحد، ونتيجةً لذلك، لا يملك الجيش الإسرائيلي سيطرةً حقيقيةً لا في الشمال ولا في الجنوب، واستيلاء الکيان الإسرائيلي علی منطقة ما لا يعني السيطرة عليها.
وتابع الدکتور زارعي: أما الحادث الثاني فهو أنه بتصميم من الإسرائيليين وبالتعاون مع الحكومات العربية، تابع فريق من منظمة السلطة الفلسطينية مسألة نقل السلطة من حماس إلى هذه المنظمة، ولکن تم اعتقال واحتجاز هذا الفريق من قبل حماس.
وذكر هذا الخبير في القضايا الإقليمية أن الحادثة الثالثة كانت مسألة إصدار قرار من مجلس الأمن، وأضاف: إن عدم استخدام حق النقض من قبل الغربيين لمصلحة الکيان الإسرائيلي، حمل رسالةً مفادها بأن الحرب يجب أن تنتهي، ولا توجد فرصة لنتنياهو وغالانت، رغم أن نهج الغربيين خبيث ودعمهم للکيان الصهيوني مستمر.
وفي شرحه للحدث الرابع وهو مفاوضات باريس 2، قال: منذ بداية شباط/فبراير، أجرى الأمريكيون محادثات مع الإسرائيليين وقطر ومصر منذ أشهر، كان محورها نزع سلاح المقاومة، ولم تكن المقاومة الفلسطينية متفائلةً، إذ أدركت أن هذه المفاوضات كانت لمساعدة الکيان الإسرائيلي لأغراض حربية، وأن شروط المقاومة كانت غير سارة للکيان، لأن الشرط يضعه الطرف الذي في موقع القوة، لذلك لم تتم الموافقة على شيء في مفاوضات باريس.
وتابع الدکتور سعد الله زارعي: وكان الحدث الأهم، هو زيارة قادة حماس والجهاد الإسلامي إلى إيران واجتماعاتهم في طهران مع المرشد الأعلى ورئيس الجمهورية ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة، کما أن وزير الخارجية الإيراني استقبلهم بشكل رسمي، وقد جرت مراسيم الاستقبال من قادة حماس والجهاد الإسلامي بشکل رسمي، وباعتبارهم رئيس دولة ومسؤولاً رسمياً وليس على مستوى قائد ورئيس حرکة.
وأضاف: الصورة التي تم نشرها هي أن الحرب قد انتهت بالنسبة للمقاومة، وأن تصرفات الکيان الإسرائيلي هي عناد قوة مهزومة.
وأشار الدکتور زارعي إلى أن الاحتجاجات التي اندلعت في الأراضي المحتلة بسبب الأسرى الإسرائيليين وملأت تل أبيب بحشد من المتظاهرين، هي الحادثة السادسة التي حدثت خلال الأسبوع الماضي، وأكد: أن بينيت وبيني غانتس ولابيد وأيزنكوت كانوا وراء هذه المظاهرة.
وأردف قائلاً: وخلقت هذه الأحداث مجتمعةً أجواءً مليئةً بالرعب، تجعل الأجواء هشةً بالنسبة لنتنياهو، ولهذا اختار الکيان الإسرائيلي خيار مهاجمة قوات إيران وحزب الله في سوريا لتغيير الأجواء.
وصرح الخبير البارز في قضايا غرب آسيا: من وجهة نظر الصهاينة، إن هذا الهجوم كان له بعض الإنجازات، أولها أنهم سيعتبرونه داخل الأراضي المحتلة كإنجاز بديل، أما الإنجاز الثاني من وجهة نظرهم، فهو أن هذا الهجوم يضعف محور دعم المقاومة، وخاصةً حزب الله، ويجبر إيران على الضغط على حماس للقبول بالشروط الإسرائيلية.
وأشار الدکتور سعد الله زارعي إلى مسألة إعادة بناء قوة الردع الإسرائيلية التي فقدها الکيان بعد حرب غزة، كسبب آخر لهذا الهجوم، وقال عن أسباب الضرر الذي لحق بقوة الردع لدی الكيان الصهيوني: لقد استهدف حزب الله الکيان الإسرائيلي وقواعده العسكرية، بما فيها قاعدة ميرون الاستخباراتية، ثلاث مرات في الأشهر الماضية، وكانت العمليات ضد القوات الإيرانية في سوريا تهدف إلى استعادة قوة الردع الإسرائيلية الفاشلة، ولذلك قبلوا المخاطرة.
وفي الجزء الأخير من کلمته، بشأن رد إيران على هجوم الکيان الصهيوني، ذكر أن السؤال الأساسي هو ما الذي يجب على إيران فعله، وتابع: هناك مشهدان، المشهد الأول هو مسألة وقف الحرب في غزة؛ وتتمثل الاستراتيجية الرئيسية لإيران في إنهاء الحرب التي بدأت في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر بهزيمة الکيان الإسرائيلي.
وأوضح الدکتور زارعي: يجب إجبار الکيان الإسرائيلي على الاعتراف بالهزيمة، فإذا تحقق ذلك فقد تم الرد باستشهاد قوات إيران وحزب الله وغزة، وقوى المقاومة الأخرى، وأضاف هذا الخبير البارز في شؤون المنطقة: المشهد الثاني هو الثأر لدماء الشهداء، والجمهورية الإسلامية هي ولي دم الشهداء.
كما تحدث الدکتور سعد الله زارعي في هذا اللقاء الإعلامي عن أسباب وتداعيات هجوم الکيان الصهيوني على القنصلية الإيرانية، ورداً على سؤال حول مكونات وكيفية الرد على الهجوم الأخير ومحاولة الکيان الصهيوني خلق انطباع بأن الردع الإيراني قد انهار، قال: "مفهوم الردع في تعريف إيران، هو أن أمريكا والکيان الإسرائيلي يجب ألا يستطيعا وقف تقدم إيران في المنطقة.
وأضاف: لقد طورت إيران حركات مناهضة لأمريكا ومعادية للکيان الإسرائيلي، ووسعت فكرة انسحاب أمريكا من المنطقة، وليس بالأمر الجديد أن تقدم إيران الشهداء في سبيل تقدم هذه السياسة، أي تغيير المنطقة لمصلحة الشعوب، ومؤشر الردع الإيراني هو القوة الضاربة لإخراج العدو من المنطقة.