الوقت- اقتحام الأقصى لم يقتصر في مهامه إلا في 7 أكتوبر، بل قد سجلت المقاومة الفلسطينية والإصرار الشجاع ونكران الذات للشعب الفلسطيني المظلوم معجزات عظيمة حتى اليوم، وهي إما لم يكن ممكنا في الظروف العادية أو يتطلب جهدا وتكاليف كبيرة، ورغم أن أمريكا حاولت تقديم نفسها كطرف محايد ووسيط ومانع من انتشار الحرب منذ اليوم الأول لهذه العاصفة، إلا أن كل تحركاتها العملية في دعم وإدارة الحرب الصهيونية والإجرامية ضد المقاومة وشعب غزة قد كشفت يدهم الإجرامية ونفاقهم، كما كشف تواطؤهم في كل الجرائم الصهيونية عن الوجه الحقيقي لأمريكا وشعاراتها الخادعة والمنافقة في تحدي الرأي العام العالمي، وخاصة الأمريكي، عشية الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
الاحتجاجات وانعدام الثقة في البيت الأبيض والحكام المنافقين ووسائل الإعلام الأمريكية لم تقتصر فقط على شوارع المدن الأمريكية ولندن والدول الأوروبية، بل حتى في خطاب بايدن ترتفع هذه الصرخات، لكن لا يزال يسمع من بايدن أنه هو يبذل كل جهوده للحد من الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني، وهذه التصريحات على ما يبدو ترخيص من نفسه لاستمرار الحرب والجريمة في غزة! كما ذهب بلينكن الصهيوني إلى تل أبيب لتنظيم خطة المرحلة الثالثة من الحرب في غزة وخطة إدارة غزة بعد الحرب مع القادة الصهاينة.
ولا يقتصر دعم الكيان الصهيوني من قبل أمريكا وبايدن على إرسال الذخيرة والأسلحة ومشاركة قوات كوماندوز خاصة (الدلتا)، بل إن الولايات المتحدة دخلت الحرب بالفعل ودافعت عن هذا الكيان رسميًا في اليمن ضد البحرية اليمنية، وفي العراق تقصف قوة عسكرية رسمية لهذا البلد، وبهذا تتخذ نهجا عسكريا في حماية الكيان، ورغم طبيعتها العدوانية وانتهاكها لسيادة اليمن والعراق ودول المنطقة إلا أنها تحاول حماية نفسها من النار التي تشعلها وتنشرها في المنطقة، ورغم أن الأمريكيين في العراق حاولوا خلال السنوات الماضية إظهار طبيعة تواجدهم كتحالف من أجل محاربة "داعش"، لكن في المفاوضات الأخيرة مع السلطات العراقية أعلنوا عن أن دورهم يقتصر على الدعم والاستشارة، لكنهم الآن، وبكل وقاحة وعلى لسان المتحدث باسم البنتاغون، يردون على المطلب القانوني للبرلمان والحكومة العراقيين بشكل مباشر، قائلين إنه ليس لديهم أي خطط لمغادرة العراق، وبالطبع فإن خطتهم الوحيدة في السنوات الماضية وحسب آخر التقارير التفصيلية هي تنظيم قدرات "داعش" المنهارة في سوريا والعراق، وأولويتهم الحالية هي زعزعة استقرار العراق، وخاصة في غرب العراق، وذلك لتبرير تواجدهم العسكري.
احترام القانون الدولي وقانون الحرب والقانون الإنساني وحقوق الإنسان والديمقراطية واحترام سيادة الدول، سقطت كل أقنعة النفاق لحكام أمريكا ولم يعد لها لون، وعلى الساحة العالمية والإقليمية فهم وقحون، إجراميون، عدوانيون، غير إنسانيين، وعنصريين، إنهم يعلنون أنهم يبذلون جهداً لمنع توسع حرب الإبادة الجماعية والعنصرية التي يشنها الصهاينة، ليس لغرض الحفاظ على الأمن والسلام الإقليمي والعالمي، بل لتوفير ظروف فردية للصهاينة ولأجل تواجد القوى الإرهابية الأمريكية والغربية من أجل تحقيق أهداف الإبادة الجماعية والهجرة القسرية في غزة في المرحلة الثالثة من الحرب وجعلها ممكنة واستكمالها بأقل التكاليف.
وإذا كان الرأي العام العالمي وبعض الدول قد أدرك حقيقة وجه وطبيعة أمريكا اليوم، فإن تفكير المقاومة، سواء على الساحة الإقليمية أو على الساحة العالمية، بأدواره، لا يزيل القناع من وجه أمريكا وعارها أكثر من أي وقت مضى ولكن مع اشتداد واستمرار واتساع رد الفعل على أمريكا والكيان الصهيوني، عدا عن الإحراج والفضيحة والإفلاس، سيفرض الهزيمة ليس فقط على نتنياهو والاحتلال الصهيوني، ولكن أيضًا على البيت الأبيض وبايدن.