الوقت- تتجلى جرائم انتهاك حقوق الصحفيين على يد "إسرائيل" كواحدة من القضايا الحقوقية الخطيرة والمستمرة في سياق النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ويشكل الصحفيون المحليون والدوليون روادًا أساسيين في نقل الحقيقة وكشف الأحداث في المنطقة، إلا أن هذا الدور الحيوي يتعرض باستمرار للتهديد والقتل والاستهداف من قبل القوات الإسرائيلية، وفي ظل ذلك قال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في كلمة مسجلة بمناسبة "يوم الوفاء للصحفي الفلسطيني" الذي يحل اليوم الأحد، إن أكثر من 100 صحفي قد فقدوا حياتهم كشهداء خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث كانوا يقومون بمهمة نقل حجم الجرائم والمجازر التي تمت بحق الشعب الفلسطيني، وأضاف هنية، قائلاً: "في يوم الوفاء للصحفي الفلسطيني، لا يسعني إلا أن أوجه تحية فخر واعتزاز واقتدار لكل الإعلاميين والصحفيين الفلسطينيين الذين يخاطرون بحياتهم من أجل نقل الصورة والحقيقة والبطولة والصمود لشعبنا ومقاومتنا، ولنقل حجم الجرائم والمجازر الوحشية والبشعة التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني ضد شعبنا الفلسطيني".
جرائم لإسكات الصحفيين
تندرج جرائم انتهاك حقوق الصحفيين تحت سقف أعمال عسكرية لـ "إسرائيل"، حيث يُعد توثيق الصحفيين للأحداث ونقلهم للصورة الكاملة لما يحدث على الأرض تحت إطار محوري، وتتنوع هذه الجرائم بين قتل وإصابة مباشرة للصحفيين، وتدمير للبنية الإعلامية، واعتقال تعسفي، ومضايقات متكررة، و يُعد قتل وإصابة الصحفيين الفلسطينيين جزءًا مروعًا من هذا السياق، حيث يتم استهدافهم عن كثب خلال تغطيتهم للمظاهرات أو الأحداث الحساسة، وتكمن خطورة هذه الجرائم في أنها لا تقتصر على المساس بحقوق الفرد الصحفي، بل تُلحق أيضًا أضرارًا هائلة بحق حرية التعبير والصحافة، وبالتالي تؤثر بشكل كبير على قدرة الجمهور على الوصول إلى المعلومات الحقيقية والموثوقة، ويعد تسليط الضوء على هذه القضية ضروريًا لفهم التحديات التي يواجهها الصحفيون في المنطقة، وللضغط من أجل حماية حقوقهم وتعزيز دورهم الحيوي في نقل الحقيقة وتسليط الضوء على الظلم والاضطهاد.
وهذا ما دفع هنية للحديث أن "أكثر من 100 صحفي ارتقوا شهداء في عدوان الصهاينة على غزة وهم في الميدان، صورة وكلمة ممهورة بدم الشهادة والشهداء، تحية لكم في الخالدين، تحية لكم وأنتم في الميدان، تحية لكم وأنتم تؤدون الواجب وتقومون بكل ما يجب"، ووفقًا لإحصائية المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، بلغ عدد شهداء الصحافة 106 شهداء، حيث ارتقوا باستهداف الاحتلال للأطقم الإعلامية ومنازل الصحفيين، فيما أفادت حركة حماس في بيان صادر اليوم الأحد، بمناسبة "يوم الوفاء للصحفي الفلسطيني"، بأن هذه المناسبة تعتبر وطنية مهمة، و تُعد اعترافًا وتقديرًا لأبطال الصحفيين الفدائيين الذين يقفون حاليا في خندق معركة شعبهم البطولية "طوفان الأقصى" في قطاع غزة.
ولا شك أن الصحفيين يشاركون في تحمل آلام وآمال وتطلعات شعبهم، ويتحملون نفس الوجع والضيم والقتل والتهجير، نتيجة للعدوان النازي المستمر الذي استمر لنحو ثلاثة أشهر، وفقًا لما نقله المركز الفلسطيني للإعلام، وأن هذا الاحتلال النازي أصبح العدو الأبرز والأخطر على الصحافة والصحفيين في فلسطين، إذ كانوا الوسيلة البارزة والكاشفة عن جرائمه وأعمال الإرهاب والعدوان على شعبهم وأرضهم ومقدساتهم، ونفّذ عدد من الصحفيين العالميين في قطاع غزّة، وكذلك الإعلاميين في المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع، وقفة ظهر اليوم الأحد، احتفالًا بيوم الوفاء للصحفي الفلسطيني، ووفقًا للمركز الفلسطيني للإعلام، قتلت إسرائيل 106 صحفيين فلسطينيين وأصابت عشرات الصحفيين الآخرين، وذلك بالإضافة إلى قتل العديد من أفراد عائلات الصحفيين، في محاولة لترهيبهم وإسكات صوتهم.
نقل الرواية الفلسطينيّة
يأتي احتفال يوم الوفاء للصحفي الفلسطيني في اليوم الـ31 من ديسمبر/كانون الأول، حيث يعتبر هذا اليوم تقليدًا بدأ في عام 2010، استنادًا إلى قرار الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة، بهدف تكريم دور الصحفي الفلسطيني في نقل الرواية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال وتعزيز قيم حرية التعبير، ودور الصحفيين في كشف الحقائق لا يقتصر على نقل الأحداث بل يتعدى ذلك ليمتد إلى البحث والتحقيق وتقديم تقارير تعكس الواقع بدقة وشفافية.
وبعض النقاط التي تبرز أهمية دور الصحفيين في كشف الحقائق هي توفير المعلومات حيثيقوم الصحفيون بدور أساسي في توفير المعلومات ونقل الأحداث الجارية إلى الجمهور، وبذلك يكونون جسرًا بين الحقيقة والمتلقين، حيث يتيحون للناس الوصول إلى معلومات موثوقة ومحايدة، ويعتبر التحقيق الصحفي جزءًا أساسيًا من دور الصحفيين في كشف الحقائق، يقومون بالتحقيق في القضايا المعقدة والحساسة للكشف عن الجوانب الخفية والتلاعب، ما يسهم في فهم أعمق للموضوع، كما يلعب الصحفيون دورًا حيويًا في رصد السلطة ومراقبتها، ويساهمون في الكشف عن فساد الحكومات والمؤسسات وضمان تحقيق الشفافية والمساءلة.
ويساعد دور الصحفيين في نقل المعلومات على توعية الجمهور بالقضايا المهمة وتشكيل آرائهم، حيث يساهمون في إثراء الحوار العام حول المسائل الاجتماعية والسياسية، ويلعب الصحفيون دورًا حيويًا في حماية حقوق الإنسان من خلال توثيق الانتهاكات والظلم، وكشف الحقائق المرتبطة بالانتهاكات والتجاوزات، ويقوم الصحفيون برصد وتوثيق القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وبالتالي يلعبون دورًا مهما في دعم التغيير والتحسين في المجتمع، ويقاوم الصحفيون التضليل ويسعون لتصحيح المعلومات الخاطئة، وبالتالي يحققون مصلحة الجمهور بالتحقيق في الحقائق الصحيحة، ويشجع دور الصحفيين على الحوار والنقاش العام، ويعزز فهم الجمهور للقضايا المهمة، ما يسهم في تعزيز وتطوير الديمقراطية.
ويعتبر دور الصحفيين في كشف الحقائق حجر الزاوية في بناء المجتمعات الديمقراطية والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، حيث يلعب الصحفيون دورًا حيويًا في دعم الديمقراطية وضمان مساءلة “إسرائيل” عن أفعالها، إنهم بمثابة هيئات رقابية، يفضحون الفساد، وانتهاكات حقوق الإنسان، وغيرها من انتهاكات السلطة، ومن خلال قيامهم بذلك، فإنهم غالبًا ما يواجهون الانتقام من “إسرائيل” والمصالح القوية، بما في ذلك التهديدات والسجن وحتى الموت، ولقد لعب الصحفيون دوراً حاسماً في تسليط الضوء على الجرائم الحكومية للكيان التي كانت ستظل مخفية عن الرأي العام، وكشفت تحقيقاتهم عن فظائع مثل جرائم الحرب والإبادة الجماعية وبرامج المراقبة الجماعية، كما سلطت الضوء على الفساد والاختلاس والأشكال الأخرى من المخالفات المالية التي يرتكبها المسؤولون الحكوميون.
وإن السعي وراء الحقيقة لا يخلو من المخاطر، غالبًا ما يواجه الصحفيون الذين يفضحون مخالفات الحكومة الترهيب والمضايقة والعنف، حتى أن البعض قُتلوا بسبب عملهم، لقد ضحى العديد من الصحفيين بحياتهم من أجل قضية الحقيقة، وعلى الرغم من المخاطر، يواصل العديد من الصحفيين كشف المخالفات الحكومية دون خوف، وإن تفانيهم في سبيل الحقيقة أمر ضروري لدعم الديمقراطية وضمان مساءلة “إسرائيل” أمام العالم، وإن تضحيات الصحفيين الذين ماتوا من أجل عملهم هي بمثابة تذكير بأهمية هذه المهنة.
وفي السنوات الأخيرة، لعبت التكنولوجيا دورًا مهمًا في تضخيم أصوات الصحفيين وفضح الانتهاكات الإسرائيليّة، لقد وفرت منصات وسائل التواصل الاجتماعي أداة قوية لنشر المعلومات وتعبئة الرأي العام، ومع ذلك، استخدمت “إسرائيل” أيضًا التكنولوجيا لمراقبة الصحفيين وإسكات الأصوات المعارضة، ومن أجل حماية الصحفيين ودعم حرية الصحافة، يجب محاسبة “إسرائيل” على جرائمها بحق الصحفيين واتخاذ خطوات دولية ملموسة للتصدي للتهديدات التي يواجهها الصحفيون، ويشمل ذلك تطبيق قوانين قوية ضد العنف والترهيب، وتوفير الأمن الكافي للصحفيين، ودعم وسائل الإعلام المستقلة.
الخاتمة، يلعب الصحفيون دورًا حيويًا في حماية حقوق الفلسطينيين وضمان مساءلة “إسرائيل” عن أفعالها، وإن شجاعتهم وتفانيهم في البحث عن الحقيقة أمران ضروريان لخلق عالم أكثر عدلاً وإنصافًا، ويجب أن نستمر في دعم الصحفيين ودعم حقهم في الإبلاغ بحرية دون خوف من الانتقام، أو الرصاص الإسرائيليّ.